التزام مغربي بدعم جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل

جدّد المغرب دعمه لكافة الجهود الدولية لإعادة الأمن والاستقرار لمنطقة الساحل والصحراء بعد إطلاق فرنسا ائتلافا يضم حلفاء من دول غرب أفريقيا ودول أوروبية لمواجهة الجهاديين المتشددين في منطقة الساحل.

وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، خلال الاجتماع الوزاري الأول للتحالف الدولي من أجل الساحل، الذي انعقد الجمعة بتقنية المناظرة المرئية، أن المغرب كان دائما في كافة الجبهات مع الساحل ومن أجل الساحل.

وفي الاجتماع الوزاري الذي شارك فيه عبر تقنية الفيديو ممثلون عن 60 دولة وهيئة دولية، بدعوة من وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي تترأس بلاده مجموعة دول الساحل الخمس، أبرز ناصر بوريطة أن المقاربة المغربية تقوم على رؤية سطّرها العاهل المغربي الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش، مضيفا أن هذه المقاربة الإنسانية بالدرجة الأولى، تتمحور حول ثلاثية غير قابلة للتجزيء: الأمن، التنمية البشرية، والتكوين.

ويشكل التطرف تهديدًا بالغ الخطورة على دول الساحل خصوصا تشاد ومالي، وعلى الرغم من الجهود المحلية والدولية لتقويضه، تستفيد الجماعات الإرهابية من شساعة المنطقة، الأمر الذي يشكل تحديا كبيرا لأي تحالف لا يعتمد إستراتجيات مساندة للتدخل العسكري.

وعلى الرغم من أن القوات الفرنسية وقوات الساحل حققت بعض المكاسب في الآونة الأخيرة، بما في ذلك مقتل زعيم تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا عبدالملك دروكدال، إلا أن المتشددين واصلوا هجماتهم وتقدموا أكثر إلى الجنوب نحو دول ساحلية مثل ساحل العاج.

ولم تحقق عملية برخان، وهي حاليا أكبر مهمة عسكرية للجيش الفرنسي خارج أراضي فرنسا، النجاحات المنتظرة منها منذ سبع سنوات باعتراف من باريس، وسبق لوزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، أن أكدت أن “كل الأوروبيين سيدركون أنه إذا لم نفعل شيئًا، ستكون أمامنا أراضٍ شاسعة متروكة من الدول، وستصبح ملاجئ لمجموعات إرهابية تابعة لداعش والقاعدة”.

وفي هذا الصدد شدد وزير الخارجية المغربي على أن البعد الأمني، في الواقع، رغم أنه غير كاف لوحده، يظل ضروريا، مسجلا أن التجربة المغربية في مجال الاستعلامات ومكافحة الإرهاب كانت دائما رهن إشارة شركاء المغرب على المستويين الإقليمي والدولي.

ويدعم المغرب مبادرة مجموعة دول الساحل الخمس (مالي، بوركينا فاسو، موريتانيا، تشاد، النيجر) في مجال تدريب القوات وأمن الحدود إلى جانب تسخير خبرته الطويلة في تدريب الأئمة كجزء من المقاربة المغربية التي يساهم بها محليا وأفريقيا في مكافحة التطرف والإرهاب.

ولفت بوريطة إلى أن التجربة المغربية أضحت تحظى بالاعتراف والتقدير من لدن جميع حلفاء وأصدقاء المملكة، مؤكدا أن المغرب، في منطقة الساحل، يقدم دعمه لإحداث كلية الدفاع لمجموعة دول الساحل الخمس بنواكشوط، ويخصص 203 مقاعد للدورات التكوينية كل سنة داخل المؤسسات العسكرية المغربية.

وأوضح أن ضباطا في القوات المسلحة الملكية يقدمون دعمهم خارج منطقتنا، ويضعون أنفسهم، بالأساس، رهن إشارة مدرسة حفظ السلام بباماكو لتقديم وحدات تكوينية قصيرة الأمد، مذكرا بأن “أزيد من 93 في المئة من الطلبة الأجانب (937 من أصل 1002)، الذين يتابعون تكوينهم في أسلاك التكوين داخل المعهد، ينحدرون من الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وتشاد”.

وخلق هذا التحالف خطوة إيجابية حسب المشاركين في الاجتماع مؤكدين على اغتنامه كفرصة لتطوير رؤية مشتركة لمعالجة عدم الاستقرار ودفع عجلة التنمية في المنطقة.

ولم يرتبط اهتمام المغرب بالساحل والصحراء فقط مع عودته إلى الاتحاد الأفريقي، بل كانت الرباط منكبة على قراءة الأوضاع بالمنطقة منذ مدة طويلة تعززت خصوصا بعد سقوط نظام القذافي بليبيا، حيث مارست أدوارها الأمنية والسياسية والدبلوماسية مع تنسيق الجهود مع دول المنطقة والدول المعنية باستتباب الأمن والاستقرار. وقد استضاف المغرب في العام 2013 مؤتمرا لتعزيز أمن الحدود بين منطقة الساحل والمغرب العربي.

وفي سياق اهتمام المغرب بالوضع في منطقة الساحل والصحراء، أكد السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، على أن الطبيعة متعددة الأبعاد للوضع في هذه المنطقة تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية للتخفيف من معاناة السكان، داعيا إلى انخراط أكبر من قبل الشركاء في المجال الإنساني والإنمائي.

ولفت عمر هلال، أثناء ترأسه، الإثنين الماضي، في نيويورك، اجتماعا افتراضيا حول التحديات متعددة الأبعاد والمتداخلة في منطقة الساحل الوسطى، إلى أن اختيار هذه المنطقة ينبع من الأهمية التي يوليها لها المغرب والملك محمد السادس بشكل خاص.

وأشار الدبلوماسي المغربي، في هذا الصدد، إلى الخطاب الملكي، الموجه إلى المؤتمر الأول للجنة المناخ الخاصة بمنطقة الساحل، والذي أكد فيه الملك محمد السادس أنه يمكن للمنطقة أن تتحول إلى نموذج متقدم للتكامل الإقليمي، على المستويات الاقتصادية والبيئية والسياسية والبشرية.

من جهة أخرى، استعرض عمر هلال الوضع الإنساني في هذه المنطقة وتأثير انعدام الأمن والصراعات على تنميتها، مشيرا إلى أن منطقة الساحل الوسطى هي تذكير مهم بوعود الأمم المتحدة في إطار أجندة 2030 للتنمية بـ”عدم ترك أي أحد متخلفا عن الركب” من خلال “مساعدة الفئات الأكثر حرمانا”.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: