الأصالة والمعاصرة يستعيد توازنه لمقارعة غريمه العدالة والتنمية

شدد رئيس حزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي خلال جلسة الأسئلة الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة بمجلس النواب الأربعاء على أن حزبه سيسحب أي دعم لخطوات الحكومة المقبلة غير المحسوبة، لكون قراراتها حتى الآن ما هي إلا خطوات فاشلة لا ترقى إلى طموحات المواطنات والمواطنين، في خطوة قال مراقبون إن الهدف منها إثبات أن “الأصالة والمعاصرة” قد استعاد عافيته.

ولم يجد سعدالدين العثماني رئيس الحكومة، في رده على النائب عبداللطيف وهبي سوى اتهامه بمحاولة القفز على ما يحدث داخل حزبه، عندما اتهم الحكومة بتدبير الجائحة بنوع من الارتباك، موردا أن هذا السلوك “يعكس أزمتكم وصراعاتكم المتتالية، والسير في هذا النهج لن يفيدكم سياسيا”.

وظهر سعدالدين العثماني غير راض على هذا الخطاب السياسي، الذي أكد أنه يجب أن يكون مسؤولا، مضيفا أن الحكم على أعمال الحكومة بالفشل نظرة سوداوية.

وبدّدت التصريحات المتبادلة بين الطرفين ملامح التقارب الذي بدا ممكن مؤخرا، حيث لم يستبعد مراقبون تحالف الحزبين مع اقتراب الانتخابات التشريعية، خصوصا أن هناك من قيادات الأصالة والمعاصرة من لا يزال متشبثا برأيه حول انتماء العدالة والتنمية إلى حركة الإخوان رغم إنكار الحزب الإسلامي لهذا الربط مرارا.

عبداللطيف وهبي: المواطنون أصيبوا بخيبة أمل إزاء قرارات الحكومة الاقتصادية

وكان عبداللطيف وهبي قد فتح باب التأويلات في تغيير طريقة عمل حزبه وتدبير تحالفاته عقب انتخابه أمينا عاما للحزب في فبراير الماضي، حيث أنه سوق لنفسه كرجل التوافق ولا مشكلة له مع حزب العدالة والتنمية من حيث المبدأ، مبديا في أول تصريح صحافي له عقب انتخابه، استعداد حزبه للتحالف مع حزب العدالة والتنمية.

لكن اختياره لمجلس النواب كي يعلن أنه لن يوقع صكا على بياض للحكومة التي يترأسها العدالة والتنمية، جعل مراقبين يؤكدون أن وهبي يسترد عافيته من جديد لتبني فلسفة الحزب القائمة على مقارعة الإسلام السياسي.

وسبق لعضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة خالد أشيبان، أن انتقد إدارة الإسلاميين للحكومة ولأزمة البلاد على صعيد اجتماعي. وأشار بالقول إنه “يقتضي الدفاع كأول حزب معارض في البلد عن حقوق الشعب ضد القرارات الكارثية التي اتخذتها حكومات الإسلاميين طيلة السنوات الماضية”.

ووجه عبداللطيف وهبي كلامه لرئيس الحكومة قائلا “إن المواطنين أصيبوا بخيبة أمل إزاء قراراتكم الاقتصادية والاجتماعية التي باتت تثير مخاوف كل فئات وشرائح المجتمع”، منبها العثماني إلى أن “المقاولات الصغرى والمتوسطة والكبرى قد أنهكت بعدما تحملت بكل حس وطني وبكل مسؤولية عبء المساهمة في مواجهة الجائحة”.

ويعتقد مراقبون أن أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة شخصية براغماتية إلى أقصى حد، وقد اختار هذه اللحظة لتسجيل نقاط سياسية وانتخابية بعدما أضافت الحكومة برئاسة العدالة والتنمية، شهرا إضافيا في حالة الطوارئ الصحية وتمديد الحجر الصحي في عدد من المدن والأقاليم.

وفي سياق إعادة ترتيب الأوراق السياسية وتبني خيار المعارضة الشرسة، اتهم وهبي رئيس حزب العدالة والتنمية بـ”تهميش” دور المؤسسات المنتخبة، وإبعاد دور مجالس الجهات، وهو ما ظهر، بحسب وهبي، في “فشلكم البين وعدم قدرتكم على اعتماد المقاربات التشاركية أثناء اتخاذ القرار”.

وانتقد وهبي الحكومة بشدة قائلا إنها “ظلت تصدر قرارات تعكس أزمتها التنظيمية والسياسية، وتجعل المواطن يرفض أن يقدم تضحيات أكثر مما قدم في الماضي، ولأننا قبلنا بكل شيء استنادا على الإحساس الوطني، فسننتقل اليوم إلى المحاسبة وترتيب النتائج عن سوء تدبير الشأن العام في ظل هذا الوباء”.

وتعد الاستحقاقات الانتخابية المزمع إجراؤها في العام 2021، هدفا استراتيجيا لقيادة الأصالة والمعاصرة كي تحقق ما لم يستطع من ترأس الحزب قبلها إنجازه في فرص انتخابية سابقة، ولا يريد عبداللطيف وهبي أن يزاحمه العدالة والتنمية على قيادة الحكومة المقبلة.

وشدد عبداللطيف وهبي، أمام النواب، “إننا سنظل أوفياء لقناعاتنا ولمواقفنا، ولدفاعنا عن الديمقراطية والشرعية الانتخابية”، داعيا الحكومة إلى “فتح حوار شفاف وواضح من موقع المسؤولية تجاه الأحزاب السياسية، وليس فقط الإنصات والإدعاء بعدم التوفر على المعطيات لتأجيل الأجوبة”.

ويرى متابعون أنه لا يمكن التكهن بخطط عبداللطيف وهبي الذي حاول إظهار مخلبه ضد من كان يقول إنه لا مشكلة في التعاون معهم، لكن يرى هؤلاء أن المشكلة التي ستواجه القيادة الجديدة هي خلق قاعدة شعبية وشبابية تؤمن بدوافع وبرامج الحزب المعارض.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: