مبادرات ملكية مغربية لمواجهة جائحة كورونا في أفريقيا

تعميقا للتعاون العميق القائم بين المغرب ودول القارة الأفريقية أصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس تعليمات بإرسال مساعدات طبية إلى عدة دول أفريقية، من أجل دعم تدابيرها الرامية إلى النجاح في التصدي لجائحة كورونا.

وتهدف المساعدة المغربية إلى مواكبة الدول الأفريقية في ما تقوم به من جهود ضد كوفيد – 19، حيث أن جميع المنتجات والمعدات الواقية المكونة للمساعدات الطبية المرسلة صوب البلدان الأفريقية تم تصنيعها في المملكة، من طرف مقاولات مغربية، وهي مطابقة لمعايير المنظمة العالمية للصحة.

وتشمل المساعدات، وفق وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي، حوالي 8 ملايين كمامة و900 ألف غطاء للرأس و60 ألف سترة طبية، زيادة على 30 ألف لتر من المطهرات الكحولية و75 ألف علبة من “كلوروكين” و15 ألفا من “أزيتروميسين”.

وأكد الأكاديمي والمحلل السياسي محمد بودن، أن المبادرة الملكية بإرسال مساعدات طبية إلى عدة دول أفريقية في ظرفية صعبة تعكس اختيارا مغربيا راسخا لسبيل التضامن بالقول والفعل والمساهمة البناءة والمشاركة الفعالة، كما تنسجم مع الأهداف التي يرتكز عليها المغرب داخل عمقه الأفريقي.

كما شدد محمد بودن، على أن المبادرة تأتي متممة للانخراط في تسريع جهود التكامل والاندماج وتعزيز السلم والأمن والمساهمة البناءة في عملية الإصلاح المؤسسي والمالي للاتحاد الأفريقي، مضيفا أن العلامة المغربية للمواد الطبية المكونة للمساعدات تمثل تجسيدا عمليا لهذا الهدف وتكريسا لأهمية اعتماد القارة على ذاتها. وتهم شحنات المساعدات التي أمر بها الملك محمد السادس، 15 دولة في القارة الأفريقية منها موريتانيا والسنغال وجزر القمر والنيجر وتشاد، إلى جانب بوركينافاسو والكامرون والكونغو وإسواتيني، وغينيا وملاوي والكونغو الديمقراطية، وغينيا بيساو وتنزانيا وزامبيا.

وفي إطار حرص المغرب على تأمين القارة الأفريقية من تداعيات وباء كورونا، دعا السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الاتحاد الأفريقي واللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة محمد عروشي، الخميس، بأديس أبابا، إلى إحداث منصة للخبراء الأفارقة تعنى بمكافحة الأوبئة قصد تمكين القارة من مواجهة التحديات الصحية المستقبلية.

وفيما يتعلق بموضوع التعاون المغربي الأفريقي خلال هذه الأزمة الصحية، شدد محسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج على ضرورة مواصلة التكامل الإقليمي من أجل تأمين الإمدادات لقطاعات معينة لبعض مجالات الأعمال التي تتعلق بالنشاط الطبي والاقتصادي والتجاري، موضحا أن البلدان الأفريقية مجبرة على تعزيز آليات التضامن وتنظيم طريقة عملنا وحياتنا بالاعتماد على شركائها التقليديين.

المساعدة المغربية لأفريقيا: 8 ملايين كمامة و900 ألف غطاء للرأس و60 ألف سترة طبية

وفي سياق مبادرات الملك محمد السادس المتعددة خلال قمة العمل الأفريقية، ألح محمد عروشي على ضرورة اتخاذ إجراءات لتخفيف الأثر الإنساني لكوفيد – 19 على الفئات الأكثر هشاشة، لاسيما النساء والأطفال، من خلال التأكيد على الحاجة إلى إنشاء قاعدة بيانات للإحصاءات متعلقة باللاجئين والنازحين والمهاجرين وتجنب أي استغلال لهذه الفئات الهشة لأغراض سياسية.

وتمثل المبادرات الملكية المتعددة تأكيدا على الارتباط الوثيق والعضوي بين المملكة المغربية والقارة الأفريقية وأنه ليس قصيرا أو ظرفيا، يقول الأكاديمي والمحلل السياسي، محمد بودن، كما أنها مؤشر واضح على الدور الريادي للمغرب والعمل التضامني الذي كان دائما ضمن محاور السياسة الأفريقية للمغرب التي ترتكز على المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للقارة. ويأتي هذا القرار أياما قليلة من أمر الملك محمد السادس بالتعليمات نفسها لصالح موريتانيا، الجمعة، وذلك بإرسال طائرة خاصة محملة بالمساعدات الطبية إسهاما من المغرب في دعم معركة موريتانيا ضد تفشي وباء كورونا، حيث أشاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بهذا “الدعم الهام الذي يعبر بطبيعته وتوقيته عن متانة العلاقات المميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين”.

وتعليقا على هذه المبادرة، أكد محمد بودن، أن المغرب ملتزم دائما بحسن الجوار مع موريتانيا والمبادرة الملكية دليل واضح على ذلك، مما لا شك فيه أن المناخ الراهن للعلاقات المغربية – الموريتانية يحتاج إلى تنشيط متجدد يدفع بالعلاقات نحو آفاق أفضل وموريتانيا لها القدرة على القيام بما هو صائب في مسار العلاقات بين البلدين والشعبين.

وكان الملك محمد السادس مباشرة بعد بداية وباء كورونا أمر بمبادرات تضامنية تجاه دول أفريقية لمساعدتها على مواجهة الجائحة وتدبير تبعاتها، كما اقترح العاهل المغربي في أبريل الماضي، إطلاق مبادرة لرؤساء الدول الأفريقية تروم إرساء إطار عملياتي بهدف مواكبة البلدان الأفريقية في مختلف مراحل تدبيرها لجائحة فايروس كورونا المستجد.

وشدد بلاغ وزارة الخارجية المغربية، على أن هذا العمل التضامني يندرج في إطار تفعيل المبادرة التي أطلقها الملك محمد السادس، في 13 أبريل الماضي، باعتبارها نهجا براغماتيا وموجها نحو العمل لفائدة البلدان الأفريقية الشقيقة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: