أوبك+ تتجاوز صدمة إغراق السوق وسط مخاوف من خلاف سعودي روسي

تسعى أوبك+ للخروج من محنة إغراق الأسواق وما تبعها من انكماش في الطلب وتهاو في الأسعار، وذلك عن طريق التضامن الذي يحافظ على إستراتيجية التخفيضات التي تم الاتفاق عليها في الشهر الماضي، والتي نجحت إلى حد الآن في امتصاص الصدمة. لكن مؤشرات على انقسام في المواقف بشأن مدة التخفيضات بين روسيا والسعودية قد تعيد الأزمة إلى المربع الأول.

وقالت مصادر في أوبك+، الاثنين، إن أوبك وروسيا تقتربان من حل وسط بخصوص أجل تمديد تخفيضات إنتاج النفط القائمة حاليا، وأنهما تبحثان مقترحا لتمديد تقليصات المعروض لشهر أو شهرين.

وكانت أوبك+ قررت في أبريل الماضي خفض الإنتاج بقدر غير مسبوق يبلغ 9.7 مليون برميل يوميا، بما يقارب عشرة في المئة من الإنتاج العالمي، لرفع الأسعار التي يعصف بها انخفاض الطلب من جراء إجراءات احتواء فايروس كورونا.

جوليان لي: الانتعاش في أسعار النفط ليس ترخيصا لفتح الصنابير

وبدلا من تقليص تخفيضات الإنتاج في يوليو، أبلغت مصادر رويترز الأسبوع الماضي أن السعودية، أكبر منتجي أوبك، تقود نقاشات بشأن الإبقاء على مستوى التخفيض لنهاية السنة. لكنها لم تنل بعد دعم روسيا، التي تقترح تقليص القيود تدريجيا.

وسيكون هذا التفاؤل هشا إذا لم تنجح أوبك+ في تجنب الانقسام الذي من الممكن أن يحدث بين أولئك الذين يريدون إلغاء تخفيضات إنتاج النفط في يوليو، وأولئك الذين قد يرغبون في تمديد التخفيض.

وقال مصدر في أوبك+ عن التمديد لشهر أو شهرين “إنه المقترح الحالي، لكنه غير نهائي بعد”. وقال مصدر نفطي روسي عن تمديد التخفيضات القائمة “إنه لشهر أو اثنين، وليس لنصف عام”، لكن لا يوجد اتفاق حول المقترح الروسي.

ومن المرجح أن تعقد مجموعة أوبك+ اجتماعا عبر الإنترنت، الخميس، لبحث سياسة الإنتاج، بعد أن اقترحت الجزائر، الرئيس الحالي لأوبك، تقديم موعد اجتماع كان مقررا له التاسع والعاشر من يونيو.

وساعد خفض إنتاج أوبك+، جنبا إلى جنب مع تخفيضات غير مسبوقة لدول غير أعضاء مثل الولايات المتحدة وكندا، على رفع أسعار النفط صوب 35 دولارا للبرميل، لكنها تظل عند نصف مستواها في مطلع السنة.

وتحتاج مجموعة الدول المنتجة للنفط إلى ضمان عدم حدوث انقسام بين السعودية وروسيا، اللتين تقودان المجموعة، مثلما حدث في المرة الأخيرة عندما لم تتمكنا من الاتفاق على تنفيذ الاتفاقية.

وفي الوقت الحالي، أسفر التعاون بين الدول الأعضاء عن نتائج جيدة جدًا إلى درجة يصعب تصديقها؛ ففي الشهر الأول من التنفيذ، كان مستوى الامتثال الذي حققته معظم الدول العشرين التي وقعت على الاتفاقية جيدًا بشكل لا يصدق.

وتسير الأمور بالتأكيد في الاتجاه الصحيح وفق المراقبين الاقتصاديين، لكن السؤال هنا هو كيف يجب على المنتجين الاستجابة لتلك الأزمة؟

ويرى مكتب وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، أن جميع تخفيضات الإنتاج، إلى جانب استعادة الطلب الصيني على النفط، ستعيد التوازن بين العرض والطلب العالميين في يونيو أو يوليو القادم.

لكن متابعين يعتقدون أن روسيا لن تقامر وحدها بخرق اتفاق التخفيضات، خاصة أنها اكتشفت حجم الخسائر التي يمكن أن تتعرض لها في حال تمسكت بموقف متصلب كالذي حصل خلالها مع السعودية والذي أدى إلى تهاوي الأسعار بشكل غير محسوب.

Thumbnail

ويشير جوليان لي الخبير الإستراتيجي في مجال النفط إلى أنه لم يحن الوقت المناسب أمام المنتجين ليشعروا بالاسترخاء، إذ لم تنتعش معدلات الطلب في الولايات المتحدة أو أوروبا، أو في الكثير من دول آسيا خارج حدود الصين.

كما قل استهلاك الوقود في الهند بنسبة 40 في المئة تقريبًا عن مستويات العام الماضي، في حين أن الانخفاض المفاجئ في الطلب في الولايات المتحدة وفق بيانات الأسبوع الماضي يعني أنه لا يزال أقل بنسبة 25 في المئة تقريبًا مما كان عليه في العام الماضي.

وأضاف جوليان لي في تقرير لوكالة بلومبيرغ أن على المنتجين أن يضعوا كل ذلك في الاعتبار أثناء استعدادهم للاجتماع مرة أخرى لتقييم فعالية صفقة خفض الإنتاج وتأكيد خطواتهم التالية، محذرا من أنهم بحاجة إلى توخي الحذر، وأنهم قد يقعون أسرى لإغراء البدء في زيادة الإنتاج، ولكن لا ينبغي أن يُؤخذ الانتعاش في أسعار النفط على أنه ترخيص لفتح الصنابير، لاسيما أنه يتم دعمه من خلال الجهود غير الممنهجة لبعض أعضاء المجموعة.

وقررت السعودية وجيرانها الشهر الماضي إجراء تخفيضات إضافية في الإنتاج خلال يونيو، تتجاوز تلك المتفق عليها بالفعل. وقد يعني ذلك خفض 1.2 مليون برميل أخرى يوميًا، ما يعني وصول إنتاج السعودية من النفط إلى 7.5 مليون برميل يوميًا الشهر المقبل، وهو مستوى لم تشهده المملكة منذ 20 عامًا، إلا في أعقاب الهجمات المباشرة على مصانع معالجة النفط السعودية العام الماضي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: