هزيمة انتخابية تخلخل تموقع العدالة والتنمية المغربي وتحالفاته المقبلة

مني حزب العدالة والتنمية المغربي بالهزيمة في انتخابات جزئية جرت الخميس الماضي، حيث قطعت أحزاب الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية، وكل من حزبي المعارضة الاستقلال والأصالة والمعاصرة، الطريق على مرشحيه بجهات الشرق والجنوب وكذلك جهة درعة تافيلالت، سوس ماسة، وذلك بفارق أصوات كبيرة.

ونال حزب الاتحاد الاشتراكي المرتبة الأولى بعد حصوله على 584 صوتا، مقابل 105 أصوات حاز عليها مرشح العدالة والتنمية في الانتخابات الجزئية التي عرفتها جهة كلميم واد نون لأجل ملء المقعد الشاغر بمجلس المستشارين.

وتنبئ النتائج الانتخابية بحالة من اللايقين تدب في أوصال القيادات الجهوية للعدالة والتنمية من نتائج الاستحقاقات القادمة إذا ما تحالفت تلك الأحزاب إلى جانب التجمع الوطني للأحرار، ضد تنظيمهم السياسي.

وأكد إسماعيل زوكار، الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة الشرق، أن مشاركة حزبه في الانتخابات الجزئية، من أجل ملء المقعد الشاغر بمجلس المستشارين “كانت سياسية بالدرجة الأولى”، مؤكدا أن هذه “المشاركة لم تكن لأجل الظفر بمقعد انتخابي لمعرفته المسبقة بالنتائج التي تخضع لمنطق الاصطفاف والتحالف بين المكونات الحزبية بناء على أهداف معينة”.

ويعتقد مراقبون أن تراجع تموقع العدالة والتنمية تؤكده العديد من المؤشرات منها الانتخابات الجزئية الأخيرة، وتعكسه حدة الانتقادات الموجهة إلى الحكومة بقيادة الحزب الإسلامي، وهذه قرينة تؤكد تراجع شعبية الحزب وما ستكشفه الاستحقاقات المقبلة.

وكان من المقرر أن يتم إجراء انتخابات جزئية خاصة لثلاثة مقاعد مرتبطة بمجلس المستشارين، في مارس الماضي، لكن وزارة الداخلية قررت تأجيل هذه الانتخابات لشهر يونيو الجاري، بسبب انتشار جائحة فايروس كورونا بالبلاد، ويتعلق الأمر بمقعد مرتبط بقطاع الفلاحة، ومقعدين مرتبطين بالجماعات المحلية.

وقد حلّ أحميدة المحجوبي، المنتمي إلى العدالة والتنمية في المرتبة الثالثة في الانتخابات الجزئية لملء مقعد شاغر بمجلس المستشارين، التي جرت بجهة الشرق التي فاز فيها عبدالله أوشن، عن الحركة الشعبية، فيما نال المرتبة الثانية أحمد الصبحي عن حزب الاستقلال.

وهناك من يتعاطف مع الحزب من منظور تبنيه نظرية المؤامرة متجاهلا منطق الواقعية السياسية التي تقر بأخطاء العدالة والتنمية باعتباره حزبا كباقي الأحزاب يبحث عن الفوز في العملية السياسية، وربح المواقع الانتخابية واهتم بتغليب نظرته الأيديولوجية في الممارسة والسلوك.

الاتحاد الاشتراكي نال المرتبة الأولى بعد حصوله على 584 صوتا، مقابل 105 أصوات حاز عليها مرشح العدالة والتنمية

وأشار رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري، لـ”أخبارنا الجالية ”، أن “العدالة والتنمية بعد هذه النتائج اتخذ من نظرية المؤامرة نهجا ثابتا للدفاع عن هزيمته، لكون عقيدته لا تنبني على التحليل العلمي للواقع الملموس ولا يملك مشروعا اقتصاديا أو سياسيا متكاملا من غير الرغبة الجامحة للبقاء في السلطة التي باتت غاية وليس وسيلة”.

وعلى ضوء النتائج الجزئية الأخيرة، يبدو أنّ حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، يتنافسان في اتجاه تأسيس تحالف مع عدد من الأحزاب منها الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية وربما الاستقلال المعارض، بهدف محاصرة مرشحي العدالة والتنمية في الدوائر الانتخابية التي ينشط بها الحزب الإسلامي، وقد دعم الأحرار مرشحي الاتحاد الاشتراكي في عدد من الاستحقاقات الجزئية منها.

ويرى مراقبون أن تسيير العدالة والتنمية لعدد من الملفات الاجتماعية والاقتصادية بشكل سلبي أثّر على طبيعة تحالفاته داخل وخارج الحكومة.

لكن القيادي بالعدالة والتنمية إسماعيل زوكار، أراد التقليل من هذا المعطى الهام مؤكدا أن “الحزب يعقد تحالفاته مع باقي الكتل السياسية والحزبية بناء على برامج واضحة”.

وحسب المتابعين تأتي هزيمة العدالة والتنمية بجهة الشرق، نتيجة طبيعية للحالة التنظيمية السيئة بالجهة عامة، بعدما أقدمت الأمانة العامة للحزب على حل فرع الحزب بإقليم وجدة، وطرد العشرات من الأعضاء بسبب ما اعتبرته اختلالات تنظيمية.

وللتغطية على هزيمة الحزب يروّج إسماعيل زوكار، إلى فكرة الشفافية كتبرير سياسي هدفه استرضاء قواعد الحزب، عندما أكد أن أعضاء الحزب خاضوا حملة انتخابية نظيفة وبوجه مكشوف، قوامها التواصل الجيد مع المستشارين في الجماعات الترابية في احترام تام لعقولهم وكرامتهم، وتمكنوا بفضل نظافة اليد والالتزام، من تحصين أصوت منتخبي العدالة والتنمية.

ويذهب بعض المراقبين بالقول إن هذه الانتخابات جزئية وتتعلق بهيئة ناخبة محددة ومحدودة لا علاقة لها بالاستحقاقات العادية، كمدخل لقول إن الحزب ليس مهددا في تموقعه الانتخابي المقبل، وهذا الأمر حسب عدد من الفقهاء الدستوريين ليس معيارا لتحديد التحالفات الحزبية المقبلة التي تؤثر في الخارطة الانتخابية.

ويخلص مراقبون أنه بعد ولايتين حكوميتين بقيادة حزب العدالة والتنمية، يتضح أن هذا الحزب فشل في الإبقاء على خط تحالفاته الحزبية وشعبيته في المستوى المطلوب ليس فقط لاعتبارات انتخابية بل أيضا لأسباب تنظيمية، فتزايد غضب الشباب داخل الحزب من سياسة التهميش له والاستقطاب الواضح بين قيادات الصف الأول والثاني حول طريقة تسيير مرحلة ما بعد عبدالإله بنكيران الذي ساهم في التشويش الحاصل لدى القواعد والمتحالفين مع الحزب والمتعاطفين معه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: