صناعة السيارات المغربية تستأنف نشاطها بحذر

بيجو الفرنسية تسعى إلى الحفاظ على موقعها في السوق الأفريقية

استأنف مصنع بيجو للسيارات بالمغرب نشاطه بحذر في إطار عودة بعض الأنشطة الصناعية والتجارية، مع اعتماد إجراءات وقاية صارمة لتجاوز آثار وباء كورونا الذي خلف أضرارا اقتصادية فادحة وأوصل معاملات الشركات إلى حدود الصفر في أعقاب إجراءات مشددة على الحركة والتنقل والتصدير والاستيراد.

قررت مجموعة بي.أس.أي بيجو-ستروين الفرنسية لصناعة السيارات، إعادة تشغيل تدريجي لمصنعها للسيارات بمدينة القنيطرة، (شمال الرباط) ابتداء من 6 مايو، مع اتباع تدابير صحية تمت بلورتها مع الشركاء الاجتماعيين.

وأعلنت المجموعة الفرنسية عن إطلاق حملة تدقيقات لضمان تنفيذ التشغيل بشكل مثالي في جميع مواقع المجموعة الصناعية والتجارية والبحثية، حيث عبرت السلطات الصحية عن تقديرها لتنفيذ التدابير الاحترازية الضرورية لضمان عودة تشغيلية جيدة بمصنع القنيطرة.

وأكد نائب رئيس منطقة أفريقيا والشرق الأوسط في المجموعة سمير شرفان، أنه منذ إغلاق مصنع القنيطرة، تم وضع بروتوكول صحي معزز بدعم من المصلحة الطبية، وبتعاون مع الشركاء الاجتماعيين.

وفي السياق ذاته أشار وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي الأخضر والرقمي حفيظ العلمي، إلى أن الوزارة واكبت المجموعة الفرنسية لصناعة السيارات من أجل استعادة نشاطها الصناعي في القنيطرة.

حفيظ العلمي: واكبنا المجموعة الفرنسية لاستعادة نشاطها الصناعي
حفيظ العلمي: واكبنا المجموعة الفرنسية لاستعادة نشاطها الصناعي

فيما ستتم متابعة تنفيذ البروتوكول من قبل اللجنة الصحية الجهوية، بتعاون مع فرق المجموعة لضمان تشغيل آمن للمصنع ولا يشكل أي خطر على العاملين.

ومن بين الإجراءات التي سيتم اعتمادها قياس درجة حرارة كل من يدخل إلى المصنع، ومراقبة مختلف الأعراض المرتبطة بكوفيد – 19، وتوزيع أقنعة ومطهرات على العاملين.

ويحرص المصنع على ارتداء العاملين نظارات أقنعة داخل المصنع، واحترام المسافة المطلوبة بين الأشخاص، لاسيما في مناطق الاستراحة والتدخين. وكشف وزير الشغل والإدماج المهني محمد أمكراز الثلاثاء، أمام أعضاء مجلس المستشارين، أنه تم إحداث لجنة يقظة على المستوى المركزي بهدف مراقبة أماكن العمل والوقوف بحزم على مدى احترام الإجراءات الاحترازية وشروط الصحة والسلامة مع إنجاز تقارير يومية.

كما تم تنظيم عملية لمراقبة الامتثال للتدابير الصحية التي تم اعتمادها في المنطقة الصناعية المندمجة أتلانتيك فري زون بإقليم القنيطرة، وذلك من أجل ضمان استمرارية النشاط الصناعي وتأمين سلامة الموارد البشرية في سياق انتشار فايروس كورونا المستجد.

وفي هذا السياق أكد سمير شرفان، أنه بفضل المجهود الجماعي، تمت المصادقة على هذا التدقيق الذي جرى في 14 أبريل الماضي، وبذلك يمكن استعادة تصنيع “بيجو 208” بشكل تدريجي وآمن، إضافة إلى إنهاء تجميع سيارة “ستروين آمي”، في أفق توفير الشروط لمضاعفة القدرة الإنتاجية للمصنع.

وتمتلك بيجو مصنعا في مدينة القنيطرة بتكلفة استثمارية تبلغ حوالي 550 مليون دولار، هذا بجانب احتضان المغرب لأكبر مصنع لإنتاج السيارات في أفريقيا بطاقة إنتاجية تقدر بنحو 100 ألف سيارة سنويا.

وتسعى المجموعة الفرنسية لصناعة السيارات إلى الحفاظ على موقعها ومواكبة الاستراتيجية المغربية لتطوير قطاع صناعة السيارات، مما دفعها إلى إعادة نشاط سلسلة مصانعها في البلد وتجاوز تداعيات كورونا وفق التدابير المضبوطة.

وقال أمكراز إن مراقبة تدابير السلامة داخل الوحدات الصناعية التي استأنفت نشاطها، ومنها مصنع بيجو بالقنيطرة، تتم بصرامة، حيث تم تشكل لجان مختلطة تزور الوحدات الصناعية، ولها صلاحيات اتخاذ قرارات فورية، وتم بالفعل اتخاذ قرارات صارمة في حق وحدات لم تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية العمالة.

وفي وقت اعتبر عبدالسلام بنجلون مدير مصنع متخصص في تصنيع مكونات السيارات والقطع المعدنية الخاصة بصناعة السيارات، أن هذه العملية مناسبة للتأكد مما إذا كانت الإجراءات المعتمدة تتماشى مع خطط السلطات المختصة ومناقشة النقاط التي يتعين تحسينها لحماية العمال الذين خارج إطار العمل عن بعد لضمان استمرارية النشاط الاقتصادي.

تعكس استجابة بيجو للإجراءات الصحية حرصها على زيادة رقم معاملاتها والعودة بقوة بعد طي صفحة الوباء

ومن جهته، قال مدير المنطقة الصناعية المندمجة أتلانتيك فري زون للقنيطرة هشام الكوسي، إنه لمواجهة انتشار كوفيد – 19 تم اتخاذ العديد من الإجراءات بما في ذلك اعتماد العمل عن بعد للمتعاملين الإداريين ورقمنة الوثائق لتفادي ملامستها ونقلها، وتركيب موزعات المعقمات لتطهير اليدين، مضيفا أنه تم كذلك تزويد جميع وحدات الأمن بكافة المعدات اللازمة كالأقنعة الواقية البلاستيكية في مداخل المحافظة تماشيا مع حجم المخاطر.

وتطمح شركة صناعة السيارات بيجو إلى مضاعفة حجم مبيعاتها في أفريقيا والشرق الأوسط بحلول العام 2021، مع توقعات بارتفاع معدلات الإنتاج مستقبلا ليبلغ نحو 200 ألف سيارة، فيما ينتظر أن يشغل المصنع الذي استغرق تشييده أربعة أعوام، نحو 2500 شخص في مرحلة أولى.

وتعكس استجابة المجموعة للإجراءات الصحية التي ضبطتها السلطات المغربية حرصها على تحقيق أهداف تحسين رقم معاملاتها في المغرب والعودة بقوة بعد طي صفحة الوباء.

وارتفعت صادرات قطاع صناعة السيارات بصورة كبيرة مقارنة بما كانت عليه في 2014، حيث وفر القطاع نحو 117 ألف وظيفة مباشرة إضافية ما بين عامي 2014 و2018، ومن المرجح أن يصل الرقم إلى 90 ألف فرصة عمل خلال 2020.

وأطلق المغرب استراتيجية صناعية للفترة ما بين 2014 و2022 تراهن على صناعة السيارات والطيران، فيما تتوقع الرباط تحقيق المزيد من التقدم في صناعة السيارات على المستوى العالمي بعد نجاحها على الصعيد الأفريقي وفي منطقة الشرق الأوسط.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن المغرب يعد خامس مصدر لتصدير السيارات إلى الاتحاد الأوروبي، وتبلغ حجم مبيعاته سنويا قرابة 100 مليار درهم (11.1 مليار دولار) والمرجح ارتفاعه خلال السنوات القادمة.

وتساهم صناعة السيارات بصفة كبيرة في تعزيز المبادلات الخارجية من السلع والخدمات، حيث تستهدف الحكومة تحقيق 90 ألف فرصة عمل في 2020، خصوصا وأن البلد يعتبر في الوقت الحالي أكبر منتج ومصدر للسيارات في القارة الأفريقية.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: