قطاع الأعمال المغربي يتلمس طريق الانتعاش بعد الإغلاق

منحت الحكومة المغربية جرعة تفاؤل لقطاع الأعمال عقب السماح له بالعودة إلى النشاط مجددا بعد توقف دام لأسابيع جراء الإجراءات الاحترازية المتبعة لمواجهة جائحة كورونا مع تقديم الدعم اللازم في ما يتعلق بالحصول على التمويل وخاصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة المتضررة من أزمة الإغلاق.

عمّ التفاؤل أوساط الأعمال المغربية في أعقاب قرار الحكومة المغربية السماح للشركات بالعودة لاستئناف أنشطتها الاقتصادية الأسبوع المقبل رغم تمديد حالة الطوارئ والحجر الصحي لثلاثة أسابيع إضافية.

واعتبر مهنيون أن الخطوة ستعطي إمكانية للتعافي من تداعيات فترة الإغلاق المستمرة منذ مارس الماضي، مع الوضعية الهشة التي تعانيها القطاعات المشمولة بالقرار.

وطالب وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون، من الفاعلين الاقتصاديين بمزيد من التعبئة من أجل توفير الظروف المواتية لبلورة خطة إنعاش الاقتصاد التي يتم العمل على تحديد دعائمها في إطار مشروع قانون مالي معدل.

وأكد رئيس الحكومة سعدالدين العثماني أنه من الصعب الجزم بشأن سيناريو نمو يكون واضح المعالم حول التطورات المستقبلية للمؤشرات الرئيسية للاقتصاد، الذي يبقى رهينا برفع الحجر الصحي بشكل كامل وسرعة استئناف القطاعات الاقتصادية لنشاطها والذي يمكن أن يتم وفق آفاق زمنية مختلفة.

واتجهت لجنة اليقظة الاقتصادية، التي تشرف عليها وزارة الاقتصاد، لتسهيل شروط حصول الشركات الصغيرة والمتوسطة الشركات الصغيرة جدا المتضررة على التمويل لاستئناف النشاط.

وسيسري هذا الأمر حتى نهاية العام الجاري، كما أن اللجنة قررت إسقاط مبدأ الحاجة إلى تقديم ضمانات للحصول على قروض من الآن فصاعدا.

وسيكون من بين التحديات الرئيسية، حسب العثماني، التفكير في الآليات التي سيتم تعبئتها لضمان توفير التمويلات اللازمة للشركات وخصوصا الصغرى والمتوسطة من أجل استئناف أنشطتها.

وقدم صندوق النقد العربي قرضا للمغرب بقيمة تناهز 127 مليون دولار، بهدف توفير الموارد المالية اللازمة بما يدعم الوضع المالي للبلاد ويلبي الاحتياجات الطارئة.

ويعمل الصندوق كداعم للجهود الإصلاحية للبلدان الأعضاء وإجراءاتها المتخذة لتحفيز اقتصاداتها وتوفير السيولة بهدف احتواء الآثار السلبية لتفشي فايروس كورونا.

محمد بنشعبون: علينا التكاتف جميعا لتوفير ظروف بلورة خطة الإنعاش

ويشدد بنشعبون على أن الوزارة حريصة على جعل خطة إنعاش الاقتصاد ميثاقا للتنمية المستدامة وتوفير فرص العمل.

وأكد أن هناك طموحا مشتركا تقتسمه كافة الأطراف بدءا من الحكومة مرورا بالشركات والقطاع المصرفي وصولا إلى الشركاء الاجتماعيين، وذلك وفق التزامات محددة بشكل واضح ومبنية على آليات ناجعة للتتبع والتقييم.

ويفترض أن يتم التركيز في إطار خطة الإنعاش الاقتصادي على دعم العرض وتحفيز الطلب بهدف توفير آليات التمويل التي ستتم تعبئتها لقطاع الأعمال بشكل عام.

ويقول المسؤولون إن الخطة ستشكل حافزا مهما يمكّن من مواكبة العودة التدريجية لمختلف القطاعات لممارسة نشاطها، وتوفير الظروف المواتية لانتعاش اقتصادي واعد ومدمج، بعد تجاوز مرحلة الأزمة.

وتتوقع الحكومة أن يكلف شهران من الحجر الصحي، الاقتصاد المغربي 6 نقاط من نمو الناتج الداخلي الإجمالي لهذا العام، أي ما يعني خسارة مليار درهم (102 مليون دولار)، عن كل يوم من الحجر.

ووفق تقرير للكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب، يفقد الاقتصاد الكثير من الأرباح المفترضة بسبب السوق السوداء والذي يفوّت على الخزينة العامة نحو أربعة مليارات دولار سنويا، أي ما يعادل 21 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي غير الزراعي للبلاد.

ولم يخف بنشعبون التأثيرات الكبيرة للجائحة على الاقتصاد، وأشار إلى أنه بناء على المعطيات المتوفرة للأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، تم تسجيل تراجع كبير للصادرات بنحو 61.5 في المئة مقابل 37.6 في المئة بالنسبة للواردات.

نجيب أقصبي: هدف الإجراءات الحكومية يتمثل في ألا تنهار الشركات

وارتباطا بالإجراءات الكفيلة بمحاصرة التأثيرات المتوقعة لأزمة كورونا على أداء الاقتصاد، أوضح نوفل الناصري، عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أنه من الضروري اعتماد بنك المغرب المركزي سياسة نقدية توسعية، أي ضخ سيولة مالية في المصارف.

وشدد الناصري على ضرورة ضخ المزيد من السيولة النقدية في السوق المحلية عن طريق إعطاء قروض بفوائد منخفضة للمشاريع الاستثمارية والاستهلاك الأسري، مؤكدا أن هذا الإجراء سيعطي دفعة قوية على تحريك عجلة للطلب، مما سيعد دعما مهما للاقتصاد.

وبالموازاة مع الإجراءات قصيرة المدى، وإدراكا منها لأهمية الإجراءات الاستباقية لما بعد الأزمة، فإن تعزيز قدرة النمو الاقتصادي على استشراف آفاق المستقبل يعد حجر الأساس للخروج من هذه الكبوة.

ويرى الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي أن الإجراءات الحكومية لمواجهة الفايروس جيدة لأن الهدف منها يتمثل في العمل على ألا تنهار الشركات المغربية، مشيرا إلى أن أخطر ما يهددها هو الإفلاس لأن الأزمة ستظل وقتها دائمة وليس مؤقتة.

وترى الحكومة أنه يستوجب الأمر التفكير في كيفية ترشيد النفقات العامة حتى تكون وسيلة لإنعاش الاقتصاد المحلي، وذلك من خلال مراجعة أساليبها وأولوياتها، من أجل دعم الإنتاج والاستهلاك.

وأكد البنك الدولي في تقرير نشره يناير الماضي، أن الإصلاحات المغربية لمنظومة الأسعار ودعم أسعار الطاقة، ساهما خلال الفترة الممتدة بين 2010 و2014، في تحسين مناخ الأعمال وتحقيق أهداف المشاريع.

أما صندوق النقد الدولي فقد أكد أن أداء الاقتصاد المغربي حافظ على توازنه رغم ضعف النمو لدى أكبر شركائه التجاريين والمخاطر الخارجية المرتفعة والتقلبات التي شهدها قطاع إنتاج الحبوب.

واشار خبراء الصندوق أن المغرب أثبت التزامه بالإصلاحات المالية الهيكلية المهمة، التي مكنت من تعزيز قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات الخارجية، وتحقيق نمو أعلى وأكثر شمولا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: