طائرات دون طيار تلاحق خطر فايروس كورونا في المغرب

أزمة الوباء تزيح الستار عن مواهب مغربية في ميدان الابتكارات التكنولوجية من طائرات درونز إلى تطبيقات نظام التنفس الرقمي الذكي والوصفة الطبية الإلكترونية

أثبتت التكنولوجيا جدواها في مقاومة فايروس كورونا كما في المجالات الصحية الأخرى، وقد ظهرت في الآونة الأخيرة طائرات درونز تقوم بالعديد من المهمات، وفي المغرب تقوم هذه الطائرات بعملية التعقيم، كما أثبت الشباب المغاربة مواهبهم في الابتكارات التكنولوجية التي تساعد على مقاومة الوباء المستجد.

يطوّر المغرب استخدام الطائرات المسيرة في مكافحة فايروس كورونا المستجد في شتى المجالات، من مراقبة السكان من الجو وتوجيه رسائل تحذير إلى تعقيم المساحات العامة، في تدابير تتماشى مع توجه دولي لإيجاد حلول تراعي التباعد الاجتماعي.

قال عبدالرحمن كريويل، مؤسس “شركة فراشة سيستم” إن “طائرة رش دون طيار” تمثل نموذجا بارزا للتجهيزات التي يتم تعميمها في هذه الفترة من الأزمة الصحية، لافتا إلى أنها تتيح الرفع من قدرة تدخل فرق التعقيم التابعة لمختلف الجماعات، وخاصة على مستوى المواقع مثل الفضاءات المفتوحة والعمومية، ومواقف السيارات بالمراكز التجارية أو مداخل المصانع والمستشفيات.

و”الفراشة” شركة ناشئة نجحت في جمع التمويل لتطوير خط إنتاج للطائرات دون طيار في الرباط للمراقبة الحرارية ورش المطهرات.

الطائرات من دون طيار ترفع من معنويات فرق التعقيم ومن قدرة تدخلهم على مستوى الفضاءات المفتوحة والعمومية

وأشار كريويل إلى أن “عملية التعقيم بواسطة الطائرات دون طيار تتيح إمكانية التصرف عن بعد في مناطق واسعة وفي فترة زمنية محدودة”، مضيفا أن هذه المبادرة تمكن من تقليل آجال العمل، والرفع من القدرة وخفض تكاليف التدخل.

ويؤكد ياسين قموس، مدير شركة “درونواي ماروك” الموزعة لمنتجات شركة “دي.جي.آي” الصينية الرائدة في القارة الأفريقية، “هناك إقبال شديد، ففي غضون أسابيع قليلة، تضاعف الطلب ثلاث مرات في المغرب وبلدان أخرى في المنطقة”.

ويؤكد أن المغرب الذي يستخدم طائرات دون طيار منذ عدة سنوات، “يعد من بين الدول الأكثر تقدما في القارة” في هذا المجال مع مرافق صناعية متخصصة وشبكة من الباحثين وكذلك مسيِّرين معتمدين.

لقد حددت التراخيص والقيود الإدارية لفترة طويلة استخدام الطائرات دون طيار المدنية في مجالات معينة قليلة مثل التصوير السينمائي ورش الأراضي الزراعية ومراقبة الألواح الشمسية أو رسم الخرائط.

كل شيء تغير مع ظهور جائحة كوفيد – 19، ففي الأسابيع الأخيرة ظهرت الروبوتات الطائرة في عدة مدن حيث تستخدمها السلطات لبث رسائل التنبيه والكشف عن التحركات المشبوهة في الشوارع أو التجمعات غير القانونية على أسطح المنازل.

كشف درجة الحرارة عن بعد
كشف درجة الحرارة عن بعد

وقدمت شركة فراشة طائرة دون طيار حرارية جد دقيقة، تتيح الكشف عن درجة حرارة الأشخاص دون الاقتراب منهم، وبالتالي المساهمة في جهود الوقاية.

لا يتم دائما الالتزام بقواعد العزل الصارمة التي اعتُمدت في منتصف مارس، إذ تشير الصحافة المحلية على وجه الخصوص إلى عقد سهرات مسائية بين الجيران أو أداء صلوات الجماعة على الأسطح، بعيدا عن أعين دوريات المراقبة.

أطلقت شرطة مدينة تمارة القريبة من الرباط الأسبوع الماضي نظام مراقبة جوية عالي الدقة طوره مهندسون من شركة “بتي3د” التي كان عملها يقتصر حتى ذلك الوقت على رسم الخرائط.

كما تبنت دول أخرى في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط التقنيات المستخدمة في الصين في بداية تفشي الوباء، سواء لمراقبة تحركات المواطنين أو تطهير الأماكن العامة أو تطوير وسائل توصيل الأدوية أو اختبارات الكشف.

ويفيد موقع شركة “دي.جي.آي” الصينية التي تستحوذ بمفردها على 80 في المئة من السوق العالمية بأن “أهمية الطائرات المسيرة برزت بسرعة كتقنية حيوية لمؤسسات حفظ الأمن العام خلال الأزمة لأنها تسمح بضبط الأمن في الأماكن العامة”.

وعلى غرار معظم البلدان، يستخدم المغرب بشكل رئيسي المسيَّرات المستوردة من الصين، لكن ظهور احتياجات جديدة مرتبطة بالوباء يدفع باتجاه تطويرها على المستوى المحلي لتناسب الاستخدامات المحلية.

ووضع قسم الطيران في جامعة الرباط الدولية خبرته في تصرف السلطات العامة في نهاية مارس لنشر طائرات دون طيار مجهزة بمكبرات الصوت أو كاميرات مزودة بأشعة تحت الحمراء قادرة على الكشف عن الحركات الليلية أو درجات حرارة الحشد.

ويوضح محسن بويا، مدير “التقييم والتحويل” في الجامعة الدولية بالرباط، أن “العمل جار على بعض المشاريع قبل تعميمها في جميع أنحاء البلاد”.

وقدم طلبة المدرسة المغربية لعلوم المهندس، ثلاثة اختراعات علمية طبية لمواجهة فايروس كورونا، تم اختيارها من بين أفضل عشرة ابتكارات أخرى شاركت في أول هاكاثون نظم عن بعد في المغرب.

وأكد الطلبة المخترعون أن الابتكار الأول هو عبارة عن طائرة “درون” للكشف عن المرض، ويسعون لنشر طائرات دون طيار تكون قادرة على المساعدة في الكشف عن الأمراض، خاصة فايروس كورونا، من خلال تزويد الطائرة بالأجهزة اللازمة للقيام باختبار المسحة الأنفية، التي تعتبر الخطوة الأكثر خطورة في الكشف، لأن المريض يبدأ بالعطس أثناء هذه العملية، والتي تتطلب أقصى قدر من الحماية للطبيب.

وتم إحداث تطبيق محمول يسمح بالاتصال بين الأطباء والمرضى، ويسمح للمرضى بالتحقق من الأعراض التي يعانون منها وملء البيانات الشخصية التي سيرسلونها إلى الطبيب.

وبمجرد وصول الطائرة دون طيار إلى المريض، سيسمح التطبيق للأخير بأن يكون قادرا على اتباع تعليمات واضحة ودقيقة، خطوة بخطوة، لتنفيذ عملية أخذ العينات هذه.

وستتضمن العبوة التي ستنقلها الطائرة “جل كحولي مائي” وقفازات،  كلاهما للاستخدام الفردي، والتي سيتم التخلص منها لاحقا بعد نقل تلك العينة التي ستكون في كيس معقم، وستخضع الطائرة للتعقيم بمجرد عودتها.

وأما الابتكار الثاني، فيخص “نظام التنفس الرقمي الذكي”، لتجنب أي نوع من الاتصال المباشر، وإقامة نظام تنبيه في المستشفى خاص بالمواقف الحرجة، مع استخدام مواد بلاستيكية معتمدة لتصميم أدوات الجهاز، بالإضافة إلى أدوات لمشاركة النظام نفسه مع العديد من المرضى.

وأما الابتكار الثالث فهو “الوصفة الطبية الإلكترونية”، وهو عبارة عن تطبيق محمول على شكل منصة قابلة للمشاركة، تسمح للطبيب بإنشاء وصفات طبية والتحقق منها، حتى يتمكن المريض من استلام أدويته من الصيدلية.

وأشارت المدرسة المغربية لعلوم المهندس إلى أن هذا الهاكاثون هو مبادرة لتقديم بعض الحلول خلال فترة هذا الوباء، ومواجهة انتشار هذا الفايروس عبر إيجاد أفكار مبتكرة وحلول جديدة تتكيف مع هذه الأزمة الصحية العالمية غير المسبوقة.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: