زوج مثالي للوصول إلى وثائق الإقامة

يبقى «زواج المصلحة»، ارتباطاً خالياً من الحب والألفة، مبنياً على الاستغلال والوصول لشيء معين، ليكون ارتباط الشخصين ببعضهما، حتى تنتهي مصلحتهما، حتى ولو بعد سنين، فلا عجب، حين نرى فتاة توافق على الزواج من شاب من أجل الحصول على جنسية، أو شاب يتزوج من امرأة أكبر منه في العمر، لكنها تملك المال والثراء ومركزاً مرموقاً، بحيث تكون له الزوجة والخزنة المتنقلة، وسرعان ما يتوقف قطار الحياة الزوجية بعد أن يحصل الطرفان على ما يرغبان به أويخططان له.

زواج المصلحة أصبح اليوم واقعاً حقيقياً تطبعه المصلحة الشخصية، بدلاً من الحب والقدرة على احتواء كل طرف للطرف الآخر، وغيرها من الأمور الأخرى، التي ظلت منذ زمن بعيد أساس العلاقة الزوجية، فهذا الزواج أصبح ينتشر يوماً بعد الآخر، ويتأسس على تحقيق منفعة شخصية، حيث يستمر ارتباط الشخصين إلى أن تنتهي مصلحتهما حتى ولو بعد سنين، والطريف أن المتورطين في هذا الزواج لقضاء مآربهم يشيرون إلى أن اختيارهم هذا الزواج كان «عقلياً»، وهو ما يجعلنا نتساءل هل الاختيار العقلي هو الاسم الضمني لزواج المصلحة؟ وما الفواصل بين النجاح والإخفاق، بعد أن تبحر سفينة الزواج في خضم معترك الحياة؟ في البداية تعارض ليلى موظفة، ومتزوجة هذا الزواج، فهي ضد هذا الارتباط، لأنه مبني على المصلحة بدلاً من الحب والمودة، ويصبح الزواج هنا من وجهة نظرها «صفقة تجارية» بالدرجة الأولى، وتضيف: يبدو من الصعب تقبل زواج كهذا من الطرفين معاً، فلا أتصور أن يركز أحدهما على المصلحة وحب الذات، وعلى المال بدل نية الاستمرار وحب الآخر، فهذا الزواج سرعان ما ينهار، بعد أن يحصل أحد الطرفين على ما يرغب فيه ويخطط له، فالزواج مثلاً بامرأة تملك المال والثراء تكون بالنسبة للرجل الزوجة والحساب البنكي الوفير أو البطاقة الذهبية، غالباً ما ينتهي بالطلاق. هدفهن الجنسية ويعترف «س. ع»، أحد الشباب الذي فضل أن يسرد تجربته التي يعيشها بمرارة، لتبدأ خيوط الحكاية، كما يقولها إنها بدأت في أحد المراكز التجارية، حين أعجب بفتاة مغربية في عمر العشرين، لأنها جميلة وأنيقة، فحاول التعرف إليها عن قرب وبالفعل تم الوصول لها، لتبدأ حكايات الحب من خلال المكالمات الهاتفية ليلاً ونهاراً، ولينتهي ذلك بالزواج، رغم رفض الأهل هذا الارتباط لإحساسهم من الوهلة الأولى، أنه مبنيٌ على مصلحة لأنها، وهو بعد حصولها على الجنسية ستطلب الطلاق، لكن كما يقولون «الحب أعمى»، فبعد زواج دام سنوات عدة، رزقا خلالها بطفلة، وبعد حصول الزوجة على الجنسية، حاولت افتعال الكثير من المشاكل، كادت تدفعه في كثير من الأحيان إلى الجنون، لأنه لا يعرف لها سبباً، ونتيجة لذلك حصلت على مبتغاها بورقة الطلاق، والحصول على الجنسية. ويتابع: قد تكون هذه الحكاية مر بها الكثير من الشباب من أمثالي، فأساليب هذه النوعية من الفتيات تجعلنا نقع فريسة في كلامهن المعسول الذي يدفعنا للزواج بهن وبمجرد أن تنتهي مصلحتهن يقلن لنا «مع السلامة». اختارني لمالي وتتناول طرف الحديث مروة.

أ، التي انفصلت عن زوجها بسبب تصرفاته، حيث أوهمها أنه يحبها، ومع مرور الوقت، اكتشفت أنه لم يخترها لجمالها وأخلاقها وتعليمها، بل اختار الراتب الشهري، وتقول: «كيف أستمر مع شخص كهذا طيلة حياتي، فقد استعمل أساليب ملتوية حتى يسلب مالي، وكان في كل مرة يختلق الأعذار لأمنحه المال، كان يشير إلى أن أحد أصدقائه يحتاج المساعدة لإجراء عملية جراحية، واكتشفت مع مرور الوقت أنه إنسان مخادع، وتزوجني فقط لمالي، لذا أنصح الفتيات بعدم الموافقة على الزواج بأي شخص يشترط عليهن إعطاءه راتبهن قبل الزواج، بل يجب على الفتاة أن تبحث عن الرجل المناسب، فالزواج المبني على المصلحة ينتهى متى انتهت تلك المصلحة، خاصة أن فرص النجاح ضعيفة جداً. فارق السن ويفضل عدد كبير من الفتيات الارتباط بزوج يكبرهن سناً، ليس ذلك فحسب، لكن يكبرهن بسنوات عدة، ويعللن ذلك بأن الرجل الكبير يملك الخبرة في الحياة، وأن الحياة الزوجية تحتاج إلى العقل الراجح والحكمة، ويفضل بعض الفتيات الزوج كبير السن الذي يرعى الزوجة ويدللها على صغير السن، الذي يشقيها ولا يصون مشاعرها، وهذا ما بحثت عنه سهام م، من أجل مصلحتها حيث تعيش حياة رفاهية وترف، تقول عنها «عمري في العشرين وتزوجت برجل في الأربعين، وأعيش حياة زوجية سعيدة مع هذا الرجل الناضج فكرياً ونفسياً وعاطفياً، ولم أكن مستعدة لتكبد مشقة البداية في حياة زوجية مع شاب لا يزال في بداية الطريق، لقد حصلت على السكن المريح و أوراق الإقامة والسيارة الفارهة ومتعة السفر والتسوق مع هذا الزوج الذي يلبي طلباتي ويدللني، فمصلحتي من الزواج وجدتها عند هذا الزوج برغم فارق السن بيني وبينه. تأييد لا تعترض باسمة.

أ، على الزواج العقلاني على حد وصفها، وترى أنه ليس بالضرورة أن يكون الزواج، حين يرتبط الشاب بفتاة موظفة زواج مصلحة، لأن الحياة مشاركة وتعاون بين الطرفين، وفي ظل غلاء المعيشة الذي نواجهه الآن، وما تتطلبه الحياة من جهود كي يستطيع أي اثنين خوض تجربة الزواج، فلابد أن تشارك المرأة زوجها في تخفيف أعباء الحياة، ولا شك أنه لايزال هناك رجال وشباب مقبلون على الزواج يفضلون ربة البيت على المرأة العاملة، ويرغبون في تحمل المسؤولية كاملة، من دون مشاركة المرأة، وفي هذه الحالة لا اعتقد بوجود أي مصلحة. وتستغرب فاطمة ممن يسعون للحب والتفاهم مقابل حفنة من المال الزائل، ومن بعض الفتيات حين يتزوجن من رجال لا يتوافقن معهن اجتماعياً ولا تعليمياً ولا عمرياً، فتجد فتيات يتزوجن من رجال في عمر آبائهن وأخريات يتركن الدراسة للزواج من رجل غني، وهذا يحصل كثيراً في مجتمعاتنا، لكن ذلك ليس مقياساً لدى جميع الناس، فالكثيرون يبحثون عن الحب والتفاهم والأشياء التي تديم العشرة، متسائلة: «أي سعادة هذه التي تتحقق في ظل زواج المصلحة، فحينما تقود الفتاة أو الزوجة سيارة أحدث موديل وتشتري فستان سهرة يتعدى 3 آلاف أورو أو أكثر، وبعد ذلك لا تقبل أن ترتديه مرة أخرى، هل تحقق بذلك سعادتها؟ أسس الاختيار زواج محكوم عليه بالفشل ويثير القلق في أوساط المجتمع، هذا ما أكدته التقارير و الدراسات مشيرة إلى أن علاقة الرجل والمرأة في الزواج يجب أن تقوم على الاختيار والحب والتفاهم والاحترام المتبادل، أما بناؤها على أساس العقل والمنطق، فيدل على وجود مصالح مادية تغيب تماماً المقاييس والمقاصد الأخرى للزواج، وهذا النوع من الزواج تطغى من خلاله المصلحة الشخصية، ويؤدي إلى بطلان أهداف الزواج بين المرأة والرجل التي ترتكز على قيم نبيلة وأهداف سامية، أهمها المودة والرحمة والتفاهم والتعايش والاحترام، فمع تنامي الأنانية والحرص على المصلحة الشخصية أصبح أساس زواج المصلحة هو شركة اقتصادية تقوم على أساس توفير رأسمال مادي، وإلغاء كل المبادئ والأسس الخاصة بالزواج. وحول الأسس الصحيحة التي يقوم عليها الزواج، أوضح أن الزواج الذي يلعب العقل فيه دوراً أكبر من المشاعر سيتعرض إلى الانهيار، بعد أن يحصل أحد الأطراف على ما كان يخطط للحصول عليه، فمثلاً أن يتزوج شاب صغير من امرأة كبيرة في السن، لكنها ثرية وتملك مركزا اجتماعيا، بحيث تكون بالنسبة له الزوجة المناسبة، وكذلك زواج الفتاة من رجل طاعن في السن تحت ذريعة الاختيار، وفي الحقيقة هي صفقة ومصلحة قوامها المال والجاه، مشيراً إلى أن ارتباط الشخصين ببعض حتى تنتهي مصلحتهما ولو بعد سنين يعد إحدى الأمور الخطيرة التي يجب التصدي لها، والتوعية بمظاهرها على المجتمع. وترى استشارية نفسية وأسرية، هند البدواوي، أن زواج المصالح تعددت صوره وأشكاله، وأن هناك شريحة اجتماعية كبيرة تلجأ إلى هذا النوع من الزواج، بسبب ضغوط الحياة اليومية، حيث أضحت المصالح المادية المسيطر الأول والأخير على عقول الشبّان، وقسمت هذه الزيجات إلى قسمين، الأول، تكون المصلحة معروفة بين الطرفين، وبالتوافق بينهما ويضمنان لحياتهما الاستمرارية والديمومة، والثاني تنتهي حياتهما بعد زوال المنفعة التي تجمع الطرفين، موضحة أن مثل هذه الزيجات لها عواقب وخيمة، وعلى الفرد أن يتحمّل التصرفات الناتجة عن أفعاله، لأن الزواج المبني على مصلحة هو أحد صفقات الزواج الاجتماعية والاقتصادية التي فيها نوع من التجارة بالبشر، وأن الآثار النفسية على الفتاة أكثر من الرجل، حيث تعتبر الفتاة ضحيته الأولى والخاسر الأكبر. ولم تنكر البدواوي أن المصالح موجودة في كل مكان وزمان، وكل شيء يخضع لمفهوم المصلحة وطغيان سلبياتها على إيجابياتها، لكنها ترى من الضروري لأي فرد يفكر أو يجهز نفسه للزواج أن يكون مبتعداً قدر الإمكان عن المنفعة المادية من زواجه، مهما كانت تلك الغاية التي سيحققها لأن المفاهيم حكما ستتغير بعد الزواج، وسيكون هذا المشروع معرضاً للسقوط والانهيار مع أول عقبة يواجهها الطرفان، في وقت يكون فيه الشخص بأمس الحاجة عما يكون بعيداً عن العواقب التي يخلفها زواج المصلحة، لأن العلاقة بين أي زوجين هي المودة والرحمة، والتعاون على بناء أسرة ناجحة يستفيد منها المجتمع، لا تحقيق المصالح التي سوف تنتهي بانتهاء تلك المصلحة.‏ شجرة الأسرة اهتم الدين الإسلامي أعظم الاهتمام بالأسرة، ووضع لها نظاماً كاملاً محكماً تنشأ فيه رابطة الزوجية على أساس من المودة والرحمة والسكينة حتى تنبت فيه شجرة الأسرة قوية الجذور، باسقة الفروع، وتنمو وتزدهر وتثمر أينع الثمر، حيث أن الزواج شرع لتحقيق مصالح العباد من استمرار النسل، وسكن النفس، وشيوع المودة والترابط، والناس يختلفون في غرضهم من الزواج، مع اشتراكهم في الاستقرار وتكوين الأسرة، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم أمهات الأسباب التي تنكح لها المرأة بقوله: «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك». وعن الأهداف السائدة حالياً من الزواج، لفت إلى أن غرض الناس من الزواج في أيامنا هذه الحصول على جنسية البلد التي تعيش فيها، أو توفير فرصة عمل، فمثل هذا الزواج يكون مصيره الفشل، لكن الزواج الذي أساسه الأسرة باعتباره اللبنة الأولى في بناء الأمة، وعلى قدر ما تكون اللبنات قوية متينة يكون البناء قوياً راسخاً منيعاً، وعلى العكس من ذلك إن كانت اللبنات واهية ضعيفة، يكون البناء ضعيفاً، قابلاً للتصدع والانهيار. مشيراً هذه هي نهاية من يبني حياته الزوجية على المصلحة فمتى تنتهي تلك المصلحة ينتهى الزواج الذي يخلف الكثير من التصدع والشقاق بين الأزواج ويخلف الكثير من المشاكل. الزوجة الموظفة يرى يوسف أن المشاركة بين الزوجين ليست عيباً، وهذا ليس بالمصلحة، وأنه للأسف الشديد فمجتمعنا سريع في إطلاق الأحكام على الآخرين، فنصف كل من يحكم على الشاب الذي يرغب في الزواج من موظفة بأنه يبحث عن المصلحة ولا يتحمل المسؤولية، وهذا خطأ، فلماذا لا نضع في الاعتبار ظروف الحياة، وغلاء المعيشة التي تدفعنا وتجبرنا على اختيار الزوجة الموظفة.وأضاف: لماذا نغفل دور المرأة بعد أن أصبحت عنصراً فعّالاً في المجتمع ولا تختلف بقدراتها عن الرجال، أيضأ فالموظفة التي نختارها نجد فيها الخلق والعلم والجمال والدين، وكل الأمور التي أوصى بها الدين الإسلامي، وإذا كانت لا تحمل هذه الصفات فأمر الوظيفة لا يجعلنا موافقين على الزواج منها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: