الجزائر مصرة على تسميم علاقاتها مع المغرب
تواصل الجزائر سياسة الهروب إلى الأمام وتسميم علاقاتها بالجار المغرب في ظل سياق إقليمي متوتر وأوضاع صعبة فرضها وباء كورونا، فيما يتساءل مراقبون عن الدوافع الحقيقية وراء إصرار الجزائر على الإمعان في استعداء الرباط وتجاوز قواعد حسن الجوار.
والثلاثاء أعلن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة سحب قنصل بلاده بمدينة وهران، أحرضان بوطاهر، بعد اتهامه من قبل السلطات الجزائرية بأنه “ضابط استخبارات”، وهو ما نفته الرباط بشدة.
وقال بوريطة “نرفض هذه الادعاءات السخيفة التي لا أساس لها من الصحة، فالقنصل العام للمملكة بوهران هو إطار بالوزارة، وله مسار مهني يمتد لـ28 سنة، سواء في المصالح المركزية أو في عدة مناصب بالخارج”. وتساءل الوزير المغربي عن الدوافع الحقيقية وراء هذا التصعيد الجديد والإرادة المستمرة للجزائر في تغذية مناخ من الارتياب يسير عكس كل قواعد حسن الجوار.
وكان الناطق باسم الرئاسة الجزائرية محند أوسعيد بلعيد قد زعم أن القنصل المغربي بوهران ضابط استخبارات، مشيرا إلى أن “القنصل تجاوز حدوده وحدود اللياقة وحتى الأعراف الدولية”.
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية رضا الفلاح في تصريح لـ”أخبارنا الجالية ” أن “الناطق الرسمي باسم الرئاسة الجزائرية وجه اتهامات خطيرة من أجل إيهام الرأي العام الجزائري بانتصار دبلوماسي وهمي”، لافتا إلى أن “رد الخارجية المغربية جاء سريعا وكان ضروريا لتحذير الطرف الآخر من هذا التصعيد المبيت والذي يعبر عن انعدام المسؤولية والارتهان إلى سياسة استعداء الجار”. وأكد الفلاح أن “التصريحات المعادية للمغرب أصبحت تشكل القاعدة لدى الرئاسة الجزائرية التي تتحين كل الفرص لصرف الأنظار عن مشاكل النظام الداخلية”.
الأسلوب الدبلوماسي العدائي للمغرب لا يخدم العلاقات الثنائية والتي ما فتئ المغرب يدعو إلى الارتقاء بها إلى مستويات إستراتيجية جامعة لطموح الشعوب المغاربية
والشهر الماضي، تناقلت وسائل إعلام جزائرية وصفحات بشبكات التواصل الاجتماعي مقطعا يظهر لقاء للقنصل المغربي في مدينة وهران (غرب) مع أفراد من الجالية المغربية أمام مقر القنصلية بالمدينة، وروجت بأن الأخير خاطبهم بالقول “تعرفون أننا على أرض بلد عدو”.
وفي تعليقه على ما تناقلته وسائل الإعلام الجزائرية بشأن اللقاء، قال بوطاهر إن “المشاهد الظاهرة في الفيديو، التي تبين اجتماعه بعدد من المغاربة أمام مقر القنصلية، صحيحة، إلا أن الصوت مفبرك”. وسارعت السلطات الجزائرية إلى استغلال ما تم الترويج له على مواقع التواصل الاجتماعي ونفاه القنصل بشدة في خلق أزمة دبلوماسية مع المغرب، يرى متابعون أنها غير مبررة.
وصعّدت الرئاسة الجزائرية منذ ذلك الوقت حملتها ضد المغرب إلى أن كشف الثلاثاء المتحدث باسم الرئاسة الستار وقال “صفحة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قد طويت” وأن “الجزائر دولة تعمل من أجل تخفيف وطأة المشاكل الاجتماعية على مواطنيها وهناك بالمقابل من ينتهج سياسة النعامة التي تخفي رأسها في الرمل لتفادي مواجهة الأخطار”.
وأكد الخبير المغربي في الشؤون الأمنية والاستراتيجية الشرقاوي الروداني، في تصريح لـ”أخبارنا الجالية ” أنه “على المستوى الدبلوماسي كلام وتصريحات المسؤول الجزائري غير مقبولين في الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها”.
واعتبر الروداني أن تبرير الجزائر لسلوكها تجاه القنصل المغربي يعكس تخبط دبلوماسيتها ونية مبيتة.
وتابع “هذا الأسلوب الدبلوماسي العدائي للمغرب لا يخدم العلاقات الثنائية والتي ما فتئ المغرب يدعو إلى الارتقاء بها إلى مستويات إستراتيجية جامعة لطموح الشعوب المغاربية”.
ومنذ عقود، تشهد العلاقات الجزائرية المغربية انسدادا على خلفية ملفي الحدود البرية المغلقة منذ 1994، وقضية إقليم الصحراء المغربية المتنازع عليه بين الرباط وجبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر.
ولا يخفي قادة الجيش الجزائري دعمهم لجبهة البوليساريو الانفصالية، فيما أشارت مصادر دبلوماسية مؤخرا إلى أن الجزائر تعتزم تسليم 16 دبابة إلى جانب عتاد متطور لبوليساريو لبناء جدار مقابل الجدار المغربي من الناحية الجزائرية، تقوده قوات خاصة إلى جانب قوات الجبهة الانفصالية، وهو ما يغذي الحديث عن سيناريوهات المواجهة مع المغرب.