يا_وطني_نحن_مقهورين

باريس/نجاة بلهادي بوعبدلاوي

كفى من هذه الأقلام المتاجرة بمآسي الفقراء، كفى من الأقلام الجارحة تجريحا لواقعنا الممتلئ هما وألما وفقرأ وعوزا؟ كفى حملة من هذه الأقلام وفرسانها في ساحة المواجهة طعنا في أحلامنا التي ما عدنا نمتلك غيرها عندما نشتاق إلى العيش الكريم والخلاص من لعنة الباطرونا ومصاصي الدماء.
إنهم ما زالوا يضربون بأقلامهم الممتلئة بمداد الإحباط على دف الضحك على الذقون، ولا أحد غيرهم يرقص على جراحنا، وحين نراهم يتمايلون يمنة ويسرة نشتعل غيظا، ولكن صوتا من أعماق شعبنا الجائع حتى العظم يظل ناطقا باسم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمجالية…
اليوم حان الوقت لنقول لهؤلاء الكتاب المنبطحين ولأقلامهم التي أدمنت الانحناء أمام الظلم والتجويع والتفقير، ثرثروا كما شئتم وارقصوا بأقلامكم ودفوفكم كما طاب لكم.. فنضالاتنا ومقاومتنا لسياسة التجويع والفقر مستمرة، ورغم كل هذا سنظل مرفوعي الهامة وننظر إليكم كالأراجوزات ترقصون في العتمة؟!
أمر هؤلاء الكتاب عجيب، بالأمس كانوا يخوٌنون مناضلي انتفاضة ما يعرف ب” كوميرا”، بعد ذلك جاء الدور على دجنبر المجيدة، تم حركة عشرين فبراير وحراك الريف وجرادة وزاكورة …لم نر يوما كاتبا يذرف دموع اليأس على الوطن ولا على المواطن المقهور، بل دوما يضع الأحزان في الأكفان ويدفنا في مقبرة النسيان.
لم نر في وطني سوى كتٌاب يُعكرون بأقلامهم مياه الفرقة الراكدة ليتسنى لهم الصيد فيها، فبعضهم ينحاز إلى يميني أو إسلامي ليطعن آخر، وبعضهم الآخر يستظل بـ السلطة ليهاجم بمداد قلمه الشديد السواد الفقراء ويصفهم بالقطيع.
إن هذا البعض وذاك البعض الآخر من حملة الأقلام المدحورة أو المأجورة لا ينتمون في معظمهم لأي حزب او جماعة أو من الشعب، غالبا هم لا مع هذا ولا مع ذاك إنما هم في حقيقتهم، وهذا على الأغلب، صيادون في مياه الفرقة والانقسام التي يعكرونها بأقلامهم الملوثة المداد قبل أن يشنوا هجماتهم وانتقاداتهم المبينة مصطنعين وزاعمين الانحياز أو الوقوف مع هذه الجهة أو تلك.
ولو حسنت نوايا أقلامهم وأوراقهم لوظفوا أفكارهم وكلماتهم لرأب الصدع وضمان العيش الكريم لجميع المواطنين…
كل هؤلاء الكتٌاب والمثقفون العباقرة يدٌعون أنهم ينطلقون من غيرتهم على الوطن وحرصهم على مصلحة الشعب وعدالة أحلامه وتطلعاته المشروعة، هيهات أية غيرة هذه تضع السم في الدسم وتلبس الباطل قناع الحق المصنوع من ورق ذي بريق كاذب ومخادع؟!
إن أشد أنواع النفاق في عصرنا هذا هو النفاق السياسي أو الإعلامي الذي يجانب الحقيقة ويحاول طمسها بكل وسائل الكتابة المتاحة..
فمتى ترفعون ظهوركم ورؤوس أقلامكم لتروا الحقيقة التاريخيّة هي أن المواطن (وصلات ليه لعظم )، ولكن هيهات من أدمن الانحناء لا يستطيع النظر إلى فوق حيث الأفق يفصح عن شمس ساطعة ..
#انتهى_الكلام

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: