رئيس الحكومة المغربية يعلن فتح نقاش وطني في منهجية تخفيف الحجر الصحي الأسبوع المقبل

ينطلق المسؤول المغربي في رؤيته لما بعد مرحلة فيروس كورونا المستجد، إن تمت السيطرة على الوباء بعد الحد من انتشاره وتقلص أعداد الإصابات الجديدة مع ارتفاع أعداد المتعافين ووصول عدد حالات الوفاة إلى الصفر.
ومرحلة ما بعد كورونا، مغربياً، تعني الوقاية من عودة الفيروس والاستفادة من التلاحم بين كل المكونات المغربية لمواجهة الفيروس ليكون منطلقاً نحو تجاوز الآثار السلبية للوباء والذهاب نحو تشذيب التجاوزات التي عرفها تطبيق إجراءات الوقاية والحفاظ على ما أنجز في ميدان حقوق الإنسان والحريات وتطويره.
وأكد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية وأمين عام حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، على ضرورة إيجاد نفس ديمقراطي جديد في البلاد، لأنه لا يمكن أن تكون تنمية سياسية بلا ديمقراطية وبلا أحزاب سياسية فاعلة ديمقراطية ذات قرار مستقل، قادرة على التفاعل بمواقف مستقلة وواضحة متفاعلة مع المواطنين والمواطنات، وذات مصداقية وتهتم بهم. وهو ما ينبغي أن نحث عليه جميع الأحزاب السياسية كي يملأوا الساحة بالنقاش السياسي المستقبلي».
وقال في ندوة نظمتها شبيبة الحزب مساء الخميس، حول موضوع دور الأحزاب الوطنية في مواجهة كورونا، بمشاركة نزار بركة الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (وطني معارض) ونبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي المغربي سابقا)، دعا إلى مد اليد «من أجل مصلحة المستقبل بحس وطني مفتوح، لأن مصلحة الوطن في المقدمة، ولأن ما نعيشه اليوم نعانيه غداً، وهذا جزء من ثمن تؤديه الأحزاب السياسية التي تريد أن تخدم بلدها، وإعطاء نفس الحوار والمشاركة مع المواطن، وهذا ربحنا وقوة ثقتنا في المؤسسات المنتخبة».
واضاف إنه سيتم فتح نقاش وطني في منهجية تخفيف الحجر الصحي والخروج منه في المدة القريبة والمتوسطة الأسبوع المقبل. وفي الآن نفسه، تحقيق الانعاش الاقتصادي بعد الخروج من الحجر الصحي بسبب تأثيرات هذا الوباء وفق قانون المالية التعديلي الذي سيناقش أيضاً، وأن أولويات الحكومة والتوجهات ذات الأولوية هي الصحة والتعليم وللحماية الاجتماعية والتشغيل، وأهمية تسريع البحث العلمي والتنمية الرقمية. واليوم الجميع اقتنع بذلك، ما سيسهل علينا الكثير من الأمور. وأكد أن الجهد الاجتماعي الموجه خلال الجائحة لفائدة 5 ملايين و200 ألف شخص، تستمر بشكل يومي، وسيتم يوم الخميس القادم دعم «الشطر الثاني لحوالي مليوني شخص بالقطاع غير المهيكل وسيتم توزيع ذلك تدريجياً خلال الأسبوعين المقبلين.
وقال رئيس الحكومة المغربية إن جائحة كورونا لن تزول دفعة واحدة، وإنّ على المواطنين أن يستعدوا للتعايش معها خلال الشهور المقبلة، و»سيكون علينا أن نتعايش مع فيروس كورونا عاماً أو عاما ونصف العام، هذا ما يقوله الخبراء، حيث ستستمر عدد من الإجراءات الاحترازية، مثل استعمال وسائل الوقاية، والتباعد الاجتماعي، واستعمال الكمامات».
وقال العثماني إن الجهود التي بذلها المغرب للخروج من أزمة كورونا بأقل الخسائر مكّنت من إنعاش القطاعات الاقتصادية، مضيفاً أن «المغرب يصدّر الكمامات إلى عدد من الدول المتقدمة، وفق معايير مضبوطة ومقبولة في هذه الدول» بعد أن وفّر حاجياته من المواد المتعلقة بالوقاية من فيروس كورونا، مثل كحول التعقيم التي كان يستوردها، وتقدمنا حتى في صناعة أجهزة التنفس التي يصنعها مهندسون مغاربة».
وأضاف أنه إلى جانب الإيجابيات يوجد نقص «نعترف به وننصت إلى من يعبر عنه، وارتكاب الخطأ وتصحيحه يحسب للحكومة وليس العكس».
ودعا الأمين العامّ لحزب الاستقلال، نزار بركة، والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بن عبد الله، إلى إبرام تعاقد مجتمعي جديد، بعد تجاوز أزمة جائحة كورونا، قصد القطع مع الهفوات التي وسمت مرحلة ما قبل الجائحة، وإنجاح النموذج التنموي الجديد الذي يحضّر له المغرب.
وقال بركة إن اللحظة الراهنة تحتم الوصول إلى تعاقد مجتمعي جديد يفضي إلى إنجاح النموذج التنموي الجديد، يقوم على «تقوية الإنجازات التي تحققت خلال عشرين سنة الأخيرة، والقطع مع السياسات التي توسع الفوارق الاجتماعية والمجالية، والحد من الاستغلال المفرط للموارد المائية والطبيعية، وتعزيز التحول الرقمي للاستفادة من الانتقال الذي يعرفه العالم على هذا المستوى».
وأبرز بركة أن المحطة الحالية من تاريخ المغرب «هي محطة سياسية بامتياز، لأنها محطة الاختيارات الكبرى، وعلى جميع الأحزاب أن تساهم في اتخاذ القرارات، لأن المغرب شهد بعد التدخل الملكي ارتفاعاً في منسوب الثقة لدى المواطنين في السلطات العمومية وفي البلاد، وعلينا أن نحافظ على هذه الثقة».
ودعا أمين عام حزب الاستقلال إلى «وضع معايير واضحة من أجل الاستفادة من الدعم الاجتماعي، كي لا نخلق لدى المواطن أملاً اليوم، وغداً لن يستفيد، حتى يعرف من لديه الحق في الاستفادة من عدمه»، وأن أزمة كورونا أثبتت أن هناك إمكانية لإخراج المواطنين من الفقر، ومراجعة الهيكلة المؤسساتية حتى تكون أكثر تكاملاً وتنسيقاً ونجاعة لخدمتهم، لأنها كانت محطة للاختيارات الكبرى يجب أن تساهم فيها جميع الأحزاب السياسية». وقال إن ثقة المواطن تبنى على «رؤية واضحة ودقيقة للمستقبل، ومصداقية تربط الفعل بالقول، إضافة إلى العمل على تطوير الأبعاد الأساسية للتشارك والمساهمة حتى يكون انخراط المواطنين في الشأن التدبيري بعيداً عن الإحساس بالحيف والظلم، والقطع مع السياسات التي تؤدي إلى تسويغ الفوارق الاجتماعية والمجالية، والاستغلال المفرط للموارد المائية والطبيعية، مع العمل على تقوية الرقمنة، وتحقيق التحول الرقمي في البلاد، للاستفادة من الفرص المتاحة على الصعيد الدولي بالنسبة للاستثمارات وفرص الشغل».
وقال بركة: « بظهور أولويات جديدة في هذه الفترة، ينبغي أخذها بعين الاعتبار، وهي تقوية السيادة الوطنية بضمان الأمن الغذائي في البلاد والتمويل الاستراتيجي المرتبط بالطاقة والماء، مع تشجيع المنتوج المغربي وتقوية الاندماج داخل الوطن وتقوية دور الدولة في التعليم والصحة، خاصة من خلال العمل على تقديم الخدمات العمومية بأحسن جودة للمواطنين وبكيفية منصفة»، فضلاً عن تقوية التماسك الاجتماعي، وتقليص الفوارق الاجتماعية.
وقال نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن مرحلة ما بعد كورونا تستوجب تعاقداً سياسياً جديداً، مبنياً في المقام الأول على ميثاق اجتماعي بين الدولة والمقاولات والأجراء والنقابات، بموجبه تقوم الدولة بدعم المقاولات مع التزام هذه الأخيرة بالحفاظ على مناصب الشغل وضرورة تعميق الديمقراطية والحرية، «فلا يمكن أن تكون الدولة قوية إلا بالديمقراطية ومشاركة جميع فئات الشعب في اتخاذ القرار، ولا يمكن أن تتحقق التنمية التي ننشدها جميعاً إلا في مناخ تسوده الديمقراطية وتفعيل بنود الدستور، والارتقاء بدور الفاعل السياسي والنهوض بدور الأحزاب وتقوية دور الحكومة، وإطلاق نفس ديمقراطي جديد يليه حوار صريح بين جميع الفرقاء».
ودعا إلى «نقاش عمومي للخروج التدريجي من الحجر الصحي، بالتنوير والتعامل مع الشعب بنضج ومسؤولية، والقضايا المرتبطة بما بعد الجائحة، لأن غداً لن يكون كما كانت عليه الأمور من ذي قبل»، واقترح أهم الإجراءات التي ينبغي اتخاذها لإعادة عجلة الاقتصاد الوطني إلى سكته.. أن ترتّب الحكومة الأولويات، وأن تبحث عن الإمكانيات المالية، وتطبيق الضريبة على الثروة، والضريبة على الملاكين الفلاحيين الكبار، واتخاذ إجراءات لمحاربة التملص الضريبي، وتقليص الاستيراد.
وشدد على أنه «يجب علينا مناقشة الحجر الصحي في الإعلام، وبيان الإجراءات الاحترازية التي يتبغ التقيد بها. هناك أناس لم يستطيعوا أن يلتزموا. وحذار أن ندخل في نوع من التراخي، لأننا سنؤدي الثمن بشكل باهض. ولا يمكن أن تناقشه الحكومة وحدها، وهذه لحظة سياسية بامتياز أن نقوم بتضحيات، والوضع الاقتصادي سيكون صعباً»، داعياً رئيسَ الحكومة إلى الالتفات إلى الصعوبات المالية التي تتخبط فيها المقاولات الإعلامية، سواء الناشرة للصحف الورقية أو المواقع الإلكترونية، فالجرائد الورقية التي صارت تصدر إلكترونياً والمواقع الإخبارية قامت بدور كبير جداً في زمن الجائحة، ولا بد من الالتفات إليهم، لكن الصحافة تحتضر بسبب الأزمة رغم أن الإعلام «يقوم بنضال كبير في الظرفية الراهنة. والدعم الذي تستفيد منه المؤسسات الإعلامية غير كاف، ولا بد من دعم استثنائي، لأن القطاع يحتضر، ولأنه لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية حية بدون إعلام».
وأكد بن عبد الله ضرورة المحافظة على الديمقراطية وتطويرها والانطلاق من دستور الحالي للارتقاء بالفاعل السياسي والوسائط الاجتماعية، وتقوية الحكومة لتلعب دورها متماسكة، وتوسيع الفضاء الحقوقي، وإطلاق نفس ديمقراطي جديد حتى نواجه المستقبل بنقاش عمومي قوي وصريح». وشدد على أنه يتعين أن نتعامل بشكل مختلف، وأفضل أن يكون هناك بعد الجائحة للرجوع إلى مسالك أبانت عن ضعفها وهفوات مختلفة بالنسبة لهذا التوجه».
وأثار ملف المغاربة العالقين في الخارج، موجهاً كلامه لرئيس الحكومة باعتباره المسؤول المباشر عن الملف، خصوصاً أن أوضاعهم أصبحت متدهورة، بسبب نفاد أموالهم، وتدهور أحوالهم في عدد من بلدان العالم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: