انتهاكات البوليساريو لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف تحت المجهر مجددا

حركات احتجاجية تستهدف قيادة البوليساريو داخل مخيمات تندوف بسبب القمع الممنهج من طرف الجبهة ضد الأصوات والقوى المدنية التي تعارض خطابها الأحادي

فضح تقرير حقوقي جديد الانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان من قبل جبهة البوليساريو داخل مخيمات تندوف جنوب الجزائر. في الوقت الذي استهدفت فيه احتجاجات نشطاء داخل هذه المخيمات قيادة الجبهة الانفصالية.

وكشف التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بمخيمات تندوف لعام 2019، الصادر حديثا عن مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان، أن العديد من النشطاء داخل مخيمات تندوف كسروا جدار الصمت وتحول الوضع مؤخرا إلى حركات احتجاجية أصبحت تستهدف قيادة البوليساريو.

وأكد تقرير مرصد الصحراء أن سلوك النشطاء جاء على الرغم من أن قيادة البوليساريو استطاعت لمدة أكثر من أربعة عقود أن تحكم قبضتها على الفضاء العمومي بفرض حالة الطوارئ لمنع جميع أشكال التظاهر والاحتجاج، وصادرت الحق في حرية التعبير للأصوات المخالفة لتوجهات القيادة.

سجل مرصد الصحراء تواتر حالات القتل التي تستهدف سكان المخيمات رغم أنهم لا يشكلون أي خطر على الأمن والنظام العام

وتراكمت طيلة العقود الماضية داخل مخيمات تندوف ممارسات لا حقوقية في حق الصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف، من بينها منع التعبير عن الرأي ووأد كل حركة تنادي بمراجعة الطرح الانفصالي. وناشد المضطهدون المنتظم الدولي والفعاليات الحقوقية الدولية للتدخل من أجل الوقوف على حجم الانتهاكات الموجودة بالمخيمات.

وأكد حمادة لبيهي، رئيس رابطة الصحراء لحقوق الإنسان، أن ما يقع من قمع ممنهج من طرف البوليساريو ضد الأصوات والقوى المدنية التي تعارض خطابها ونهجها السياسي الأحادي وصل حد تنظيم عمليات الاختطاف القسري والقتل خارج إطار القانون لكل صوت معارض، وتضيّق الخناق على اللاجئين الصحراويين في انتهاك فاضح لحقوقهم الأساسية التي يكفلها القانون الدولي.

وبدوره، تحدث التقرير على حملات وعمليات اختطاف عديدة طالت المطالبين بحقوقهم المشروعة؛ من قبيل أحداث الرابوني يوم 28 مايو 2019 التي أسفرت عن اعتقال 14 ناشطا من الحراك، واعتقال معارضين أمثال مولاي آبا بوزيد والفاضل أبريكة والمدوّن محمود زيدان فيما يسمى بقضية المعتقلين الثلاثة ليتم الإفراج عنهم بعد خمسة أشهر من اعتقالهم.

وقد سجل مرصد الصحراء تواتر حالات القتل التي تستهدف سكان المخيمات رغم أنهم لا يشكلون أي خطر على الأمن والنظام العام، مشيرا إلى واقعة قتل شاب صحراوي على أيدي عناصر الجيش الجزائري في أغسطس 2019.

وأكد لبيهي على مسؤولية الجزائر التي تقع هذه الانتهاكات داخل أراضيها، حيث لم تقم بأي إجراء لمعالجة هذه الوضعية السيئة طبقا لما تمليه عليها التزاماتها الدولية بمجال حماية حقوق الإنسان، خاصة وأن البوليساريو كتنظيم مسلح غير خاضع للإجراءات الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان.

حمادة لبيهي: قمع البوليساريو وصل حد الاختطاف القسري والقتل
حمادة لبيهي: قمع البوليساريو وصل حد الاختطاف القسري والقتل

وأدان التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بمخيمات تندوف هذه التجاوزات التي تطال الحق في الحياة لسكان مخيمات تندوف، بتحميل الجزائر وقادة البوليساريو مسؤولية هذه الجرائم، مؤكدا أن “غياب المساءلة في هذه الحالة يعتبر بحد ذاته انتهاكا للحق في الحياة”.

كما نبّه التقرير إلى أن الأجهزة القضائية الجزائرية مازالت تنأى بنفسها عن التحقيق في أي ملف يتعلق بانتهاكات مورست ضد سكان مخيمات تندوف، باعتبارها السلطة المناط بها التحقيق في جميع الخروقات التي ترتكب داخل أراضيها.

ودعا التقرير إلى تحمل النظام الجزائري كامل مسؤوليته القانونية وحماية المقيمين في مخيمات تندوف، بالإضافة إلى الوفاء بالتزاماته المترتبة عن تصديقه على الاتفاقية الخاصة باللاجئين والبروتوكول الخاص بوضع اللاجئين.

واعتبر عدد من المنظمات الحقوقية العالمية والإقليمية أن البوليساريو لا تتورع عن فعل أي شيء من أجل تثبيت موقعها ضد إرادة المجتمع الدولي والقوانين الدولية، إلى حد استعمال المدفعية الثقيلة خلال شهر أبريل 2019، لإخماد الاحتجاجات التي عرفتها المخيمات ضد قرار يقيّد حرية التنقل قبل أن تلجأ في شهر يونيو من نفس العام إلى شن حملة واسعة من الاختطافات لوقف الاحتجاجات المتواصلة.

وتساءل هوبير سيلان، الحقوقي والمحامي الفرنسي، عن مصير موكله أحمد خليل القيادي السابق في البوليساريو الذي أوقفته السلطات الجزائرية قبل أن يدخل في عداد المختفين منذ 6 يناير 2009.

وذكر سيلان بأن خطورة انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف تجلت بوضوح في التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 2 أكتوبر 2019، والذي قدّم معلومات تلقتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بشأن المضايقة والاعتقال والاحتجاز التعسفي وإساءة المعاملة التي تعرض لها مدافع عن حقوق الإنسان ومدون منخرط في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة، وكلاهما تم اعتقالهما في يونيو 2019.

تراكمت طيلة العقود الماضية داخل مخيمات تندوف ممارسات لا حقوقية في حق الصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف، من بينها منع التعبير عن الرأي

وطالب التقرير السنوي لمرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان، بإحالة منفذي وداعمي تلك الانتهاكات إلى المحاكمات العادلة وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان، باعتبارها جرائم لا تسقط بالتقادم.

كما أوصى التقرير بالعمل على فتح تحقيق بخصوص جميع حالات الاختطاف والاختفاء القسري، التي وقعت على مدى أكثر من أربعة عقود بمخيمات تندوف، وتوجيه الدعوة إلى الفريق الأممي المعني بالاختفاء القسري أو غير الطوعي، بالإضافة إلى السماح بتأسيس الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومة بالمخيمات.

وأكد خبراء مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان على ضرورة رفع حالة الطوارئ في مخيمات تندوف وتمتيع المقيمين هناك بالحق في التظاهر السلمي بعيدا عن حملات التخوين والتشويه ضد المحتجين. كما نادوا بضمان حرية التنقل للسكان دون شروط وإلغاء العمل بنظام التراخيص لمغادرة المخيمات أو التنقل داخلها.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: