حديث رمضان في زمن الكورونا
باريس / نجاة بلهادي بوعبدلاوي
في شهر رمضان المبارك، يجد الكثير من الناس فرصة ذهبية تتاح لهم لكي يبادروا إلى تنقية قلوبهم، ومد جسور صلة الرحم فيما بينهم، ويتجسد ذلك في صورة اجتماع العائلة على مائدة الإفطار، وانتظامهم في جلسات المسامرة بعد الفطور والتي غالبا ما تستمر إلى ما قبل موعد السحور..
فما أجمل أن تجتمع العائلة على مائدة خلال شهر رمضان المبارك.
لقد هل رمضان هذه السنة ونحن في الحجر الصحي والطوارئ، رمضان ليس كعادته، وأنا في المهجر بعيدة عن وطني وأهلي، تتبادر إلى ذهني الكثير من التساؤلات كيف سأنهض للسحور بعد أن تعودت على صوت أختي وهي تناديني كل ليلة بعدما تهيء مسبقا مائدة السحور ؟ ..كيف سيكون السحور بدون أن تقرع الطبول ويدق المدفع ؟..
كيف ستكون صلاة الفجر بدون سماع صوت المؤذن في حينا؟ وكيف لن أستمع لهذا الصوت المنبعث من الصالون وأخي يقرأ القرآن ويرثله ترثيلا..
تنقضي الساعات وأنا أعرق في ذكريات رمضان عندما كنت وسط أحبتي وأهلي وزملائي وأصدقائي ورفاقي، بعد الفطار نذهب نحتسي القهوة نتناقش أو ننظم وقفات احتجاجية أمام البرلمان ..كانت أيام جميلة …
ويأتي موعد الافطار وها أنا أجد نفسي أجلس لوحدي على مائدة الافطار بعد أن كنا جميعا ننتظر جلوس والدي كي نجلس بعده ونردد معه دعاء الافطار وكعادتها المائدة الرمضانية الجميلة تزهو بما قد صنعته الوالدة من أصناف الطعام ونبدء الفطور ب(الحليب والتمر)، ولكن هذه المرة لم يكن مذاقه كما عهدته فقد كان له في بلدي طعم خاص
أما الآن لاأشعر بمذاقه بل أشعر بمرارة الغربة وغصة الألم تعتصرني كل ما تذكرت أجواء رمضان ذات النكهة المغربية الخاصة…
في اليوم الرابع عشر وبعد الفطور يعم حولي سكون مقبع بعد أن اعتدت على أن أسمع أصوات أبناء الحي وهم يلعبون أمام حديقة بيتنا ويتقاسمون الحلوى، … بكيت كثيرا لاني لم أشعر بنكهة رمضان كما في كل عام….كنت أخشى أن يمتد هذا التخوف ويتسع إلى أن يذهب جمال رمضان الذي لا يقدر بثمن، ولكن بعد تأمل اكتشفت أن الوحدة هي الدافع القوي لأن تتعلق أكثر بوطنك وأهلك ورفاقك، فالبعد عن الأهل وعن الأحباب يكشف لك حقيقة أن لا وكيل ولا مؤنس ولا جبار للقلوب إلاالله سبحانه وتعالى