الرباط تستعد لإطلاق صندوق استثماري لدعم التنمية المستدامة

كشفت الحكومة المغربية عن قرب إنشاء صندوق استثماري لما بعد الوباء هدفه المساعدة على تنشيط الاقتصاد ودعم سوق العمل على غرار الصندوق المتعلق بمواجهة تداعيات كورونا، الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس مع بداية الأزمة.

 أعلن المغرب أنه بصدد النظر في مقترح لإطلاق كيان سيقدم دعما للشركات، التي دخلت في ركود بسبب أزمة جائحة كورونا لمساعدتها على تحقيق “الإقلاع الاقتصادي” تدريجيا.

وتسعى الحكومة إلى إعادة تحريك دواليب الاقتصاد عبر دعم الشركات المتضررة، خاصة في القطاعات الإستراتيجية، لاسيما من خلال آليات الضمان وإقرار دعم خاص لبعض القطاعات المتضررة كالسياحة والأنشطة المرتبطة بها.

وقال رئيس الحكومة سعدالدين العثماني إن “الصندوق يهدف إلى توفير بيئة ملائمة للإقلاع الاقتصادي بتسريع الإصلاحات المتعلقة بإدماج الاقتصاد غير المهيكل في الدورة الرسمية وتبسيط الإجراءات الإدارية ورقمنة الإدارة وتثبيت اللامركزية”. ومن المنتظر أن يبت في تمويل الصندوق وآليات اشتغاله خلال الفترة القليلة المقبلة ضمن الخطوط العريضة لقانون المالية التعديلي.

سعدالدين العثماني: الصندوق سيوفر بيئة أعمال ملائمة لما بعد كورونا

واقترح الاتحاد العام للمقاولات والمهن، الذي يضم في عضويته شركات ومهنيين من مختلف القطاعات، إنشاء الصندوق برأسمال يبلغ مليار درهم (100 مليون دولار).

وتتمحور مهمة هذا الكيان الجديد حول الاستثمار في الشركات الصغيرة جداً في القطاع الإنتاجي، التي تُعاني من نقص الأصول، وبالتالي غير مؤهلة للحصول على تمويل مصرفي.

ويرى خبراء الاتحاد أن استثمارات هذا الصندوق يجب أن تتم على مرحلة تمتد إلى خمس سنوات كحد أقصى لدعم استدامة النشاط والعودة إلى مسار النمو.

ويؤكد العثماني أن الصندوق الاستثماري سيعزز خطة إنعاش الاقتصاد المحلي، التي ستتضمن في جزء منها مواصلة الدعم والمواكبة الضرورية لفائدة مختلف أصناف الشركات المتضررة وخصوصا الصغرى والمتوسطة.

كما سيتم توفير آليات ضمان لفائدة المؤسسات وشركات القطاع العام، التي تضررت من جراء الجائحة، وإعطاء ديناميكية جديدة لـ”برنامج انطلاقة” لدعم مشروعات الشباب.وكانت إيرادات الصندوق الخاص بكورونا قد بلغت حتى مايو الماضي ما مجموعه 33 مليار درهم (3.42 مليار دولار) بينما بلغت نفقاته نحو 15 مليار درهم (1.55 مليار دولار)، حيث نجح الصندوق في توفير السيولة المالية لمواجهة التداعيات الصحية والاجتماعية.

وهناك مقترحات بتوجيه صندوق الحسن الثاني للتنمية وصندوق الإيداع والتدبير وصندوق الضمان المركزي وغيرها من الصناديق وبمشاركة القطاع الخاص لإحداث صندوق استثماري لما بعد كورونا.

ويتوقع أن تدخل هذه الصناديق في شراكة مع بعض المنظمات المالية الدولية المتخصصة في التمويل، مثل شركة التمويل الدولية أو البنك الأوروبي للاستثمار، من خلال المساهمة في رأس المال لتقديم الدعم لرأسمال هذه الشركات وتمويل الاستثمار العام.

واقترح البرلماني لحسن حداد إحداث صندوق لتشجيع المستوردين للبضائع الأجنبية على الاستثمار في وحدات محلية لصناعة نفس المنتجات. وقال إن “الخروج من الحجر الصحي يقتضي دعم نسيج المشاريع وإعطاء دفعة قوية للاقتصاد وتمكين النشاط الاقتصادي من استرجاع عافيته”.

يأتي ذلك بينما دعا حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، إلى إنشاء صندوق خاص بالتنمية الصناعية تكون مهمته مواكبة الشركات العاملة بالقطاع لاسترجاع إيقاعها الإنتاجي لما قبل الأزمة وتطوير التكنولوجيا المعتمدة وتشجيع الإدماج القطاعي ورفع التنافسية.

وبحسب مقترح الحزب، يجب أن يستهدف الصندوق في المقام الأول الصناعات المحلية التي بإمكانها أن تساعد بسرعة في تحقيق إدماج قطاعي قوي، وكذلك الصناعات الموجهة للاستهلاك الداخلي والتي تعطي قيمة مضافة وتقلص الحاجة إلى الاستيراد، بما سيخفف العجز التجاري.

الصندوق يهدف إلى توفير بيئة ملائمة للإقلاع الاقتصادي بتسريع الإصلاحات المتعلقة بإدماج الاقتصاد غير المهيكل في الدورة الرسمية وتبسيط الإجراءات الإدارية ورقمنة الإدارة وتثبيت اللامركزية

في المقابل، دعا نواب العدالة والتنمية إلى إنشاء صندوق استثماري بمساهمة كل من الدولة وبعض المؤسسات الحكومية. كما طالبوا بإنشاء بنك متخصص للشركات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا لأنها ستعاني من مشاكل اقتصادية مرتبطة بتآكل رأس المال والموارد الذاتية بسبب وطأة الديون المتراكمة جراء الأزمة الصحية.

وتعول الحكومة على مواصلة الاستقرار الاجتماعي عبر القدرة الشرائية للمواطنين من خلال الحفاظ على فرص العمل مع تعزيز آليات الدعم الاجتماعي لصالح الفئات الهشة والمتضررة.

وشددت وزارة الاقتصاد على ضرورة تحفيز الطلب عبر تشجيع الاستهلاك والحرص على استقرار الاستثمار العام وتوطيده من خلال آليات مبتكرة، لكونه أداة محورية ولتأثيره المضاعَف على النمو، مع الحرص على تدبيره بطرق فعالة لتشجيع المنتجات المحلية والحد من الواردات.

وفي مسعى لمعاضدة جهود الحكومة، خفض بنك المغرب المركزي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس ليصل إلى 1.5 في المئة، وهو ثاني خفض هذا العام، بعد أن قرر في منتصف مارس الماضي خفضه بواقع 25 نقطة أساس ليصبح عند اثنين في المئة.

وقال البنك المركزي في بيان إن “هذا الإجراء سيساهم إلى جانب الخطوات التي اتخذتها الحكومة، في التخفيف من حدة تداعيات جائحة كورونا، ودعم الاقتصاد المحلي”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: