الجيش الأميركي في حرب على أرضه

أثارت قضية كيفية تعاطي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الاحتجاجات التي اندلعت في جل مدن الولايات المتحدة جدلا حول توظيفه لوزارة الدفاع “البنتاغون” لأغراض سياسية خاصة بعد تصريحات أدلى بها وزير الدفاع مارك إسبر قال فيها إنه تم نشر قوات عسكرية حول البيت الأبيض.

ورغم أن البنتاغون بات يسابق الزمن الآن للنأي بالنفس عن معارك السياسة مع اقتراب موعد الانتخابات في البلاد، فإن إسبر أثار قلقا كبيرا الاثنين بقوله إن قوات حفظ النظام يجب أن “تسيطر على ساحة المعركة لإعادة النظام” بينما يحتج مئات الآلاف من الأميركيين على وحشية الشرطة والعنصرية والتفاوت الاجتماعي الذي تفاقم مع وباء كوفيد – 19.

لكن إسبر قال الأربعاء إنه ليس مع لجوء الرئيس ترامب لقانون الانتفاضة الذي يمكنه من نشر قوات مسلحة وقوات من الحرس الوطني الفيدرالي لقمع الاحتجاجات في البلاد.

وانتزع الكونغرس ملف القضية بعدما عبّر رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب آدم سميث عن قلقه الثلاثاء من الإدارة “الاستبداية” للرئيس ترامب و”الطريقة التي تؤثر فيها على حكم القيادة العسكرية”. وذكّر بأن “دور الجيش الأميركي في حفظ النظام على الأراضي (الأميركية) محدد بالقانون”.

وتجابه كل تحركات ترامب بانتقادات ومعارضة واسعة من الديمقراطيين وذلك قبيل أشهر من الانتخابات، حيث يعكف مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الأميركية جو بايدن، على استغلال الاحتجاجات التي تجتاح الولايات لصالح حملته الانتخابية بتوجيه الانتقادات لخصمه الجمهوري الرئيس دونالد ترامب متهما إياه بالحرص على إعادة انتخابه أكثر من لمّ شمل الولايات المتحدة.

وتناولت مجلة فورين بوليسي الأميركية هذه التخوفات التي تقول بأن الجيش يستعد لخوض حرب على أرضه. ويقول صاحب التقرير كولم كوين “استمرار الاحتجاجات على عنف الشرطة وما يُعرف بالعنصرية النظامية في جميع أنحاء الولايات المتحدة الاثنين حيث يهدّد الوضع بخلق ردّ أكثر عسكرة من الحكومة الأميركية”.

وقال ترامب في خطاب ألقاه الاثنين “إذا رفضَت مدينة أو ولاية اتّخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن حياة سكانها وممتلكاتهم، فسأتولّى نشر الجيش وحلّ المشكلة بسرعة”.

ويبدو السياسيون الآخرون في إدارة ترامب كما لو أنهم على الطريق نحو الحرب. ففي مكالمة جمعته مع حكام الولايات قبل تسريبها للجمهور في وقت لاحق، سُمع وزير الدفاع مارك إسبر يعتمد المصطلحات العسكرية. وقال إنه يعتقد أنه كلّما أسرعوا في السيطرة على ساحة المعركة، كلما أمكنت السيطرة على الوضع بشكل أسرع وأُتيحت العودة إلى الحالة الطبيعية.

وعادة ما تنشر الولايات المتحدة ضباط الجمارك وحماية الحدود على حدود البلاد، لكن مع اندلاع الاحتجاجات أصبحوا يظهرون في قلب العاصمة.

وقال بيان أصدرته هيئة الجمارك وحماية الحدود إنها قررت نشر قواتها لمساعدة سلطات إنفاذ القانون لمواجهة أي أعمال شغب خارجة عن القانون، وأعمال إرهابية محلية، وحمايتها من أي أنشطة إجرامية أخرى. وأكد مفوض هيئة الجمارك وحماية حدود بالوكالة مارك مورغان أن الضباط موجودون لحراسة المعالم الوطنية.

ويواجه نشر القوات الأميركية محليا بعض العوائق القانونية، كما يشير جاك ديتش لمجلة فورين بوليسي. وهدّد ترامب باللجوء إلى قانون يسمح بنشر الجيش في المدن الأميركية لوضع حدّ للتظاهرات.

وكتب ديتش أن “البيت الأبيض مقيّد باستخدام الجيش في معظم عمليات إنفاذ القانون بموجب قانون بوسيه كوميتاتوس الذي يعود إلى سنة 1878”. ومع ذلك، لا يغلق هذا القانون الباب أمام العمليات العسكرية. وكانت آخر مرة استخدم فيها قانون الانتفاضة في 1992، وذلك للتصدي لما يعرف بأحداث شغب لوس أنجلس بعد استخدام العنف المفرط ضد الأسود رودني كينغ”.

وأضاف ديتش أن القانون يسمح بإرسال وحدات الخدمة العسكرية لدعم الشرطة المحلية في مساعيها الهادفة لوقف أعمال الشغب.

وحذر ترامب، خلال مكالمته الهاتفية مع حكام الولايات، من أن ردّ الفعل الحكومي القوي في الداخل مهمّ للحفاظ على هيبة الولايات المتحدة في الخارج. وأشار إلى أن أنظار دول العالم مسلّطة عليها وهو لا يريد أن ينظر إلى بلاده على أنها خصم ضعيف، مشدّدا على امتلاك حكّام الولايات للموارد اللازمة لمواجهة التحرّكات.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: