جولة جديدة من المفاوضات بين لندن وبروكسل بآمال ضئيلة

لا يتوقع الخبراء والسياسيون نتائج كبيرة من الجولة الثالثة من المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بشأن علاقاتهما في مرحلة ما بعد بريكست والتي بدأت الاثنين، في ظل تمسك بريطانيا بمطالب محدودة بشأن التبادل التجاري بين الطرفين فيما تؤكد بروكسل أنها لن تتنازل عن شروط الشفافية حماية لمصالحها. وتؤكد تصريحات المسؤولين والمفاوضين من الطرفين أن مناخ المحادثات يشوبه انعدام الثقة.

 بدأت بريطانيا وبروكسل جولة ثالثة من المحادثات التجارية الاثنين وسط أمل ضئيل بتحقيق اختراق، في ظل تحد أكثر خطورة يتمثّل بالتعامل مع أزمة كورونا المستجد.

وأعربت نائب رئيس البرلمان الأوروبي كاتارينا بارلي، عن تشاؤمها إزاء النتائج المنتظرة من المفاوضات وذلك قبل بدء الجولة الجديدة من المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حول العلاقات المستقبلية في مرحلة ما بعد بريكست.

وقالت السياسية الألمانية المنتمية إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الاثنين في إذاعة محلية، إن “انعدام الثقة كبير. البريطانيون غير متمسكين على سبيل المثال بهذه الاتفاقية الانتقالية”، مضيفة أن المفاوضات لا تمضي قدما، موضحة أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى إبرام اتفاق كبير مع بريطانيا، بينما يسعى البريطانيون إلى اتفاقيات محدودة النطاق.

ورفضت بارلي حصول بريطانيا على المميزات فقط، وقالت “لا يمكن الدخول إلى السوق الداخلية، وفي الوقت نفسه تقويض المعايير الأوروبية بشأن السلامة المهنية وحماية المستهلكين وحماية البيئة، وبالتالي الحصول على امتياز. هذا لن يسري تحت أي حال”.

ولا تعتقد بارلي أن الطرفين سيتفقان على تمديد الفترة الانتقالية بحلول نهاية يونيو المقبل، إلا أنها لا تستبعد حدوث ذلك، وقالت “لقد أثبت (رئيس الوزراء البريطاني) بوريس جونسون أنه قادر على قلب الأمور”. وتتوقع بارلي مفاوضات صعبة في ما يتعلق باتفاقيات التجارة الحرة بين بريطانيا والولايات المتحدة، حيث تمر الولايات المتحدة حاليا بوضع صعب بسبب أزمة جائحة كورونا.

وبدأت المفاوضات الجديدة بلقاء عبر الإنترنت بين كبير المفاوضين عن الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه ونظيره البريطاني ديفيد فروست، اللذين تعافيا بعد إصابتهما بفايروس كورونا. وسيعقب اللقاء مؤتمرات عبر الفيديو يشارك فيها المئات من المسؤولين خلال الأسبوع.

كاتارينا بارلي: إن انعدام الثقة كبير، البريطانيون غير متمسكين بالاتفاقية

وانسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير. ولدى الطرفين مهلة حتى نهاية العام لوضع أساس جديد للعلاقات، ما لم يتم التمديد الذي يرفضه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تماما.

وانتهت جولة سابقة من المفاوضات عبر الإنترنت بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في 24 أبريل دون تحقيق تقدم يذكر، أعقبت جولة أولى في بروكسل في مارس كانت الوحيدة التي لم تجر عبر الفيديو.

ويتّهم الجانب الأوروبي بريطانيا بالتركيز على المسائل المهمة بالنسبة للندن فحسب وتجاهل تلك الأساسية لأعضاء الاتحاد الأوروبي، على غرار الصيد أو الاتفاق على حد أدنى من المعايير الصحية والبيئية.

واشتكى مفوض التجارة الأوروبي فيل هوغان من أنه لم ير “أي مؤشر يدل على أن أصدقاءنا البريطانيين يقاربون المفاوضات بخطة (تهدف إلى)
إنجاحها”.

من جانبها، تصر بريطانيا على أنها ملتزمة بالمحادثات. وقال متحدث بريطاني “لا نعترف بالإشارة إلى أننا لم نتعاون مع الاتحاد الأوروبي في أي مجال”، مضيفا “سنواصل التفاوض بشكل بنّاء للتوصل إلى حل متوازن يعكس الواقع السياسي لدى الجانبين”.

وكان متحدث باسم الحكومة البريطانية قد قال إن “علينا الآن إحراز تقدم بنّاء. لا زالت المملكة المتحدة مصمّمة على الوصول إلى اتفاق تبادل حر، على غرار الاتفاقات التي وقعها الاتحاد الأوروبي مع دول يتقاسم معها نفس وجهات النظر”.

وتُتهم بريطانيا كذلك بالمماطلة في تطبيق النصوص الأكثر حساسية في اتفاق الانفصال.

ويتعلق ذلك بإقامة حاجز جمركي بين أيرلندا الشمالية وباقي مناطق البر البريطاني الرئيسي، يعد فعليا حدودا في البحر الأيرلندي لم تقبل بها لندن إلا في نهاية محادثات الانفصال.

ولا يزال على بريطانيا تقديم تفاصيل بشأن الكيفية التي تنوي من خلالها القيام بعمليات التفتيش وقالت إنها ستقوم بذلك في الأسابيع المقبلة.

ونظرا لتدابير الإغلاق وتداعيات فايروس كورونا المستجد، يتوقع البعض في بروكسل أن التقدّم لن يتحقق إلا عند اقتراب المهلة النهائية إذ ستستغل لندن تداعيات الأزمة لتبرير تحوّل مفاجئ في الخطوط الحمراء.

اتهام بريطانيا بالتركيز على المسائل المهمة بالنسبة للندن فحسب 

والسبت، حذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من تزايد مخاطر بريكست في خضم أزمة كورونا.

وقال “إنه أمر مثير للقلق أن تواصل بريطانيا الابتعاد عن بياننا السياسي المتفق عليه في نقاط محورية بالمفاوضات… هذا لا يجوز، لأن المفاوضات حزمة كاملة، كما هو منصوص عليه في البيان السياسي”.

ولا يمكن توقع التوصل إلى اتفاق بشأن اتفاقية تجارة وشراكة شاملة أو تمديد مهلة المفاوضات لما بعد نهاية هذا العام.

وقال ماس “لا تزال الحكومة البريطانية ترفض تمديد المهلة… إذا استمر الأمر على هذا النحو، سيتعين علينا التعامل مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب كورونا، حتى نهاية هذا العام”.

وما لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول 31 ديسمبر، فستطبّق قواعد منظمة التجارة العالمية برسوم مرتفعة وحواجز جمركية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.

ويثير هذا السيناريو القلق خصوصا في وقت تواجه فيه القارّة أعمق ركود في تاريخها والذي ستفاقمه الفوضى في علاقات ما بعد بريكست.

وبالنسبة للندن تتلخص كل مطالبها من الاتحاد الأوروبي في إبرام اتفاق تبادل حر تقليدي على غرار ذلك الموقع بين بروكسل وكندا. لكن هذا الأمر مرفوض من جهة الاتحاد الأوروبي خاصة دون وضع ضمانات إضافية حيث تخشى من إقامة اقتصاد محرّر بالكامل على حدودها.

ويطالب الاتحاد الأوروبي بشروط منافسة “شفافة وعادلة” لمنع ظهور اقتصاد غير منظم على حدوده. وبموجب هذه الشروط يتم ضمان احترام المعايير المشتركة خصوصا في المجالات الاجتماعية والبيئية والمالية ومجال العمل، وهو ما ترفضه لندن بحجة “مراقبة قوانينها الخاصة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: