الأزمات تدفع الجزائر لزيادة الرسوم على المنتجات النفطية
أجبرت تقاطعات الأزمات العالمية ما بين تهاوي أسعار النفط وانتشار فايروس كورونا الجزائر على زيادة أسعار المنتجات النفطية وإقرار خطة موازنة معدلة تأخذ بعين الاعتبار تراجع إيرادات الطاقة وتلاشي الاحتمالات المالية السابقة بسبب ظهور صدمات اقتصادية فاقت سقف الاحتياطات المالية.
اقترحت الحكومة مشروع خطة موازنة معدلة لعام 2020 تتضمن زيادة في أسعار المنتجات النفطية بغرض ترشيد الاستهلاك الداخلي للطاقة وتعبئة موارد إضافية لسد الفجوة المالية التي خلفها الوباء وتهاوي أسعار النفط.
وتنص الخطة على رفع سعر البنزين والديزل لخفض استهلاكه ووارداته في خطوة تصفها بمحاولة لتخفيف الضغوط على الاقتصاد بسبب انخفاض حاد في إيرادات الطاقة.
ونقلت رويترز نص المشروع المصادق عليه الأحد من طرف مجلس الوزراء والذي سيعرض قريبا على البرلمان، ويقترح لسنة 2020 زيادة في تسعيرة الرسم على المنتجات النفطية بواقع 3 دينارات للتر بالنسبة لمشتقات البنزين الثلاثة ونحو 5 دينارات للتر بالنسبة للغازوال.
وشددت الحكومة على أن هذه الزيادة تأتي بفعل انهيار أسعار البترول، والتداعيات الوخيمة لذلك على الدول الأخرى المصدرة للنفط وعلى التوازنات المالية العامة جراء العجز المعتبر المسجل في الميزانية وميزان المدفوعات.
وبحسب وثيقة مجلس الوزراء، والتي ترسم الخطوط العريضة لمراجعة شاملة لسياسات البلاد المالية بعد الهبوط في أرباح الطاقة، سيتسبب الضغط المالي في انكماش الاقتصاد 2.6 في المئة هذا العام بعد نمو بنحو 0.8 في المئة في 2019.
وفاقمت الجائحة العالمية الوضع في ظل هبوط أسعار النفط، مما اضطر الحكومة إلى خفض الإنفاق والاستثمارات المزمعة للعام الجاري في عدد من القطاعات، بما في ذلك النفط والغاز.
رفع الرسوم الضريبية المطبقة على البنزين والغازويل لتعبئة موارد مالية وكبح نشاط شبكات التهريب
وبموجب الإجراءات الجديدة التي وضعها مجلس الوزراء، ستكون الميزانية معتمدة على سعر للنفط عند 30 دولارا للبرميل انخفاضا من 50 دولارا في الخطة االسابقة. وفي مسعى لإيجاد مصادر تمويل جديدة للاقتصاد شديد الاعتماد على النفط، تعتزم الحكومة أيضا فرض ضرائب على بعض السلع.
وفي هذا الإطار تضمن مشروع خطة الموازنة اقتراح رفع الرسم الضريبي المطبق على معاملات السيارات السياحية الجديدة، حيث يهدف هذا الإجراء إلى زيادة المبالغ المطبقة في ما يتعلق بنشاط السيارات السياحية ذات محرك البنزين وذات محرك الديزل.
ولكن الجزائر التي تحاول تنويع مصادر اقتصادها بعيدا عن النفط والغاز قد تستثني بعض الشركات من الضرائب والرسوم الجمركية للمساعدة في دعم قطاعاتها غير المرتبطة بالطاقة وجذب استثمارات أجنبية.
وتتضرر مالية الدولة التي تقلصت بالفعل نتيجة هبوط في أسعار النفط منذ 2014، بشدة هذا العام بسبب انهيار سوق الطاقة نتيجة الجائحة العالمية.
واضطر ذلك الحكومة إلى تغيير خططها السابقة للعام الجاري عن طريق خفض الإنفاق العام بنسبة خمسين في المئة بشكل رئيسي وتأجيل استثمارات مزمعة في قطاعات منها النفط والغاز.
وبموجب الخطة الجديدة، سيرتفع سعر البنزين العادي والبنزين الممتاز والبنزين الخالي من الرصاص بنسبة 5.7 في المئة للتر، في حين سيزيد سعر الديزل بنسبة 15.5 في المئة.
وأسعار الوقود المحلية منخفضة جدا وفق المعايير الدولية، حيث أنها مدعومة من الحكومة. ويشكل إجمالي إنفاق الدعم، والذي يشمل أيضا المواد الغذائية الأساسية والأدوية والإسكان وغيرها، 8.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتستهدف الزيادة المزمعة أيضا مكافحة التهريب إلى الدول المجاورة التي ترتفع فيها أسعار الوقود بكثير وتخفيف الضغط المالي.
وقال مجلس الوزراء في الوثيقة التي ركزت فيها الحكومة أيضا على الحاجة إلى خفض العجز التجاري “تواجه الجزائر، شأنها شأن الدول الأخرى المصدرة للهيدروكربونات، عجزا كبيرا في الميزانية وميزان المدفوعات”.
وكانت الجزائر تأمل في تقليص عجز ميزان المدفوعات إلى 8.5 مليار دولار هذا العام من 16.6 مليار دولار في 2019. لكن أحدث الأرقام الرسمية أظهرت أن العجز التجاري زاد بنسبة 80 في المئة في أول شهرين من 2020 بعد تراجع أرباح الطاقة بنسبة 28.17 في المئة.
والضرائب الجديدة المزمعة هذا العام من المقرر فرضها بشكل أساسي على واردات السيارات بعد أن قررت الحكومة رفع حظر على مشتريات من الخارج.
ولكن السلطات ستشجع الإنتاج المحلي من خلال إلغاء ضريبة القيمة المضافة للمواد الخام المستوردة والمحلية بهدف الاستخدام في مصانع تجميع السيارات وكذلك الصناعات الإلكترونية والكهربائية.
وستستفيد أيضا الشركات الناشئة، أو الصغيرة، من إعفاء ضريبي لمدة ثلاث سنوات، وهو إجراء يتزامن مع خطة حكومية لإلغاء قاعدة تفرض حصة أقلية لمستثمرين أجانب في مشروعات تشمل القطاعات غير المرتبطة بالطاقة.