ترامب يلوح بوقف تمويل منظمة الصحة العالمية

لوح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتعليق المساهمة الأميركية في منظمة الصحة العالمية بصورة دائمة وذلك في أحدث تهديدات يوجهها ترامب للمنظمة العالمية التي تعهدت بفتح تحقيق بشأن انتشار وباء كورونا بعد أن لقيت تضامنا من قادة الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين الذين اصطفوا خلف المنظمة في مواجهة التهديدات الأميركية.

هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الاثنين، بتعليق تمويل بلاده لمنظمة الصحة العالمية بصورة دائمة في خطوة تؤكد أن المنظمة العالمية تدفع ثمن الخلاف الصيني الأميركي الذي بلغ أوجه.

وفي حديثه عن الخطوة التي قد يتخذها في هذا الإطار قال ترامب إنه “سيجمد التمويل الأميركي لمنظمة الصحة العالمية ما لم تجر تحسينات خلال 30 يوما” مضيفا أن ذلك ستترتب عليه كذلك إعادة النظر في عضوية الولايات المتحدة في هذه المنظمة.

ويتهم الرئيس الأميركي منظمة الصحة العالمية بالترويج لمعلومات صينية “مضللة” بخصوص تفشي فايروس كورونا، رغم أن مسؤولي المنظمة نفوا الاتهام وقالت الصين إنها تتحلى بالشفافية والانفتاح.

وعقب هذه التهديدات أعلنت العديد من الأطراف مساندتها للمنظمة العالمية أبرزها الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين.

ويرى مراقبون أن تماسك المنظمة زمن الوباء بات مهددا أكثر من أي وقت مضى رغم الدعم الذي تحظى به حيث لا يعد التهديد الأميركي وليد اللحظة.

وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق تعليق المساهمة الأميركية قبل أن يتراجع ويستأنف تقديم الدعم للمنظمة وذلك بعد اتهامها بأنها أخفت حقائق تتعلق بانتشار الفايروس في مقاطعة ووهان الصينية. وأودى الوباء بحياة أكثر من 316 ألف شخص في العالم، والولايات المتحدة هي الدولة الأكثر تضررا مع أكثر من 90 ألف وفاة وما لا يقلّ عن 1.5 مليون إصابة.

وكثّف ترامب انتقاداته لمنظمة الصحة العالمية بسبب إدارتها للأزمة وأمهلها مدة شهر للتوصل إلى نتائج مفيدة سواء على مستوى التحقيقات المزمع فتحها حول انتشار الوباء أو محاولات التوصل إلى لقاح.

وقال ترامب في تغريدة “إذا لم تلتزم منظمة الصحة العالمية إدخال تحسينات جوهرية كبيرة في غضون الثلاثين يوما المقبلة سأحوّل تجميدي المؤقّت لتمويل الولايات المتحدة لمنظمة الصحة العالمية إلى تجميد دائم وسأعيد النظر في عضويتنا في المنظمة”.

وفي ردّ على الدعوات الأميركية وافقت الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية على فتح تحقيق بشأن استجابة الوكالة الأممية لتفشي فايروس كورونا المستجد في ظل تفاقم الانتقادات الأميركية لطريقة تعاطيها مع الوباء.

وتبنّت الدول التي شاركت في الاجتماع السنوي لمنظمة الصحة العالمية الذي انعقد عبر الإنترنت لأول مرة، قرارا بالإجماع يدعو إلى “تقييم محايد ومستقل وشامل” للاستجابة الدولية للأزمة، بما في ذلك التحقيق في الخطوات التي قامت بها المنظمة و”إطاراتها الزمنية في ما يتعلّق بوباء كوفيد – 19”.

ويرى مراقبون أن الضغوط التي باتت مسلطة على ترامب داخليا في سنة إعادة الانتخاب وتخوفه من خسارة هذا الاستحقاق يجعله يواصل مهاجمة المنظمة العالمية لتفادي الانتقادات بشأن استجابة إدارته لمكافحة الوباء.

من جانبها، ردت الصين الثلاثاء بقول المتحدث باسم خارجيتها تشاو ليجيان إن رسالة الرئيس الأميركي مليئة بالافتراءات.

سيرجي ريابكوف: نرفض ضرب منظمة الصحة العالمية بما ينسجم مع مصالح واشنطن

وقال تشاو خلال إفادة اعتيادية “الرسالة المفتوحة من القيادة الأميركية مليئة بعبارات محملة بالتلميحات والتكهنات والاحتمالات وتحاول تضليل الرأي العام بهذا الأسلوب المريب لتحقيق هدف تشويه جهود الصين في منع تفشي الجائحة والافتراء عليها وتحويل المسؤولية عن عجزها على التعامل مع الفايروس”.

وأضاف أن قرار الولايات المتحدة وقف المساهمة لمنظمة الصحة العالمية هو انتهاك لالتزاماتها الدولية.

ومنذ بداية الأزمة والولايات المتحدة والصين تتبادلان الاتهامات حول الطرف الذي يقف خلف الوباء خاصة وأنهما كانتا تخوضان حربا تجارية مستعرة.

ومن جانبه قال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية الثلاثاء إن المنظمة لم تصدر بعد تعقيبا على رسالة ترامب لكن من المتوقع أن تستوضح الأمر بشكل أكبر قبل أن تدلي بتعقيب.

وقالت المنظمة الاثنين إن مراجعة مستقلة لأسلوب التعامل العالمي مع الفايروس ستبدأ في أقرب وقت ممكن وإنها تلقت دعما وتعهدا قويين بالتمويل من الصين، التي تتسلط عليها الأضواء لأن بداية ظهور الوباء كانت فيها.

ومن جهتها نددت روسيا الثلاثاء بالمحاولات الأميركية الهادفة إلى تقويض منظمة الصحة العالمية.

وصرح نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف “نرفض ضرب منظمة الصحة العالمية بما ينسجم مع المصالح السياسية أو الجيوسياسية لدولة واحدة، أي الولايات المتحدة”. وأضاف “نعم، هناك إمكانات لتحسينها (المنظمة)، دعوات إلى إصلاحها، ونتعامل مع هذه الدعوات في شكل مسؤول وبناء ونحن مستعدون كما في السابق للمشاركة بكثافة في ما يتم القيام به في هذا الصدد”.

وتقود المنظمة التابعة للأمم المتحدة مبادرة دولية لتطوير لقاحات واختبارات وأدوية آمنة وفعالة لمنع ظهور مرض كوفيد – 19، الذي يسببه فايروس كورونا، وتشخيصه وعلاجه.

هل تدفع المنظمة ثمن صراع أميركي صيني محموم على الزعامة

وتم تسجيل أكثر من 4.75 مليون حالة إصابة بفايروس كورونا في العالم وأكثر من 314 حالة وفاة. وساهمت الولايات المتحدة بأكثر من 400 مليون دولار لمنظمة الصحة في 2019، وهو ما يمثل حوالي 15 في المئة من ميزانية المنظمة.

ودفعت واشنطن بالفعل حوالي 58 مليون دولار للمنظمة هذا العام حسبما صرح مسؤولون كبار بالإدارة الأميركية الشهر الماضي، وهو ما يمثل نصف المطلوب منها دفعه لعام 2020.

وتقدم الولايات المتحدة عادة مئات الملايين من الدولارات سنويا كتمويل طوعي مرتبط ببرامج محددة بالمنظمة مثل حملات مكافحة شلل الأطفال والأمراض الممكن الوقاية منها باللقاحات وحملات مكافحة الإيدز والتهاب الكبد الوبائي والسل وصحة الأم والطفل.

ومن غير المعروف حجم التمويل الطوعي الذي قدمته الولايات المتحدة لبرامج المنظمة في 2020.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: