متاجر بريطانيا تبدأ في نفض غبار الوباء

شكك قطاع البيع بالتجزئة في بريطانيا في احتمال تسجيل عودة سريعة لنشاط المتاجر بسبب القيود الحكومية، التي لا تزال مفروضة على البعض منها فضلا عن التدابير الصحية الخاصة للمستهلكين، كون القطاع يحمل أهمية كبيرة لاقتصاد المملكة المتحدة.

استأنفت بعض متاجر إنجلترا نشاطها الاثنين مع بدء مرحلة جديدة من رفع العزل في المملكة المتحدة، تحمل أهمية كبيرة لاقتصاد البلاد المتضرر بشدة من تداعيات الوباء، وسط مخاوف من انتعاشة بطيئة للقطاع.

ولم تبق إلا المتاجر التي تعتبر أساسية مثل محلات المواد الغذائية والصيدليات، مفتوحةً خلال فترة العزل التي بدأت أواخر مارس الماضي من أجل احتواء تفشي الوباء.

وحذرت هيلين ديكنسون الرئيسة التنفيذية لكونسورتيوم قطاع التجزئة البريطاني من أن فتح متاجر السلع غير الضرورية من المستبعد أن ينعش على الفور متاجر التجزئة التي تعرضت لضغوط هائلة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

ونسبت وكالة رويترز لديكنسون قولها الاثنين إن “ضعف ثقة المستهلكين والقيود على عدد الأفراد الذين يمكنهم زيارة المتجر يعني أن الكثير من المتاجر ستعاني بسبب قلة عدد المترددين عليها ومبيعات أقل لبعض الوقت مستقبلا”.

وتظهر أرقام الكونسورتيوم أن أعداد المتسوقين في مايو الماضي، قلت بنسبة 81.6 في المئة عن الشهر ذاته قبل عام مع استمرار إغلاق معظم المتاجر غير الغذائية نتيجة لإجراءات مكافحة فايروس كورونا.

وأشارت إلى أن التردد على المتاجر أظهر تحسنا طفيفا من تراجع نسبته 84.7 في المئة في أبريل الماضي، في ظل إعادة فتح بعض المتاجر مثل مراكز البستنة ومحال الأدوات المنزلية في مايو.

هيلين ديكنسون: من المستبعد أن تنتعش متاجر التجزئة على الفور

وتوظف متاجر التجزئة غير الأساسية 1.3 مليون شخص وتضخ حوالي 46.4 مليار جنيه إسترليني كل عام في اقتصاد البلاد. ولن تفتح المحلات إلا في إنجلترا، إذ اعتمدت الأقاليم الأخرى، وهي اسكتلندا وإيرلندا الشمالية وويلز مواعيد مختلفة لرفع العزل.

وبدأت الحكومة بتخفيف القيود في إنجلترا مع ملاحظة تسجيل تراجع في أعداد الوفيات والحالات التي تستدعي الاستشفاء، وسمحت منذ مطلع يونيو الجاري بفتح جزئي للمدارس، وكذلك الأسواق في الهواء الطلق وشركات بيع السيارات.

وفتحت المتاجر التي تبيع الثياب والكتب والمعدات الإلكترونية أبوابها، فضلاً عن حدائق الحيوانات وحدائق السفاري ودور السينما في الهواء الطلق وأماكن العبادة لكن فقط للصلاة بشكل فردي.

وأصبح وضع الكمامات إلزامياً في وسائل النقل العام، لكنه غير إلزامي في المتاجر. ومع ذلك، كان لا بد على المتاجر أن تفرض تدابير لضمان سلامة الموظفين والزبائن، كالتنظيف المتكرر لمواقعها ووضع علامات على الأرضيات تحثّ الناس على الحفاظ على مسافة في ما بينهم.

وأعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون لوسائل الإعلام خلال زيارة الأحد الماضي، لمركز تجاري في شرق لندن، حيث ألقى نظرة على التدابير المعمول بها، يمكن للناس أن “يتسوقوا بكلّ طمأنينة”.

وفيما لا تزال توصيات الحفاظ على مسافة مترين بين كل شخص قائمة، تدرس الحكومة إمكانية تخفيض هذه المسافة من أجل إعطاء دفع للحانات والفنادق والمطاعم التي من المقرر أن تفتح أبوابها مطلع يوليو المقبل.

ومشيراً إلى انخفاض عدد الإصابات، اعتبر جونسون أن ذلك يعطي “هامشاً إضافياً للمناورة” في تخفيف القيود. وفي الشوارع التجارية الرئيسية في وسط لندن، وسعت بعض الأرصفة كما وضعت عبوات معقمات ليستخدمها الزبائن.

ويبقى على السياح الانتظار قبل العودة إلى شارع أوكسفورد أو شارع ريجنت، وهما اللذان يشكلان مقصداً أساسياً عادة.

ومنذ الثامن من يونيو الجاري بات على كافة المسافرين الواصلين إلى المملكة المتحدة، مع بعض الاستثناءات، أن يلزموا فترة حجر مدتها 14 يوماً، في تدبير يثير استياء قطاع السياحة والسفر.

وقال جايس تيريل، مدير شركة نيو وست إند، التي تضم 600 تاجر وأصحاب مطاعم وفنادق وملاك أبينة في وسط لندن، لوكالة الصحافة الفرنسية “أعتقد أن العودة إلى الوضع الطبيعي ستتطلب وقتاً”.

وأضاف “نتطلع لاستقبال زوارنا الدوليين، ربما خلال أشهر أو العام المقبل، لكن أولويتنا الآن هي لعودة زبائننا المحليين، سكان لندن”.

توظف متاجر التجزئة غير الأساسية 1.3 مليون شخص وتضخ حوالي 46.4 مليار جنيه إسترليني كل عام في اقتصاد البلاد

ويحمل فتح المتاجر أهمية كبيرة لاقتصاد المملكة المتحدة، الذي تضرر بشدة جراء تداعيات الجائحة، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 20.4 في المئة في أبريل الماضي، الشهر الأول الذي طبق فيه العزل التام، وذلك مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وأعلن المكتب الوطني للإحصاءات الجمعة الماضي إنه تراجع قياسي جاء بعد انخفاض نسبته 5.8 في المئة في إجمالي الناتج الداخلي في مارس الماضي.

وقال خبير الإحصاء في المكتب جوناثان أثاو إن “انخفاض إجمالي الناتج الداخلي في أبريل هو الأكبر الذي يسجل في المملكة المتحدة، وأكبر بثلاث مرات من الشهر الماضي وبعشر مرات من التراجع الذي سجل في بداية الوباء”.

وأضاف “باختصار سجل الاقتصاد البريطاني انكماشا نسبته نحو 25 في المئة في أبريل بالمقارنة مع فبراير”. وأوضح المحلل في كابيتال إيكونوميكس أندرو ويشارت أن صدمة كهذه أقوى من تلك التي حدثت خلال “الكساد الكبير” والأزمة المالية في 2008.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: