ملف استعادة الأموال المنهوبة يحرج السلطة الجزائرية
أثار الوزير المستشار للاتصال في رئاسة الجمهورية والناطق الرسمي باسمها محند سعيد أوبلعيد، مصير الأموال المنهوبة في قضايا الفساد المفتوحة منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، ونفى تورط الدولة الجزائرية في ما بات يعرف بفضيحة سوناطراك الجديدة في لبنان.
وفي رد مبطن على الأصوات المتصاعدة في الشارع الجزائري، حول أسباب صمت السلطة عن الأموال المنهوبة، والإشارات الضمنية حول إمكانيات تواطؤ لإخفاء الحقيقة وإهدار حق الشعب في الثروات المنهوبة، شدد الناطق الرسمي باسم الرئاسة على أن “المهمة معقدة وتحتاج إلى أحكام قضائية نهائية”.
ويبدو أن السلطة باتت منزعجة من الانتقادات التي تطالها باستمرار، حول مصير وحجم الأموال المنهوبة من طرف رموز النظام السابق، خاصة وأن دوائر عديدة لم تتوان في إثارة شكوك حول تواطؤ السلطة الجديدة مع نظام بوتفليقة، لإخفاء الحقائق عن الشعب والمماطلة في استعادة الثروات المنهوبة.
وكان الرئيس عبدالمجيد تبون، قد تعهد خلال حملته الانتخابية، بـ”استعادة الأموال المنهوبة، وأنه يعلم حتى مكان تلك الثروات”، الأمر الذي تحول إلى استخفاف لدى قطاع عريض من الجزائريين، لأن “الرجل وضع نفسه في معضلة قضائية دون أن يدري، مما يوحي إلى أنه مجرد كلام دعائي لا غير”.
وأمام استعانة الحكومة بجيوب البسطاء لتمويل عجز الموازنة الداخلية، واللجوء لسن ضرائب جديدة ورفع أسعار البنزين بموجب قانون الموازنة التكميلي الذي يدخل حيز التنفيذ بداية من شهر جوان القادم، بات اللغط متصاعدا حول وعود السلطة باستعادة الأموال المنهوبة وغياب إحصائيات أولية عن الثروات التي حولها رموز النظام السابق من أموال الشعب إلى حساباتهم الخاصة.
وقال أوبلعيد “استرجاع الأموال المنهوبة سيتم بعد صدور الأحكام القضائية النهائية ضد المتهمين في القضايا المعنية، وأنها ستسترجع عندما تصدر الأحكام ضد الأشخاص المتهمين، وتكون أحكاما نهائية، وهي العملية التي تخضع لإجراءات دولية ليست بالسهلة”.
ولفت إلى أن “بلاده ننتظر صدور الأحكام النهائية، وربما سيشرع آنذاك في تحريك آليات استرجاع الأموال المنهوبة”، وهو رد غير متفائل ويكون قد جاء في إطار تهيئة الرأي العام لقبول الأسوأ بشأن الأموال المذكورة، قياسا بالتعقيدات القانونية والقضائية والتشريعية والدبلوماسية وحتى السياسية، خاصة وأن تجارب مماثلة في دول عربية لم تحقق ما كان يأمله الشارع في استعادة ثرواته.
وفي رده على سؤال حول الارتدادات التي خلفتها فضيحة جديدة لشركة سوناطراك في لبنان، وبروز قوى سياسية تطالب بإنزال أشد العقوبات على المتواطئين في صفقة فساد بين كوادر في سوناطراك الجزائرية ومؤسسة لبنانية للطاقة، أكد الوزير على أن “رئيس الجمهورية أمر بفتح تحقيق قضائي بخصوص القضية التي تتعلق بصفقة تجارية قام بها أحد فروع المجمع النفطي ( سوناطراك ) في لبنان”. وأضاف “القضية لبنانية لبنانية، وأن الجزائر كدولة غير متورطة في مثل هذه الأعمال، وأن العدالة ستأخذ مجراها وستقوم بتوضيح الحقيقة”، إلا أن الفضيحة أعادت اسم الوزير الجزائري السابق للطاقة شكيب خليل إلى الواجهة.
وتبدو تصريحات أوبلعيد، امتدادا لتوصيات حول إثارة المسألة بحذر من أجل إقناع الشارع، الذي بات أكثر قلقا على حجم ومصير الأموال المنهوبة من الدولة، خاصة بعد توريطه في إكراهات اجتماعية جديدة فرضتها الحكومة في قانون المالية التكميلي.