خلافات مستجدة داخل حزب الأصالة والمعاصرة تنذر بتفككه

كشفت خلافات مستجدة داخل حزب الأصالة والمعاصرة أكبر أحزاب المعارضة في المغرب عن توجه لبعث مشاريع سياسية جديدة على أنقاض هذا الحزب، وذلك بعد اتهام قائده الحالي بالانفراد بالرأي وإصدار قرارات بشكل أحادي لا تتماشى وتوجهات الغالبية داخله، في وقت حذرت فيه أطراف من أن تمثل هذه الخيارات ضربة قاصمة لمستقبل الحزب ورؤيته الحداثية.

فاقمت معارضة قيادات كبيرة من حزب الأصالة والمعاصرة عزل عبداللطيف وهبي، الأمين العام للحزب، لرئيس التكتل البرلماني بمجلس النواب وتعيين رئيس بدلا منه أزمة أكبر حزب معارض في المغرب.

وتأتي هذه المعارضة بعد أن تسبب وهبي كذلك في انشقاقات كبيرة في وقت سابق بعد سعيه لتحويل مكتب سياسي مصغّر إلى أداة تنظيمية وإصدار سلسلة تعيينات للأمناء الجهويين، ما رفع منسوب التوتر داخل الحزب.

وبدأ الصراع داخل حزب الأصالة والمعاصرة منذ مؤتمره الوطني الرابع، في فبراير الماضي، بين عبداللطيف وهبي الممثل السابق لتيار المستقبل، ومعارضيه الذين كانوا يتعاطفون مع الأمين العام السابق، ومنهم البرلماني محمد أبودرار والقيادي العربي المحرشي، الذي يتزعم مع آخرين تيارا يريد الانسحاب وتأسيس حزب آخر على أنقاض الأصالة والمعاصرة.

وقال مصدر من داخل الحزب  إن هذا التيار يعمل منذ مدة وفي صمت على استقطاب عدد كبير من القيادات والمناضلين بداخل الهياكل الموازية من أجل إحداث رجة قوية داخل الحزب بإفراغه من كوادره، وسحب البساط من تحت قدمي الأمين العام الجديد.

وأكد ذات المصدر أن العربي المحرشي، البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، ومن يدعمه من خارج الحزب يدفع في اتجاه التجهيز لتأسيس حزب جديد نواته الأساسية من كوادر الأصالة والمعاصرة، ولا يستسيغ الانضمام الى حزب قائم تكون فرص قيادته ضئيلة أو منعدمة حتى وإن كان هناك اتفاق مسبق. وفي تصريحات، أخرجت الخلافات داخل الحزب إلى العلن، اتهم العربي المحرشي جهات من داخل الأصالة والمعاصرة بخوض حرب ضده وضد ابنته البرلمانية، كما لم يستبعد أن تكون أيضا جهات حزبية منافسة مؤكدا أنه سيهزم خصومه، سواء المنتمين إلى الأصالة والمعاصرة أو إلى جهات حزبية أخرى.

ويرى مراقبون أن كوادر الحزب التي لم تشملها أيّ تزكيات لمناصب ما بعد المؤتمر الأخير لم تتقبل قرارات الأمين العام الجديد ومنها إنهاء عقد خبرة كانت تجمعهم بالفريق النيابي للحزب بمجلس النواب منهم القيادي سمير بلفقيه.

ونبه محمد أبودرار إلى التفاف القيادة الجديدة على القانون محذرا من خطورة الوضع والتسبب في نزيف داخلي غير مسبوق، خاصة بعد هجرة الكثيرين صوب أحزاب أخرى.

وقد وصلت تداعيات الأزمة إلى ردهات المحاكم عندما رفع البرلماني محمد أبودرار رئيس التكتل البرلماني للحزب السابق بمجلس النواب دعوى قضائية ضد رئيس الحزب، حيث بدأت المحكمة تنظر منذ الاربعاء في حيثيات الدعوى من خلافات بخصوص تعيينات أعضاء المكتب السياسي ولجنة القوانين والأنظمة.

سليمة فرجي: قرارات قائد الحزب تضرب مصداقيته ومشروعه الحداثي

ولفت أبودرار إلى أن الدعوى الأولى التي رفعها استعجالية تستهدف وقف تنفيذ جميع القرارات التنظيمية المتخذة من قبل الأمين العام من تاريخ انتخابه إلى حين انعقاد المجلس الوطني للحزب، أو إلى حين صدور حكم في الطعن المعروض على القضاء.

أما الدعوى القضائية الثانية فقد تم رفعها بشأن إلغاء القرارات المتخذة من قبل الأمين العام باسم المكتب السياسي من تاريخ انتخابه أمينا عاما للحزب إلى حين انعقاد المجلس الوطني وانتخاب المكتب السياسي.

وكان عبداللطيف وهبي قد أعفى رئيس تكتل الحزب بمجلس النواب محمد أبودرار من مهمته، بسبب ما اعتبره تسجيل مجموعة من التصرفات الفردية غير المقبولة، وبرر وهبي قراره حينها بأنها تمّت بعد استشارة مجموعة من أعضاء المكتب السياسي، مؤكدا أن القرار يبقى ساريا حتى تفعيله بشكل رسمي بعد انتهاء فترة الحجر الصحي.

هذا القرار رفضه أبودرار معتبرا حيثياته مجرد أكاذيب يروجها الأمين العام في تفسيره لقراره، وتحداه أن يدلي للعموم بما يفيد ارتكابه أخطاء، الشيء الذي زاد من حدة التوتر بين الطرفين.

ويطعن معارضو عبداللطيف وهبي في خطوته تعيين مكتب سياسي غير منتخب من المجلس الوطني، وإحداث لجنة القوانين وتعيين أعضائها، ثم إعفاء وتعيين الأمناء الجهويين، وهو ما سيفتح حسب رأيهم جبهة جديدة بعد خصومة رئاسة الفريق النيابي بين القياديين.

وتساءلت سليمة فرجي، البرلمانية السابقة والقيادية بالأصالة والمعاصرة، عن السبب الذي جعل قرارات وهبي تخرق القانون والتي تشمل تعيين أمناء جهويين والتلويح بالتأديب.

وأضافت أن هذه القرارات تضرب مصداقية الحزب ومستقبله ومشروعه الحداثي في ظل أزمة وباء كورونا.

واعتبرت سليمة فرجي أن خرق القانون لأجل أهداف انتخابية لا يمتّ بصلة لمصلحة الحزب بل يعتبر انتهاكا للذكاء الجماعي لمناضلي الحزب ومؤسسيه، معتبرة أن مخلفات المؤتمر الأخير الذي فاز فيه عبداللطيف وهبي برئاسة للحزب لا زالت تلقي بظلالها على التنظيم.

ويتمّ الترويج بين أعضاء الحزب المعارضين للأمين العام الحالي، لوثيقة تحت اسم “المبادرة”، هدفها حشد الدعم لبناء مشروع سياسي بديل، ولازال هذا المشروع في مراحله الأولى حيث يحاول أصحابه إقناع جهات من الأعيان وسياسيين سابقين بقدرتهم على الوقوف بقوة في الساحة الانتخابية المقبلة وحصد مقاعد في عدد من الدوائر الانتخابية.

ولا تأخذ قيادة حزب الأصالة والمعاصرة هذه التحركات بجدية وتعتبرها مجرد مساومة على مناصب داخل الحزب، وأيضا بمثابة مناورة سياسية لكسب ورقة ضغط من أجل تزكيات شخصيات لمناصب انتخابية.

ولكن القيادية سليمة فرجي اعتبرت أن وهبي الذي كان يدير معاركه داخل التنظيم بأريحية عندما كان لا يتحمل المسؤولية الأولى بالحزب ليست متوفرة له اليوم، وهو ما سيضعه على محك المسؤولية التي ستختبر جاهزيته، محذرة من “مآزق حزب مقبل على عواصف متعددة قد تعصف بقاعدته”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: