مفاوضات المرحلة الانتقالية لبريكست تأخذ منعرجا حاسما

تُجري المملكة المتحدة هذا الأسبوع جولة مباحثات مع الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاق ينظم العلاقات بين الطرفين مستقبلا بعد خروج لندن من التكتل الأوروبي، وذلك وسط تبادل للاتهامات بينهما قد يصعّب مهمة إيجاد تسويات تعبّد الطريق للاتفاق.

لندن – تفتتح المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الثلاثاء جولة جديدة من التفاوض في سياق المرحلة الانتقالية وسط تحذيرات من تداعيات عدم التوصل إلى اتفاق وتراشق بالاتهامات بين لندن وبروكسل، حيث اتهمت الأخيرة البريطانيين بعدم الإيفاء بالتزاماتهم.

واعتبر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي حول بريكست ميشال بارنييه الأحد، أن “الوقت ينفد”، محذرا المملكة المتحدة من أنه “لن يكون هناك اتفاق” إذا تراجعت لندن عن مواقفها السابقة، وذلك قبل أسبوع حاسم لمصير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال بارنييه قبيل استئناف المفاوضات الثلاثاء “المملكة المتحدة تراجعت خطوة إلى الوراء، خطوتين إلى الوراء، ثلاث خطوات إلى الوراء عن الالتزامات التي قطعتها في الأصل”.

وأضاف المفاوض الأوروبي في مقابلة مع صحيفة تايمز البريطانية “نتذكر جيداً النص الذي تفاوضنا حوله مع بوريس جونسون ونريد فقط احترامه حرفيا. وإلا فلن يكون هناك اتفاق”.

ويبدأ البريطانيون والأوروبيون الثلاثاء جولة رابعة من المفاوضات التي قد تكون حاسمة لمصير علاقاتهما في مرحلة ما بعد بريكست، وذلك بعد ثلاثة أشهر من عجز الطرفين عن تحقيق أي تقدم في هذا الصدد وسط تراشق بالاتهامات.

ويأتي أسبوع المحادثات هذا قبل “مؤتمر رفيع المستوى” لوضع تقييم يستبق مفاوضات يونيو التي حددها البريطانيون كمهلة نهائية يقررون في ضوئها مواصلة الحوار من عدمها.

ولكنّ مصدرا قريبا من المحادثات يستبعد إمكانية التوصل إلى اتفاق مسبق، قائلاً إن “التقدم غير كاف. كل معسكر متمسك بمواقفه”.

ويرغب الأوروبيون في اتفاق شامل يخص ضمانات لتفادي أن تعيد المملكة المتحدة تنظيم اقتصادها ضريبياً واجتماعياً وبيئياً بشكل يضر بهم. ويريدون أيضاً أن يعطى صيادوهم حق الوصول إلى المياه البريطانية.

ولكن لندن لا تريد أكثر من مجرد اتفاق تقليدي للتبادل التجاري الحر، يحفظ سيادتها في وضع نظمها الخاصة، وتليه بعد ذلك اتفاقات صغيرة بحسب كل قطاع، وترى لذلك أن مطالب الأوروبيين مبالغ فيها.

وقال وزير الدولة البريطاني مايكل غوف الخميس “ما يطلبه منا الاتحاد الأوروبي غير مسبوق في كل اتفاقات التبادل التجاري الحر التي وقعتها دول أخرى أو تعمل على توقيعها”، وهي فكرة يكررها البريطانيون منذ بدء المحادثات.

ووسط الظروف الحالية، سيكون صعباً التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية العام أي نهاية المرحلة الانتقالية التي تواصل خلالها المملكة المتحدة تطبيق القواعد الأوروبية، بعد مغادرتها الاتحاد في 31 يناير.

المحادثات تأتي قبل مؤتمر لتقييم يستبق مفاوضات يونيو التي حددتها بريطانيا لتقرر في ضوئها مواصلة الحوار من عدمها

ومن جهته، اعتبر بارنييه أن التوصل إلى اتفاق “أمر شديد الصعوبة لكنه لا يزال ممكناً”، وذلك في حديث الجمعة مع إذاعة “دوتشلاند فونك” الألمانية.

وقال إن جولة المحادثات المقبلة تسمح “بمعرفة ما إذا كانت المملكة المتحدة تريد مغادرة السوق المشتركة والاتحاد الجمركي، مع أو دون اتفاق معنا”.

ويؤكد المصدر المقرب من المفاوضات أن “الأمور ستتضح، اعتباراً من الثلاثاء أو الأربعاء، بشأن اللهجة التي ستتواصل فيها المحادثات”.

ولكن المعطيات لا تستدعي التفاؤل حيث قال مستشار بارنييه ستيفان دي رينك، في حديث الجمعة مع مركز “إنستيتوت فور غوفرمانت” للدراسات، إنه لا ينبغي توقع تحقيق “اختراق” هذا الأسبوع.

ويعتبر أنّ أحد أبرز العوائق أمام تقدم المفاوضات هو الضمانات التي يطالب بها الأوروبيون في مجال المنافسة.

وتزداد إمكانية التوصل إلى اتفاق صعوبة مع رفض البريطانيين النظر في تمديد الفترة الانتقالية، لعام أو اثنين، ما من شأنه أن يمدد فترة المفاوضات.

وقال المفاوض البريطاني ديفيد فروست الخميس “لن نطلب تمديداً، إذا طلب الاتحاد الأوروبي ذلك، لن نقبل”.

وأمام هذا المأزق الذي بدأت معالمه ترتسم، وفي سياق أزمة فايروس كورونا المستجد التي تزيد الأمور تعقيداً بسبب عقد المشاورات عن بعد، ارتفعت النبرة بين الطرفين في الأيام الأخيرة عبر تبادل الرسائل.

وبدأت هذه المناوشات مع إرسال ديفيد فروست رسالة إلى بارنييه يدعوه فيها بحزم إلى مراجعة موقفه. وأجاب الفرنسي برد جاف لكنه كان دبلوماسيا، وقال “لا أريد أن يكون للهجة التي استخدمتموها أثر على الثقة المتبادلة والنهج البناء الأساسيين بالنسبة إلينا”.

وعلقت النائبة ناتالي لوازو، العضو في لجنة تنسيق في البرلمان الأوروبي حول بريكست، “يوجد إجماع على أن اللهجة التي استخدمت في رسالة ديفيد فروست غير مساعدة”، مضيفةً “لهجة لاذعة، اتهامية، في وقت يجري فيه العمل على التفاوض بشأن اتفاق، هذه بالتأكيد خطوة خاطئة”.

وخرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير، لكن القواعد الأوروبية لا تزال سارية على أراضيها خلال الفترة الانتقالية التي تستمر حتى ديسمبر، وهي مهلة ضرورية للتوصل إلى اتفاق تجاري بين الطرفين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: