انكماش حاد لاقتصادات الدول الكبرى في الربع الأول من العام

بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي تكشف تراجع الناتج الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 3.8 في المئة في الفصل الأول من العام في أعلى تدهور له منذ إنشاء العملة الواحدة

بدأت الأرقام تكشف حجم الخراب الاقتصادي الناجم عن إجراءات الإغلاق للحد من انتشار فايروس كورونا المستجد، حيث سجل الاقتصاد الأوروبي والأميركي والياباني انكماشات حادة في الربع الأول من العام الحالي مع ترجيح تفاقمها في الربع الثاني.

 أظهرت بيانات رسمية أن أزمة فايروس كورونا فتكت بالاقتصاد الأميركي ودفعته في الربع الأول من العام إلى أكبر انكماش منذ الكساد الكبير قبل نحو 90 عاما. وأوقفت بذلك أطول موجة نمو متواصل في تاريخ البلاد.

وأشارت بيانات وزارة التجارة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة تراجع في الربع الأول من العام بنسبة 4.8 في المئة على أساس سنوي، متأثرا بتراجع حاد في إنفاق المستهلكين وخفض مخزونات الشركات.

وذكرت أن من العوامل الرئيسية الأخرى للانكماش نزول استثمارات الشركات بشكل متزايد، وهو ما طغى ضمن عوامل أخرى على أنباء إيجابية تتمثل في انخفاض فاتورة الاستيراد وزيادة الإنفاق الحكومي.

وجاء التراجع بشكل أساسي بفعل انهيار النشاط الاقتصادي في الأسبوعين الأخيرين من شهر مارس، الذي شهد تقديم ملايين الأميركيين طلبات للحصول على إعانة البطالة.

وعززت قراءة وزارة التجارة للناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، التي جاءت أسوأ من توقعات المحللين، التكهنات بدخول الاقتصاد في نفق طويل من الركود.

وهبط إنفاق المستهلكين، والذي يسهم بأكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي بنسبة 7.6 في المئة في الربع الأول، وهو أكبر تراجع منذ عام 1980. وكانت المكونات الأخرى للناتج المحلي الإجمالي على نفس القدر من الضعف.

وبعد ساعات من إعلان تلك البيانات، كشف تقرير لوزارة العمل أن 3.839 مليون أميركي تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة في الأسبوع الذي انتهى في 25 أبريل.

وارتفع بذلك عدد طالبي إعانات البطالة الجدد منذ 21 مارس الماضي إلى نحو 30 مليون شخص، وهو ما يعادل 18.4 في المئة ممن هم في سن العمل. ويقولو محللون إن هناك ملايين أخرى فقدوا وظائفهم لكنهم لم يتقدموا بطلبات للحصول على الإعانات الحكومية.

ولم يختلف الأمر في منطقة اليورو حيث أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.8 في المئة في الفصل الأول من العام في أعلى تدهور له منذ إنشاء العملة الواحدة في 1999.

3.8 في المئة نسبة انكماش الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو في الربع الأول من العام

في فرنسا، كان أول أسبوعين من العزل كافيين لإغراق البلاد في ركود، حيث أظهرت البيانات انكماش الناتج المحلي الإجمالي في البلاد خلال الربع الأول من العام بنسبة غير مسبوقة بلغت 5.8 في المئة.

وقال المعهد الفرنسي للإحصاءات والدراسات الاقتصادية إنه أكبر انخفاض في تاريخ التقديرات الفصلية لإجمالي الناتج الداخلي التي بدأ تسجيلها في عام 1949.

أما إسبانيا التي تشهد تفشيا كبيرا لفايروس كورونا المستجد، فانكمش إجمالي ناتجها المحلي بنسبة 5.2 في المئة وفق التقديرات التقريبية للمعهد الوطني الإسباني للإحصاءات.

وقال المعهد إن هذه التقديرات قد تخضع لمراجعة “أكبر من المعتاد” نظرا لصعوبة وضع إحصاءات دقيقة بسبب إجراءات العزل المفروضة منذ 14 مارس.

في إيطاليا، تراجع الناتج المحلي الإجمالي في الفصل الأول بنسبة 4.8 في المئة بمقارنة سنوية وفق تقديرات المعهد الوطني للإحصاءات.

وتتوقع وثيقة الميزانية التي أقرها مجلس الوزراء الإيطالي أن ينكمش ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بنسبة 8 في المئة هذا العام. لكن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي رجح أن يصل التراجع إلى 10.4 في المئة إذا استمر الوباء.

أما ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، فيفترض أن تنشر توقعاتها حول الناتج المحلي الإجمالي في 15 مايو. لكنها نشرت الخميس تقديرات حول البطالة.

وقالت وزارة العمل الألمانية إن نسبة البطالة ارتفعت إلى 13.2 في المئة في أبريل في أكبر زيادة شهرية منذ عام 1991.

ويعمل الاتحاد الأوروبي حاليا على إعداد خطته للتعافي الاقتصادي، إلا أن هناك خلافا بين القادة بشأن حجم الأموال التي يتعين دفعها وكيفية إنفاقها. وكان الاتفاق قد تم بالفعل على حزمة تدابير قصيرة المدى بمئات المليارات، ومن المفترض أن يبدأ العمل بها في يونيو.

كما أن هناك خططا لتأسيس صندوق طويل الأجل بقيمة لا تقل عن تريليون يورو. ووفقا لمسؤولي الاتحاد الأوروبي، فإنه يتعين أن يكون الصندوق جاهزا بداية من العام القادم.

وحذرت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي من أن منطقة العملة الأوروبية الموحدة اليورو ستواجه انكماشا اقتصاديا هائلا تتراوح نسبته بين 5 إلى 12 في المئة وذلك في ظل ركود لم يسبق له مثيل من حيث “الشدة والسرعة”.

وقالت إن التعافي الاقتصادي في المنطقة يعتمد على تأثير تدابير احتواء تفشي كورونا التي وضعتها الحكومات وكذلك البرامج النقدية من جانب البنك المركزي الأوروبي.

وفي اليابان قال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إن اقتصاد بلاده يواجه صعوبات غير مسبوقة. وأشار إلى أن نظام الرعاية الصحية يواجه تحديات قاسية.

4.8 في المئة نسبة انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة في الربع الأول هذا العام

وفي الصين أظهر مسحان أن أنشطة المصانع في الصين تعاني من انهيار في طلبيات التصدير في أبريل بما يشير إلى أن التعافي التام ما زال بعيد المنال مع تسبب أزمة فايروس كورونا في إغلاق قطاعات كبيرة من الاقتصاد العالمي.

وقال المكتب الوطني للإحصاءات إن مؤشر مديري المشتريات الرسمي تراجع إلى 50.8 في أبريل من 52 في مارس، لكنه بقي فوق مستوى 50 الفاصل بين النمو والانكماش مقارنة مع الشهر السابق.

وقال مكتب الإحصاءات، إن مؤشرا فرعيا لطلبيات التصدير الجديدة لأكبر دولة مصدرة في العالم هوى إلى 33.5 في أبريل من 46.4 في مارس، حين شهدت بعض المصانع إلغاء طلبيات بعد أن استأنفت أعمالها.

وأظهر مؤشر كايشين ماركت لمديري المشتريات أن طلبيات التصدير الجديدة انكمشت بأسرع وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية. وأظهر المسح الذي يركز على الشركات الصغيرة المعتمدة على التصدير أن أنشطة المصانع الصينية انكمشت على غير المتوقع هذا الشهر.

لكن مسحا منفصلا لمكتب الإحصاءات أظهر أن قطاع الخدمات الذي يسهم بنحو 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للصين شهد نموا في أنشطته مع تسجيل مؤشر مديري لمشتريات القطاعات غير الصناعية ارتفاعا إلى 53.2 من 52.3 في مارس.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: