مأساة مغربيات عالقات في أوروبا بسبب كورونا

“قد لا أملك حتى ما أتناوله في الأيام المقبلة، أريد العودة إلى المغرب، وأنا مهددة بفقدان عملي،” بهذه الكلمات روت فاطمة مأساتها كواحدة من عدد كبير من المغربيات اللاتي علقن في أوروبا بسبب فيروس كورونا.

فاطمة، مواطنة مغربية من بين مئات الموجودين في فرنسا عقب إقرار السلطات المغربية تعليق جميع الرحلات الجوية بين المغرب وعدد من الدول الأوروبية بسبب تداعيات تفشي وباء “كورونا”.

لم تكن تعلم المواطنة المغربية التي خططت لرحلة سياحية نحو فرنسا (مدينة ليون)، لقضاء وقت ممتع بين متاحفها ومحلاتها التجارية الكبرى وساحاتها أنها ستنقلب لكابوس، وأن كل تلك النزهات والجولات ستنقلب منعاً من الخروج بسبب الحجر الصحي وحالة الطوارئ التي تحظر على الفرنسيين وغيرهم مغادرة بيوتهم إلا للضرورة القصوى.

تقول فاطمة ، “أتيت لغرض السياحة، كان من المفروض أن أعود إلى المغرب الأحد 15 مارس ، توجهت إلى المطار، وتفاجأت بإلغاء رحلتي، حتى أنني لم تصلني أي رسالة تخبرني بالمستجدات”.

وتضيف الآن إجازتي من عملي بالمغرب، انتهت وكان من المفروض أن أعود للعمل قبل 3 أيام.

وكانت المملكة المغربية، قد قررت يوم الجمعة 13 مارس ، تعليق جميع الرحلات الجوية والنقل البحري للمسافرين من وإلى فرنسا حتى إشعار آخر، وذلك في إطار تتبع تطور وباء فيروس كورونا، وخاصة في القارة الأوروبية.

بيان رسمي أكد أن الملك محمد السادس أجرى مشاورات بهذا الخصوص مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، “وذلك في أعقاب الاتصالات التي جرت بين السلطات الحكومية المختصة في البلدين”.

كما قررت السلطات المغربية، تعليق الرحلات الجوية من وإلى 21 دولة عبر العالم، منها دول أوروربية وإفريقية وأمريكية وعربية، وذلك حتى إشعار آخر.

ولا تقتصر هذه الأزمة على النساء بل السياح والعمال المغاربة الذكور أيضاً، ولكن تأثيرها يكون أكبر على السيدات بطبيعة الحال.

سياح دون أموال

نفاذ النقود هو أكبر مشكلة تواجه السائحين والسائحات المغاربة ممن لم يتمكنوا من العودة قبل إغلاق الحدود، فكل المبالغ التي حولوها من الدرهم المغربي إلى اليورو قبل مغادرتهم الوطن بالكاد تكفي لقضاء أسبوع واحد.

هذا هو حال فاطمة، التي تقول “لا أملك أي أموال، ولا أستطيع شراء مواد غذائية ولا استئجار غرفة بفندق، حقيقة لا أعلم ما كان سيحل بي لو لم أجد بعض الأصدقاء ممن آووني، أنا ممتنة لهم” توضح بامتعاض شديد.

إيمان من مدينة الدار البيضاء، كان من المفروض أن تقضي 3 أيام في باريس وتعود إلى وطنها، إلا أنها علِقت دون سابق إنذار.

تستذكر يوم سفرها قائلة، “كانت رحلتي مجدولة في الـ13 من مارس 2020، توجهتُ إلى مطار محمد الخامس، حتى أني سألت شرطة الجمارك إن كانت هناك إجراءات سيتم اتخاذها من قبيل إغلاق الحدود، حتى أعود أدراجي وألغي السفر، إلا أني لم أتلق جواباً واضحاً، وهكذا استقليت الطائرة نحو باريس”.

لم تكد إيمان تصل إلى بيت أقاربها حتى انتشرت الأخبار بإغلاق الحدود ومنع الرحلات الجوية بين المغرب وفرنسا.

تقول “فكرت بأن أسافر في اتجاه النروج أو البرتغال أو تركيا ومن ثم أعود للمغرب، إلا أن المملكة اتخذت القرار بإغلاق الحدود الجوية مع 21 دولة”.

إيمان اشتكت من الآذان الصماء التي قوبلت بها مشكلتها من قبل السفارة المغربية”.

تقول “اتصلت بالمسؤولين أكثر من ثلاثين مرة دون أن أحظى برد واحد على مكالماتي، لا أحد عاود الاتصال بنا على الرغم من ترك أرقامنا الهاتفية وكافة المعطيات المتعلقة بنا”.

أزمات نفسية والخروج بتصريح

في ظل الظروف الوبائية التي تعيشها فرنسا ومع ارتفاع حالات الإصابة والوفيات، أبدت إيمان خوفها قائلة “أنا خائفة ومرتبكة، أما والداي ففي حالة صدمة، لا أصدق كيف أني أتيت لأقضي إجازة لأيام قليلة وأنا هنا محتجزة ولا أعلم متى سأتمكن من العودة”.

ما حصل أثر على نفسية إيمان، “التوتر كان كبيراً لدرجة أني لاحظت تغيرات على وزني وحالتي الجسمانية، ولولا صديقتي وبعض أقاربي لما تخيلت ما كانت ستؤول إليه أحوالي”.

لا تخفي إيمان أن الأمور صعبة، حتى الخروج للتبضع يتطلب حمل وثيقة تقدم للشرطة المتواجدة بالشارع، تقول “المحلات الكبرى مفتوحة، ونطبق احتياطاتنا ما أمكن، أو نستدعي أشخاصاً يقومون بجلب ما نريد بعد الاتصال بهم، وإلا فإننا نمتنع عن الخروج حماية لأنفسنا”.

مهاجرون في إسبانيا مهددون بفقدان وظائفهم

المشكلة في إسبانيا تشمل العمالة المغربية التي تأتي لهذا البلد بحكم القرب الجغرافي.

ولكن إسبانيا التي تعد ثاني دول أوروبا تأثراً بالوباء تعاني من توقف المجالات الحيوية والاقتصادية وعلى رأسها مجال السياحة.

السيدة دنيا العذاري وزوجها وهما مغربيان يقطنان بمدينة “أليكانتي” السياحية، توقفا عن العمل دون أن يعرفا متى سيستأنفانه مجدداً.

“أقفلت الفنادق التي نعمل بها بسبب انتشار المرض وتضرر مجال السياحة، ونتساءل إن كان أرباب العمل سيجددون عقودنا أم لا، هذه العقود هي ركيزة تجديد بطاقات إقامتنا بإسبانيا” تقول دنيا لـ “عربي بوست”.

كمهاجرين، لدينا التزامات وفواتير يجب سدادها كالإيجارات والماء والكهرباء والضرائب، “وإذا لم تعمل فلن تسدد ما عليك”، ولا نعرف ما سيكون عليه الأمر في الشهور القادمة.

تقول “المساعدات المقدمة من قبل السلطات الإسبانية يستفيد منها أصحاب المقاولات التي تشغل عشرات المستخدمين وذلك لإنقاذها من خطر الإفلاس، أما ذوو الدخل المحدود فما زالوا في انتظار قرارات الحكومة”.

منذ أكثر من أسبوع، تمنع دنيا ابنتيها من مغادرة المنزل، وحتى قبل أن يتم إقرار الإجراء رسمياً بالبلاد.

حالياً يخرج الوالد من أجل جلب حاجيات الأسرة والعودة سريعاً،  بعد أن صدرت قرارات منذ السبت المنصرم بأن تلزم الناس بيوتها، ونزلت الشرطة إلى الشوارع”

“السلطات خصصت للأهالي موعداً يومياً للخروج إلى النوافذ والشرفات للتصفيق تشجيعاً للأطقم الطبية والأمن”، حسب وصف دنيا للحال في الحي الذي تقطنه.

تقول “الشعب الإسباني لا يهول من الأمر ولا يهونه، هم أناس واعون امتثلوا لأوامر سلطات بلادهم ونحن معهم”، أما الشرطة وفي حال تم ضبط أشخاص يتسكعون في الشارع دون أسباب وجيهة فتقوم بتغريمهم بمبالغ تصل إلى 2000 يورو.

بارقة أمل لاحت مؤخراً بالنسبة للمهاجرين المغاربة في إسبانيا، حيث مددت السلطات صلاحية أوراق الإقامة سنة كاملة، الخطوة التي أزاحت ثقلاً عن صدر عائلة العذاري في انتظار إقرار مساعدات مادية لصالح الأسر المهاجرة.

أما فاطمة التي انتهت تأشيرتها يوم 18 مارس، فتوجه نداء لسلطات بلادها عبر ، قائلة “أعيدوني إلى المغرب، ولا مشكلة لدي في أن أبقى تحت الحجر مدة 14 يوماً حتى يتأكد خلوي من المرض أو العكس”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: