المغرب يوجه أنظاره إلى السياحة الداخلية لتجاوز كبوة الوباء

حولت الحكومة المغربية أنظارها إلى السياحة الداخلية لتحريك عجلة القطاع الذي تضرر بسبب جائحة فايروس كورونا، من خلال تقديم جرعة من المحفزات يكون فيها المواطنون محورا للخطة من أجل ضخ دماء جديدة في شريان أحد أبرز المحركات الإستراتيجية للنمو الاقتصادي المحلي.

دفعت أزمة وباء كورونا الحكومة المغربية إلى تشجيع السياحة الداخلية بشكل أكبر لتدارك مخلفات تراجع نشاط القطاع نتيجة الإغلاق، في الوقت الذي يرى خبراء أن عودة الرحلات إلى البلاد مرتبطة بتخفيف الدول لقيود الحجر.

وأكدت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، نادية فتاح العلوي، أمام لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، أن السياحة أكثر القطاعات تضررا من أزمة كورونا وأن تعافيها من الأزمة قد يستغرق وقتا طويلا.

ولتجاوز تداعيات الأزمة على القطاع ينتظر تحويل الجهود نحو السياحة الداخلية، خصوصا أن جلب السياح من الخارج سيكون صعبا بسبب قيود السفر في معظم الدول والتي قد تمتد إلى نهاية 2020.

ونصح الخبير المغربي في التدبير السياحي يوسف العزيزي الحكومة بإعادة تنشيط السياحة الداخلية على المدى القصير جدًا لتعويض خسائر السياحة الخارجية جراء أزمة
الوباء. وفيما يتعلق بخطة وزارة السياحة للخروج من الأزمة، قالت العلوي، إنه سيتم استئناف النشاط السياحي “بشكل حذر وتدريجي”، مع توجيه الجهود للسياحة الداخلية عبر العديد من الإجراءات.

ومن بين تلك الإجراءات التشجيع على العطل القصيرة، وإطلاق حملة ترويجية لتحفيز المغاربة على السفر والتنقل بين مناطق البلاد، مع دعم ومواكبة الفاعلين في القطاع.

وفرضت الرباط إجراءات احترازية منها تأجيل التظاهرات وتعليق الرحلات الجوية مع كافة دول العالم وإغلاق المحلات التجارية وإعلان حالة الطوارئ الصحية، وتوقيف جميع القطارات وتأمين الحد الأدنى التنقل عبر القطارات، ما تسبب في تضرر القطاع السياحي بشكل مباشر.

87 في المئة من المؤسسات السياحية من أصل 3989 أغلقت أبوابها نتيجة الفايروس

وأكدت الكونفدرالية الوطنية للسياحة أن إغلاق الحدود تسبب في شلل تام لجزء كبير من العاملين في قطاع السياحة. وتشير البيانات إلى أن قرابة 87 في المئة من المؤسسات السياحية من أصل 3989 أغلقت أبوابها، وأدى ذلك إلى تراجع العائدات السياحية بالعملة الأجنبية.

ويعتقد العزيزي، الباحث بالجامعة الخاصة بمراكش، أنه رغم كون مرحلة الحجر الصحي تنطوي على تدابير وقيود جوية وإغلاق الحدود والفنادق، ما يجعل السفر مستحيلاً، فإنها من الممكن أن تعطي فرصة مستقبلا ستكون المؤسسات خلالها قادرة على “الترويج التكتيكي” للوجهات السياحية.

ويحتل قطاع السياحة المرتبة الأولى من حيث عوائد السلع والخدمات بنسبة تبلغ 22 في المئة، بينما يساهم بنحو 7 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي، وهو ثاني أكبر قطاع مساهم في النمو الاقتصادي. كما تعد السياحة أهم قطاع مشغل لليد العاملة التي تزيد عن 550 ألف وظيفة مباشرة، أي ما يقارب 5 في المئة من فرص العمل المتاحة في السوق المحلية.

وتسببت أزمة كورونا في تضاعف إلغاء الحجوزات في الفنادق وفي الخطوط الملكية المغربية، ما تسبب في تكبدها خسائر بملايين الدولارات. ووفقا لرابطة صناعة الفنادق، تم خفض 50 في المئة من حجوزات السفر في مدينة مراكش كما تم إلغاء أكثر من 10 آلاف حجز في الوقت الحالي.

وتقول وزيرة السياحة إن التدابير الوقائية لمواجهة الجائحة، أدت إلى إغلاق معظم المؤسسات السياحية، وهو ما جعل طاقة إشغال الفنادق تتراجع بنهاية مارس الماضي بنحو 63 في المئة في عدة مدن رئيسية في مقدمتها مراكش وأغادير والدار البيضاء وطنجة والرباط ومكناس والصويرة.

نادية فتاح العلوي: تعافي السياحة من أزمة كورونا قد يستغرق وقتا طويلا

ولمعاضدة جهود الدولة في إعادة تنشيط القطاع، طرحت الكونفدرالية الوطنية للسياحة إجراءات تتضمن ضرورة الحفاظ على أدوات الإنتاج عبر تحفيزات بنكية ولقطاع التأمينات والضرائب من أجل الحد من حالات الإفلاس، وتفادي انقطاع سلسلة القيم عبر الحفاظ على فرص العمل وعدم المساس بالقدرات التنافسية للبلاد.

وكانت الحكومة قد قررت وضع إطار قانوني يسمح لمقدمي خدمات الأسفار والنقل السياحي وشركات الطيران بتعويض المبالغ المستحقة لزبائنهم، على شكل وصل بالدين يقترح خدمة مماثلة أو معادلة، دون أي زيادة في السعر.

وسيعمل القانون الحالي، الذي أعدته وزيرة السياحة تجنيب مقدمي الخدمات شبح الإفلاس، إذ رخصت، بصفة استثنائية، للمهنيين بإعطاء وصل دين بدلا من إرجاع المبالغ التي تسلموها. كما أن التدابير التي اعتمدتها لجنة اليقظة المنبثقة عن الحكومة، للعاملين في القطاع لن تغطي سوى ثلاثة أشهر، أي لغاية نهاية الشهر المقبل، وسط توقعات باستمرار الشلل إلى نهاية العام الجاري، على أن تعود السياحة للنشاط تدريجيا بداية من أبريل المقبل.

ويتوقع أن تصل خسائر القطاع من حيث رقم المعاملات إلى قرابة 34 مليار درهم (3.4 مليار دولار) مع نهاية هذا العام، نتيجة العجز المالي الذي سيضرب مجال الفندقة، حيث قد يصل إلى نحو 1.5 مليار دولار.

وحتى يتم إعطاء السياحة نفسا جديدا، تطالب الكونفدرالية الوطنية للسياحة بإعفاء شركات القطاع، التي تلتزم باستمرار عمل 80 في المئة من قوتها العاملة، من دفع رسوم الضرائب ومساهمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمدة 12 شهرا بدلا من ثلاثة أشهر مقررة حاليا.

ويرتقب أن تعلن وزارة السياحة، بعد رفع حالة الطوارئ الصحية وعودة الحياة بشكل تدريجي، عن حزمة من الإجراءات لتشجيع المغاربة على السياحة الداخلية ومن ضمن ذلك إطلاق “بطاقات السفر”، مع إعفاء ضريبي، ودعم مالي لتشجيع المواطنين على استهلاك المنتجات السياحية المحلية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: