دعاوى قضائية مغربية ضد سلسلة كوميدية انتهكت حقوق الطفل
أثارت السلسلة الكوميدية المغربية “سوحليفة” التي تقدّم “القناة الأولى” (عمومية) جزأها الثاني، انتقادات شديدة من قبل فنانين وحقوقيين، بمبرر تهديدها لحقوق الطفل وأخلاق الناشئة وإعطاء القدوة السيئة للأطفال، حيث طالب بعضهم بتدخل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) لوقف بثها.
وطالب البرلماني المغربي عزيز الكرماط، الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بإيقاف عرض النسخة الثانية من سلسلة “سوحليفة”، معتبرا أنها تشكل خطرا كبيرا على الطفلة التي تؤدي بطولتها بشكل خاص، وعلى باقي الأطفال عموما.
وعدّد الكرماط اختلالات وعيوب السلسلة في شكاية وصلت جريدة “أخبارنا الجالية ” نسخة منها، يقول فيها “إن سوحليفة تمارس الأذى والعنف النفسي على الطفلة البطلة، إذ أن تشخيص هذا الدور يلزمها القيام بحركات وإيماءات جسدية مخلة بالأخلاق، كما تتضمّن المشاهد سلوكيات وألفاظا خادشة للذوق العام”.
وأضاف البرلماني المغربي في شكايته أن الدور الذي تقوم به سوحليفة “يفوق قدراتها المعرفية، الإدراكية والنفسية، كما يعرضها لمتاهات ‘الطوندونس’ (الظواهر المستحدثة)، ممّا قد يعرّض الطفلة بشكل كبير للنقد والتنمّر، الذي سيؤثر سلبا على مسارها واختياراتها المستقبلية كما يخلخل تكوين بنيتها النفسية”.
الطفلة تقدّم صورة توحي بالنضج السلبي في فهم الآخر، الذي هو الراشد، وتحليله وقراءته وتقديمه كأقل ذكاء منها
وفي شكايته وصف الممثل محمد الشوبي الأطفال من هذا النوع الذين نسميهم “الكارح أو الكارحة”، هم أطفال اغتصبت طفولتهم من قبل الكبار، وأصبحوا يحاولون التفكير مثلهم، ويبحثون عن القاموس الذي يستعمله الكبار دون فهم، مبرزا أن هؤلاء الأطفال غالبا ما ينعزلون في كبرهم، كأنهم قضوا دهرا من الزمن، ومنهم من سيخلد للاكتئاب والنكوص النفسي.
وعبّر عدد من المتابعين عن انتقادهم للسلسلة معتبرين أنها اعتداء وعنف حقيقي في حق الطفولة، وذلك بناء على بعض ما جاء في المادة 8 من القانون المتعلق بالاتصال السمعي البصري، التي تنصّ على أنه يجب على متعهدي الاتصال السمعي البصري الحاصلين على ترخيص أو إذن من القطاع العمومي للاتصال السمعي البصري تقوية حماية القاصرين إزاء المضامين السمعية البصرية المضرة، والمساهمة في تربيتهم على وسائل الإعلام وحماية المستهلك.
وأوضح البرلماني الكرماط أن من بين حقوق الطفل المتعارف عليها دوليا العنف النفسي والجسدي الذي يؤثر على سلوكيات الأطفال، والذي يمكن أن يُمارس على الأطفال بشكل أو بآخر ولو بحسن نية، حيث أن النية التي تؤدي إلى الأذى تصنّف في مصاف العنف والجريمة.
وتصدّرت السلسلة عدد المتابعات على يوتيوب بملايين المشاهدات وتحقيقها نسب مشاهدة مهمة على “القناة الأولى”، رغم الانتقادات الكثيرة التي لاحقت محتوى السلسلة بكونها غير مفيدة للأطفال والكبار على حد سواء.
وموضوع سلسلة سوحليفة يتمحور حول ثنائي يتكوّن من الفكاهي يسار المغاري وطفلة اسمها إسراء هي ابنة أخته في السيناريو، اضطرت والدتها إلى الهجرة إلى الخارج، فطلبت من أخيها أن يعتني بها حتى تتمكّن من إتمام سنتها الدراسية في ظروف عادية، وانضمت في الجزء الثاني من السلسلة فاتي جمالي بعد زواجها من المدني، والطفل “الأسطورة” الذي يجسّد دور أخي الطفلة إسراء. ويجسّد أدوار بطولة العمل التلفزيوني الكوميدي الشاب يسار المغاري وابنة أخته الطفلة إسراء، وملكة الجمال السابقة فاتي جمالي.
وعبّر بطل السلسلة الكوميدي يسار المغاري عن سعادته الكبيرة بما حقّقته “السوحليفة”، شاكرا الجمهور المغربي ومتابعي العمل المغاربيين ككل. الأمر الذي دفع الفنان محمد الشوبي إلى انتقاد “القناة الأولى”، قائلا “من المفروض ألاّ تقدّم مادة تسيء إلى طفلة بهذا الشكل وفي هذا الجو الرمضاني، وهي القناة الوطنية العمومية”.
ومن جهته، ناشد عبدالعالي الرامي رئيس جمعية منتدى الطفولة، “الهاكا” إيقاف بثّ السلسلة، مشيرا إلى أنه توصل بعدد من الطلبات من الآباء والأمهات وأولياء الأمور والمربين الواعين الذين يراقبون المحتويات التي يطلع عليها أبناؤهم، ويحرصون على عدم مشاهدتهم لهذه السلسلة التي يبثّ جزؤها الثاني خلال شهر رمضان.
ويتّفق البرلماني عزيز الكرماط على أن إشراك الطفلة في هذه السلسلة هو بمثابة إقحام للبعد الطفولي البريء في عالم الكبار، حيث تقدّم الطفلة صورة توحي بالنضج السلبي في فهم الآخر، الذي هو الراشد وتحليله وقراءته وتقديمه كأقل ذكاء منها.
وأشار الكرماط إلى أن التقليد هو وظيفة نفسية تساهم في تكوين البنية النفسية والعقلية للطفل وتؤثر على سلوكاته ومستقبله، وذلك من خلال عملية المحاكاة لشخصيات يعجب بها أو يعجب بها المحيط الذي يوجد فيه.
وبدورها، انتقدت طبيبة الأطفال إيمان المخلوفي “السوحليفة”، ودعت الآباء إلى “منع أبنائهم من مشاهدة السلسلة الكوميدية”، مؤكّدة “يجب القول إن هذه الطفلة تبقى طفلة في كل الأحوال، لا ذنب لها في ما تفعله لأنّها تحت وصاية أحدهم، والمرجو من أبويها إعادة النظر في ما يدفعان ابنتهما إليه، وحبذا لو اختارا أدوارها بما يليق بطفلة جميلة مثلها”.