فيديو: “بيغاسوس”.. سلاح إسرائيلي في خدمة الإمارات للتجسس
حقوق الإنسان في الإمارات- يوما بعد آخر، تظهر الوقائع والدلائل حجم التعاون الأمني بين الإمارات العربية وإسرائيل في سبيل التجسس على المعارضين داخل الدولة وخارجها، والعمل على وأد الثورات الشعبية في الوطن العربي.
وآخر هذه الوقائع ما كشف عنه موقع “مذر بورد” (Motherboard) أن أحد موظفي شركة “إن إس أو” (NSO) الإسرائيلية المتخصصة بتطوير برامج التجسس لصالح الحكومات والأنظمة، قد أساء استخدام منتجات الشركة لأغراض شخصية.
وتعود الحادثة لعدة سنوات عندما سافر موظف من الشركة في ذلك الوقت إلى الإمارات العربية المتحدة للعمل، وقال موظف سابق: إن الشركة الإسرائيلية أرسلت الموظف “للقيام بالدعم الفني في الموقع”.
ولكن أثناء وجوده في الموقع، دخل الموظف مكتب العميل وقام بتسجيل الدخول إلى نظام “بيغاسوس” (Pegasus) خارج ساعات العمل العادية، وأدخل رقم هاتف الهدف -الذي كان امرأة يعرفها الموظف شخصيا- لتبدأ عملية الاقتحام لهاتفها، بحسب أحد المصادر المطلعة على الحادث.
ويمكن لبرنامج “بيغاسوس” تتبع موقع الهدف، وقراءة نصوصه، ورسائله الإلكترونية، ورسائل المنصات الاجتماعية، وسحب صوره ومقاطع الفيديو الخاصة به، وتشغيل كاميرا الجهاز والميكروفون.
وانكشف الموظف عندما وصل للعميل الإماراتي تنبيه بأن برنامج “بيغاسوس” قد تم استخدامه في غير أوقات العمل الرسمية، ليقوم بفتح تحقيق ويصل إلى موظف شركة “إن إس أو” الإسرائيلية، وقال مصدران إن السلطات في الإمارات احتجزت الموظف وأبلغت الشركة الإسرائيلية بالحادثة.
وأضاف المصدران أن الشركة فصلت الموظف، وعقدت اجتماعا لإخبار الموظفين بالحادث للتأكد من أنه لن يتكرر مرة أخرى.
ويوجد في الإمارات ثلاث وكالات استخبارات: أمن الدولة الإماراتي، ووكالة الاستخبارات الإماراتية، وخدمات المخابرات العسكرية.
وتعتبر الحادثة -التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقا- إساءة استخدام خطيرة لمنتجات “إن إس أو”، والتي تستخدم عادة من قبل وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات، وتسلط الضوء أيضا على أن تكنولوجيا المراقبة الإسرائيلية القوية متواجدة بيد السلطات الأمنية الإماراتية.
وعلى الرغم من أن الشركة معروفة جيدا في عالم الأمن والتجسس، فإن الأضواء سلطت عليها بعد بيع تكنولوجيا القرصنة الخاصة بها إلى المملكة العربية السعودية، والتي استخدمت الأداة لاقتحام هواتف المعارضين السياسيين، بما في ذلك اتصالات الكاتب في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي، والتي قتل داخل السفارة السعودية في إسطنبول عام 2018 بناء على طلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأشار ديفيد كاي، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، إلى وجود “إرث تاريخي من الضرر تسبب به برنامج بيغاسوس”.
ودعا كاي إلى وقف عالمي لتصدير تكنولوجيا القرصنة، وقال إن الحادث يثير عددا من الأسئلة حول شركة “إن إس أو”، فكيف يمكن للموظف فعل ذلك في المقام الأول؟ وهل كانت هناك حوادث أخرى لإساءة استخدام المنصة.
ورفعت “فيسبوك” دعوى قضائية ضد شركة التكنولوجيا الإسرائيلية بسبب قيامها باستغلال ثغرة أمنية في تطبيق “واتساب”، ليتمكن عملاؤها من اختراق الهواتف عن بعد عن طريق طلب رقمهم فقط.
وأفادت وكالة “رويترز” بأن مكتب التحقيقات الفدرالي كان يفحص استخدام برامج “إن إس أو” الخبيثة لاستهداف المقيمين والشركات الأميركية منذ عام 2017 على الأقل.
وفي أغسطس 2018 كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” النقاب عن استخدام الإمارات برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس” في اختراق هواتف أمير دولة قطر، وقائد الحرس الوطني السعودي متعب بن عبد الله، وصحافييّن ومثقفين عرب،
كما طال التجسس، وفقًا للتقرير، 159عضوًا في الأسرة الحاكمة القطريّة. لكن اكتشاف هذا البرنامج في الإمارات، تم أول مرة في أغسطس/آب 2016 بعد محاولة فاشلة لتنصيبه على هاتف آيفون للناشط في حقوق الإنسان في الإمارات والمعتقل حاليا في سجونها أحمد منصور، من خلال رابط مشبوه في رسالة نصية.
وبحسب الصحيفة الأميركية فإن الإمارات وقّعت عقدا لشراء برنامج المراقبة الإسرائيلي منذ أغسطس 2013، وبعد عام ونصف من هذا التاريخ، أظهرت إحدى الوثائق أن شركةً بريطانية تعمل ضمن المجموعة الإسرائيلية طالبت بمبلغ 3 مليون دولار كدفعة سادسة، ما يؤكد أن المبلغ الذي دفعته الإمارات خلال هذه الفترة فقط لا يقل عن 18 مليون دولار لقاء هذه التقنية، لتشتري تعديلا آخر على البرنامج بعد عام من ذلك من شركة أخرى في المجموعة مقرّها قبرص.
و”أن أس أو” هي شركة إسرائيلية متخصصة في تطوير أدوات التجسس السيبراني، تأسست عام 2010 ويعمل فيها نحو 500 شخص أبرزهم ضباط سابقون في جيس الاحتلال الإسرائيلي وتقع قرب “تل أبيب”.
وكانت الشركة محل جدل كبير في السنوات الأخيرة، حيث يقول مختبر سيتزن لاب الكندي لمراقبة الإنترنت، إن “بيغاسوس”، الذي تسوقه الشركة تستخدمه دول تتميز “بسجلات مشبوهة في حقوق الإنسان وتواريخ من السلوك التعسفي لأجهزة أمن الدولة”.
و”بيغاسوس” من برامج التجسس باهظة التكلفة، فوفقا لقائمة أسعار 2016 –بحسب موقع فاست كومباني- فإن شركة “أن أس أو” تطلب 650 ألف دولار من العملاء مقابل اختراق عشرة أجهزة إضافة إلى نصف مليون دولار رسوم تثبيت البرنامج.
ويعتبر من أخطر برامج التجسس “وأكثرها تعقيدا” وهو يستهدف بشكل خاص الأجهزة الذكية التي تعمل بنظام التشغيل آي أو أس لشركة آبل، لكن توجد منه نسخة لأجهزة أندرويد تختلف بعض الشيء عن نسخة آي أو أس.
ويمكن للمشغلين تحديد موقع الشخص المستهدف والتنصت عليه وإنزال تطبيقات وتسجيل مكالمات والتقاط صور بواسطته، وإجراء مكالمات، وقراءة وكتابة رسائل نصية قصيرة وإيميلات، ودخول شبكات تواصل اجتماعي مثل “فيسبوك” و”تويتر” و”لينكد إن”، وإجراء مراسلات باسم صاحب الجهاز في “ماسنجر” و”سكايب”.
ووفقا لتحقيق صحفي لصحيفة “هآرتس” العبرية نشريته في نوفمبر 2018 كشف أن مجموعة “أن أس أو” الإسرائيلية أبرمت صفقة مع مسؤولين سعوديين لبيعهم برنامج لاختراق الهواتف الخلوية “بيغاسوس 3” مقابل مبلغ 55 مليون دولار، وأن ذلك تم قبل بضعة أشهر من إطلاق ولي العهد السعودي حملة على معارضيه في الداخل.