ثقة الشارع المغربي في الأحزاب السياسية تتراجع

كشفت دراسة أنجزتها مؤسسة “الباروميتر العربي” تراجع ثقة الشارع المغربي في الأحزاب السياسية بشكل لافت، في وقت تواجه فيه الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي في المغرب موجة من الانتقادات بسبب ضعف أدائها في مواجهة تداعيات جائحة كورونا.

وأرجعت الدراسة ضعف الثقة في الأحزاب المغربية إلى فقدان النزاهة والانضباط لدى معظمها، فيما ساهمت أزمة كورونا في كشف هشاشة التعبئة لدى هاته الأحزاب لاسيما الحاكمة منها.

وتنتقد جمعيات مغربية طريقة تعامل الأحزاب السياسية في مواجهة وباء كورونا سواء عبر الظهور المحتشم لمناقشة بعض القضايا في ندوات افتراضية أو من خلال بلاغات تدعو المواطنين إلى الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي تم وضعها.

وتتهم هذه الجمعيات إلى جانب منظمات وطنية أخرى ما تصف بانتهازية الأحزاب السياسية في التعامل مع الجائحة، مؤكدة أن دور الأحزاب في تدبير أزمة كورونا لم يكن بالشكل الذي كان منتظرا ما سينعكس بالضرورة على أدوارها السياسية في المستقبل.

مراقبون يعتبرون أن التشكيك في مجهودات الأحزاب السياسية يضر بالديمقراطية في المغرب

وردّ رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني بالقول إن حكومته تقوم بمجهودات مضنية من أجل مواجهة الجائحة، وذلك خلال إشرافه الخميس على ندوة ضمت أحزاب الائتلاف الحكومي.

ودعا العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى ضرورة الدفع بالنقاش السياسي والإنصات للمواطنين لتعزيز قوة الاقتراح في مواجهة تداعيات الوباء. وأكد أن “لا تنمية دون أحزاب سياسية فاعلة ديمقراطية ذات قرار مستقل، وقادرة على التفاعل بمواقف مستقلة وواضحة متفاعلة مع المواطنين، وهو ما ينبغي أن نحث عليه جميع الأحزاب السياسية”.

ويرى مراقبون أن تبخيس العمل السياسي والتشكيك في مجهودات الأحزاب يضران بالديمقراطية في المغرب ويضعفان المؤسسات الحزبية وغيرها، مشيرين إلى أنه في غياب التعددية الحزبية لن تكون هناك ممارسة ديمقراطية.

ودعا الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبدالله إلى إبرام تعاقد مجتمعي جديد، بعد تجاوز أزمة كورونا، قصد القطع مع الهفوات التي وسمت مرحلة ما قبل الجائحة، وإنجاح النموذج التنموي الجديد الذي يحضّر له المغرب.

كورونا يكشف ضعف الأحزاب الحاكمة

وقال بنعبدالله إن مرحلة ما بعد كورونا تستوجب تعاقدا سياسيا جديدا مبنيا في المقام الأول على ميثاق اجتماعي بين الدولة والمقاولات والأجراء والنقابات، تقوم الدولة بموجبه بدعم المقاولات مع التزام هذه الأخيرة بالحفاظ على مناصب الشغل.

وأضاف أنه “لا يمكن أن تتحقق التنمية التي ننشدها جميعا إلا بالارتقاء بدور الفاعل السياسي والنهوض بدور الأحزاب وتقوية دور الحكومة، وإطلاق نفس ديمقراطي جديد يليه حوار صريح بين جميع الفرقاء السياسيين”.

وأبرز بركة أن “هذه اللحظة محطة سياسية بامتياز وكل الأحزاب عليها أن تساهم، لذا علينا أن نحافظ على مصداقية ربط القول بالفعل، لأننا نعتبر أن الثقة تكون من خلال العمل على تطور الأبعاد الأساسية في التشارك في المساهمة حتى يكون الانخراط لدى المواطن كي لا يحس بالظلم والحيف”.

ويشير مراقبون إلى أن غياب برامج سياسية تؤطر المواطن وخبرة ميدانية فاعلة لدى جل الأحزاب للتعامل مع الأزمات الكبيرة أدى إلى فقدان الثقة في أي تحرك حزبي في الوقت الراهن أو مستقبلا.

ودعا الأكاديمي المغربي عبدالرحيم العلام إلى استغلال الحجر الصحي الذي فرضه وباء كورونا من “أجل التفكير العميق في الأعطاب التي تعاني منها البنية التقليدية للأحزاب السياسية، ومعالجتها بشكل جماعي بعيدا عن المزايدات”.

ويتوقع العلام أن خارطة الأحزاب بالمغرب ستتغير بعد كورونا، وحتى إن لم يتقلص عدد الأحزاب بشكل كبير، فما هو مؤكد هو التقلص الكبير الذي ستعرفه البنية التنظيمية للأحزاب.

وتحمل أطراف أخرى مسؤولية تراجع ثقة الشارع المغربي في الأحزاب السياسية إلى أحزاب المعارضة أيضا التي لم تقدم خارطة طريق بديلة للخطط الحكومية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: