إخوان الجزائر يناورون لتبرير انخراطهم في مسار السلطة

تضاربت مواقف الأحزاب الإخوانية في الجزائر بشأن التطورات السياسية الأخيرة في البلاد، لكنها أبقت على نفسها في المسار السياسي الذي أطلقته السلطة، ففيما حولت حركة مجتمع السلم سهام انتقادها إلى التيار السياسي العلماني، دعت جبهة العدالة والتنمية إلى مراجعة تشكيلة اللجنة المكلفة بصياغة الدستور.

ورد رئيس أكبر الأحزاب الإخوانية في الجزائر (حمس) عبدالرزاق مقري بقوة على أطراف لم يسمها، بخطة حركته من أجل الوصول إلى السلطة والمساهمة في إدارة شؤون البلاد، ووضع لذلك شروط المنافسة النزيهة والمناخ السياسي الشفاف لإدارة المشهد السياسي.

ويبدو أن قيادة حركة مجتمع السلم منزعجة من انتقادات وجهت لها من طرف دوائر سياسية ذات مرجعية ديمقراطية علمانية، على غرار التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجيل جديد، اللذين لم يتوانا في إطلاق تصريحات حول ما أسمياه بـ”الارتماء في أحضان السلطة من أجل مكاسب سياسية”.

إسلاميو الجزائر يترصدون الفرص للارتماء في أحضان السلطة من أجل تحقيق مكاسب سياسية

وجهر الحزبان في تصريحات منفصلة بـ”انقلاب الأحزاب الإسلامية على مواقفها المعارضة التي كانت تروج لها في تكتل تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، قبل الانتخابات التشريعية التي جرت في ماي 2017”، ثم “التراجع عن دعمها للحراك الشعبي المعارض بعد الانتخابات الرئاسية المنتظمة في ديسمبر الماضي”.

ويبدو أن استعداد الأحزاب الإسلامية للانخراط في المسار السياسي الذي أطلقته السلطة، عبر تقديم مقترحاتها في النقاش المفتوح حول المقترحات الدستورية المعروضة للإثراء والنقاش، قد فتح عليها انتقادات وتهما من طرف المعارضة حول ما بات يعرف بـ”ترصد الفرص للعودة إلى السلطة”.

وذكر عبدالرزاق مقري في تغريدة له على حسابه الخاص في شبكة تويتر:

وإذ لم يجهر قائد حركة حمس بأسماء الأطراف التي يعنيها في تغريدته، إلا أن اصطفافات القوى السياسية في البلاد تلمح إلى خصوم حركة مجتمع السلم في التيار العلماني، وحتى في التيار القومي المحسوب على نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

وسبق لحركة مجتمع السلم أن انخرطت منذ رحيل مؤسسها محفوظ نحناح العام 2003 في التحالف السياسي المؤيد لبوتفليقة وشاركت في عدة حكومات متعاقبة إلى غاية العام 2011، وكانت تبرر موقفها بما يعرف بـ”خيار المشاركة”، من أجل دعم وإرساء قواعد المصالحة الوطنية ولملمة الجراح التي خلفتها حقبة الحرب الأهلية (1990 – 2000).

لكن منافستها في نفس التيار، بقيادة عبدالله جاب الله، قد حافظت على مسافة بينها وبين السلطة، واكتفت بالانخراط في تحالف نيابي داخل البرلمان مع حزبي النهضة والإصلاح، ولم تتخلف في المشاركة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية إلى غاية النكسة التي مني بها الإسلاميون في انتخابات مايو 2017.

وفي خطوة للتموقع في المشهد الجديد، دعت الخميس جبهة العدالة والتنمية، السلطة القائمة إلى “استبعاد اللجنة المكلفة بصياغة مقترحات مسودة الدستور”، وهي المناورة التي تؤكد استعداد الحركة للانخراط في المسار الدستوري، عبر إثارة مسألة مستبعدة التحقيق قياسا بالأجندة الزمنية لعرض المشروع على الاستفتاء الشعبي قبل نهاية العام الجاري.

قيادة حركة مجتمع السلم منزعجة من انتقادات وجهت لها من طرف دوائر سياسية ذات مرجعية ديمقراطية علمانية

وذكر الحزب الإخواني الثاني أن “السلطة القائمة مدعوة اليوم لإعادة النظر في منهجية إعداد المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، الذي ينبغي أن يكون محل حوار ومناقشة بعيدا عن سياسة فرض الأمر الواقع والتقاليد البالية”.

ويبدو أن العودة القوية والمفاجئة لحزبي السلطة القويين (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي) في الآونة الأخيرة، من خلال السماح لهما بعقد مؤتمرين لانتخاب قيادتين جديدتين لهما، رغم إجراءات حظر الأنشطة السياسية والثقافية في البلاد بسبب وباء كورونا، قد أزعجت كثيرا الأحزاب الإسلامية وبعض قوى المعارضة.

واعتبر رئيس “حمس” عبدالرزاق مقري في تسجيل له أن “عودة الحزبين مؤشر على عودة الأوضاع إلى ما قبل الثورة السلمية في فبراير 2019، وإذا اقتضى الأمر حراكا آخر فسنكون في الموعد”، في إشارة إلى عودة ما يوصف بـ”الذراعين السياسيتين لنظام بوتفليقة”، وهو نفس المنحى الذي أوحى إليه بيان حركة العدالة والبناء.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: