سباق نسيان كورونا

هناك مؤشرات كثيرة على أن نهاية الشهر الحالي سوف تشهد تقويض جميع حجج الإغلاق وتعطيل الحياة والنشاطات الاقتصادية والتجمعات الرياضية والفنية

بدأت أعداد متزايدة من الدول تتسابق للعودة للحياة الطبيعية ونسيان أزمة فايروس كورونا المستجد. ويبدو من الحتمي أن يتسارع ذلك السباق خلال الأيام المقبلة، لأن ثمن إيقاف الحياة وتعطيل النشاطات الاقتصادية يواصل الارتفاع ويهدد حياة أعداد أكبر من ضحايا الوباء.

هناك مؤشرات على أن قواعد التعايش مع الفايروس تتسع بوتيرة تشبه موجة انتشاره وفرض إجراءات الإغلاق في الأشهر الماضية، ليصبح الحذر مسألة شخصية.

بدأت جبهات معارضة قيود الإغلاق تعزز مواقعها في جميع الأوساط السياسية والشعبية والاقتصادية تحت عنوان أن تعطيل الحياة العامة يعد انتهاكا للحريات الفردية.

وبدأت الأخبار تشير إلى تحديات قضائية لإجراءات الإغلاق الحكومية. ومن المرجح أن يفوز كثيرون في تلك القضايا ضد الحكومات، لأن الأساس القانوني يبدو صريحا ويصعب دحضه.

وذهبت بعض الأصوات مثل رائد الأعمال الأميركي إيلون ماسك، إلى حد اعتبار إجراءات الإغلاق سياسة شوفينية وانتهاكا لحريات الأفراد، وهو ما يلاقي تأييدا واسعا في أوساط الفقراء الذين لا يستطيعون توفير مقومات الحياة إذا توقفوا عن العمل.

إذا كانت بعض الدول قد ضخت تريليونات الدولارات للحد من تداعيات إجراءات الحد من تفشي الفايروس ولم تتمكن من تخفيف وطأتها، فإن المليارات من الأشخاص في الدول الفقيرة تركوا فجأة بلا مصدر للدخل.

الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي تعج بآلاف الصور التي تظهر حجم التمرد على إجراءات الإغلاق والحفلات الصاخبة والحشود المعارضة والشواطئ المزدحمة، التي لم تعد السلطات قادرة على منعها، في حالة من الانفجار الاجتماعي الذي احتقن خلال الإغلاق.

محور حجة المعارضين أن الأشخاص الخائفين من الفايروس لا يحق لهم المطالبة بتقييد حرية الأشخاص الآخرين، خاصة أن قدرات المؤسسات الصحية ارتفعت إلى مستويات تمكنها من استيعاب الحالات المرضية.

خلاصة القول إن التعامل مع فايروس كورونا سوف يصبح تدريجيا مثل التعامل مع الأنفلونزا، التي من المرجح أنها أدت إلى وفيات أكبر من خلال الأسابيع الماضية، وتم احتساب معظمها على ذمة فايروس كورونا.

كما أن التقديرات العالمية تشير إلى أن غالبية سكان معظم دول العالم مر عليهم الفايروس دون أن يشعر معظمهم بذلك، وأن “مناعة القطيع” أصبحت واسعة الانتشار إلى حد بعيد وأكبر بكثير من جميع البيانات، بسبب محدودية الفحوصات. ويتضح ذلك في تسابق الحكومات اليوم لإجراء فحوصات للكشف عن الأجسام المضادة ومعرفة الأشخاص الذين واجهوا الفايروس وانتصروا عليه.

الحقيقة المنطقية البسيطة لوجود الأجسام المضادة هي أن جيش مناعة أولئك الأشخاص دخل بالفعل في معركة مع الفايروس وابتكر أجساما مضادة، تمكنت من القضاء عليه.

وبغض النظر عن الجدل العقيم بشأن مدى قوة المناعة، التي يكتسبها من تغلب على الفايروس وعمر بقاء تلك المناعة، فإن أولئك الأشخاص في كل الأحوال أصبحوا أقدر على دحر الفايروس في المعركة المقبلة.

ولذلك فإن استخلاص الأجسام المضادة من المتعافين من الفايروس وإعطاءها للمصابين، يعد من أبرز جهود مكافحة الوباء بانتظار التوصل إلى علاجات ولقاحات قد يطول انتظارها حتى نهاية العام الحالي على الأقل.

هناك مؤشرات كثيرة على أن نهاية الشهر الحالي سوف تشهد تقويض جميع حجج الإغلاق وتعطيل الحياة والنشاطات الاقتصادية والتجمعات الرياضية والفنية.

وحين تعجز بعض الدول عن مواصلة فرض تلك الإجراءات، سوف تنتقل العدوى إلى البلدان الأخرى فتتساقط أحجار الدومينو وتستسلم الحكومات لطوفان المد الشعبي المطالب بعودة الحياة والنشاطات الاقتصادية.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: