اقتران انتشار الوباء بالجفاف يهدد الاقتصاد المغربي ويدفع السلطات والبنك المركزي لاتخاذ تدابير لمواجهة الكساد

لا تزال الحكومة والبنك المركزي في المغرب يسابقان الزمن لاتخاذ تدابير وإجراءات إضافية لاحتواء التداعيات السلبية لجائحة كورونا، ومواجهة الكساد المتوقع وإنقاذ الشركات من الإفلاس. لم تكن الجائحة وحدها التي باتت تنذر بكساد اقتصادي خلال العام الجاري، بل تزامن انتشار الفيروس مع موسم جفاف، ما دفع الحكومة إلى إعلان إجراءات لدعم المزارعين المتضررين. وتسبب الفيروس في تعطيل عجلة السياحة وتعليق أنشطة مصانع إنتاج وتجميع السيارات، وتوقيف سلسلة الإمدادات بسبب تراجع الطلب العالمي. وأعلنت الحكومة في 20 مارس الماضي، حالة طوارئ لشهر، وتقييد الحركة لـ «إبقاء كورونا تحت السيطرة»، ولاحقا تم تمديدها شهرا، ثم 3 أسابيع، تنتهي في العاشر من الشهر المقبل. كما أعلنت إنشاء «لجنة اليقظة الاقتصادية» لمواجهة انعكاسات وباء كورونا على الاقتصاد، وتحديد الإجراءات المواكبة. وفي الاجتماع السابع للجنة، التي تضم 8 قطاعات وزارية والبنك المركزي والمنظمات المهنية، عقد في الثامن من الشهر الجاري، تقرر «توفير الشروط اللازمة لاستئناف سريع لأنشطة الشركات».

مرحلة صعبة

ويرى المحلل الاقتصادي المغربي عبد النبي أبو العرب أن «اقتصاد البلاد يمر بمرحلة صعبة، من حيث التداعيات الخطيرة للجائحة». ويضيف «حتى الآن، الوضعية ما زالت تحت السيطرة في المملكة، نعم نعيش شبه توقف للنشاط الاقتصادي، باستثناء بعض القطاعات، وهو ما يكلف الديناميكية الاقتصادية كثيرا».
ويتابع «من المنتظر أن يشهد نمو الاقتصاد المحلي تدهورا كبيرا، وستكون نسبة سالبة في الفصل الثاني من العام… هناك تراجع للصادرات مع استقرار الواردات، هذا سيعمق أزمة الميزان التجاري الخارجي، وسيزيد الضغط على العملات الأجنبية».
وفي 17 مارس الماضي، صدر في الجريدة الرسمية قرار حكومي تم بموجبه إحداث صندوق مالي بمبلغ مليار دولار لـ»التكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للأزمة».
وحتى 24 أبريل/نيسان الفائت، بلغت الموارد التي تم ضخها في هذا الصندوق حوالي 32 مليار درهم (3.25 مليار دولار)، حسب تصريح لوزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون في البرلمان. ويرى أبو العرب أن المغرب «أبدع في إيجاد الحلول البديلة، حيث أطلق صندوق مواجهة كورونا وجمع حوالي 32 مليار درهم، وهو رقم كبير، يعادل 3 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي». وبالتزامن مع انتشار الجائحة، شهدت البلاد «عجزاً مطرياً بلغت نسبته 46 في المئة، مقارنة بالمعدلات المسجلة خلال الثلاثين سنة الماضية»، حسب وزير الفلاحة عزيز أخنوش، في اجتماع لجنة برلمانية.

الفلاحة من أهم القطاعات

ويعتبر أبو العرب أن «الحالة الاقتصادية في المغرب في منحى سيء، خاصة حين يتزامن الوضع مع حالة الجفاف التي يعرفها البلد». ويستطرد أنه «من المنتظر أن يبلغ المحصول هذا العام 30 مليون طن، وهو أدنى مستوى يتم تسجيله منذ سنوات، ما سيعمق من الأزمة الاقتصادية».
وتعد الفلاحة من أهم القطاعات التي يعتمد عليها اقتصاد المغرب، وتساهم بشكل كبير في ارتفاع أو انخفاض معدل النمو الاقتصادي. ويلفت المتحدث لى أنه ينبغي «للدولة والمؤسسات البنكية، التركيز على الحفاظ على المؤهلات الإنتاجية والنسيج الاقتصادي وعلى الشركات، لتظل في أفضل حالة من الناحية الاقتصادية». ويُبيِّن أن «الأمر يتوقف على شقين، الأول يتعلق بمساعدة الاستهلاك الداخلي، من خلال دعم الطبقات المعوزة والأجراء الذين فقدوا أعمالهم.. والثاني يتعلق بمساعدة الشركات، وضخ أموال في خزينتها المالية ودورتها الإنتاجية».
وكان البنك المركزي المغربي قد دعا القطاع المصرفي المحلي إلى «تعليق كافة عمليات توزيع الأرباح برسم سنة 2019 حتى موعد لاحق»، وقال في بيان «في ظل الأوضاع الحالية التي تشهد تفشي جائحة كورونا، أصبحت مؤسسات الإئتمان مطالبة بتعزيز دورها في تمويل الاقتصاد». وبالتوازي مع ذلك قدمت الحكومة مشروع قانون لإنقاذ الشركات السياحية من الإفلاس بسبب الجائحة، أمام لجنة برلمانية. وسجل المغرب، حتى صباح الأربعاء، 7 آلاف و584 إصابة بالفيروس، تعافى منهم 4 آلاف و969، وتوفي 202.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: