الصحافة المغربية ما زالت في الحجر الصحي بأمر من الداخلية

يبدو ان الاستنكار ورفع الصوت والادانة لم يعد كافياً لإيصال الرسالة، بأن الاعلام في المغرب خط احمر ولا يجوز المس به. فصوت الذين لا صوت لهم يختنق في حضن الدولة العميقة المسيطرة على هذا البلد وقراراته وقضائه، وقد وصل الاعتداء على الصحافةالمغربية الى حدود المنع. ومرة جديدة نجد انفسنا مضطرين للدفاع على حق من من الحقوق الدستورية للوقوف امام الشطط في استعمال السلطة ، فقرار منع التصوير على الصحفيين المغاربة الا بإذن من الداخلية المغربية كان بمتابة جس النبض قبل اتخاذ قرار المنع ، في وقت المواطن في حاجة الى البحث عن المعلومة الصحيحة ، المعلومة البعيدة كل البعد عن التسيس و الأوامر ، فالمواقع الخاصة كما سمتها وزارة الداخلية بينت على حرفيتها و نقلها للمعلومة من مصدر الحدث و بكل مصداقية و خصوصا في هذه الآفة التي أصبحنا نعيش العديد من الخروقات و في جميع المجالات و الميادين مما أصبحت تشكل خطرا على دوي الازدواجية في العمل ، خصوصا و ان الجسم الإعلامي المغربي “عبر بشجاعة معتبرة منذ بداية الجائحة عن نضج وطني كبير في مواجهة ما هو أخطر من جائحة كوفيد 19، عبر حرب مفتوحة على الإشاعة والتضليل

فما يجري اليوم يصعب ان نقيم هكذا مقارنة الا ان الممارسة وصلت الى حدود غير مقبولة في دولة يُفترض ان يكون اعلامها أقدس ما فيها،بعدما كرّس الدستور حرية الرأي والتعبير والمعتقد.

أي دولة  هذه، التي تمنع سلطتها الرابعة من آداء واجبها فمنذ ميلاد الصحافة في المغرب في سنة 1820 حين صدرت صحيفة بمدينة سبتةالمحتلةالمتحرر الإفريقيأو صحيفة صدى تطوان التي صدرت في مدينة تطوان بعد احتلالها من طرف إسبانيا سنة 1860 الى غايةيومنا هذا لم نشهد يومًا منعت فيه الصحافة و الصحفيين من آداء واجبهم .

و يعتبر المغرب اول دولة و ربما آخر دولة يتعرض إعلامها في أيام الحجر الصحي بمنع الصحفيين من مزاولة عملهم بقرار جاحف من  وزارةالداخلية الذي حرم صحافيي الجرائد الورقية والإلكترونية من التنقل ليلا بالقرار التمييزي، رافضة التعامل مع الجسم الإعلامي المغربيبهذه الطريقة

و كشفت منظمة مرسلون بلا حدود تقرير مؤشر حرية الصحافة لعام 2020 والذي يظهر استمرار العداء للصحفيين في العديد من المناطقحول العالم.

ويشير التقرير إلى أن العقد المقبل سيكون حاسما لمستقبل الصحافة حيث تعصف عدة أزمات بها والتي في مقدمتها الأزمات الجيوسياسيةحيث تزداد عدوانية الأنظمة الاستبدادية، وأخرى تتعلق بنقص الضمانات لتطبيق الديمقراطية والسياسيات القمعية، ناهيك عن بث الكراهيةتجاه وسائل الإعلام، وأزمات اقتصادية حيث تعاني المؤسسات الصحفية حول العالم.

الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود كريستوف ديلوار قال إن العقد المقبل سيكون حاسما للصحافة خاصة في ظل ظهور عوامل جديدتهدد حق الحصول على المعلومة، مشيرا أن وجه الصحافة في 2030 يتم تحديده خلال وقتنا الحالي.

وتأثرت حرية الصحافة حتى بأزمة جائحة فيروس كورونا، إذ زاد قمع الصحفيين ووسائل الإعلام، وفرضت دول مثل الصين (في المرتبة 177 عالميا) وإيران (في المرتبة 173 عالميا) والمغرب (في المرتبة 133 عالميا) رقابة واسعة على وسائل الإعلام، وحتى في بعض الدول الأوربية مثلالمجر أقرت قوانين مجحفة تثبط من العمل الصحفي، إذ يمكن نشر معلومة خاطئة يكبد الصحفي السجن لمدة خمس سنوات.

وتستغل بعض الحكومات أزمة كورونا من أجل فرض تدابير تجعل من العمل الصحفي صعبا، في الوقت الذي من المستحيل حصولاحتجاجات أو اعتراض عليها بسبب انشغال الجميع بالجائحة، حيثأن الوباء هو فرصة للدول الأسوأ تقييما في التصنيف لتطبيق عقيدةالصدمة التي وضعتها نعومي كلاينموضحاأنها تستغل ذهول الجمهور وضعف التعبئة لفرض  تدابير يستحيل اعتمادها في الأوقاتالعادية، وفق ديلوار.

وتابعت النقابة في بلاغسيكون حبل التقييد الزمني الوارد في القرار عبئا مهنيا وأخلاقيا لتقديم شهادة صادقة عما تبذله البلاد من جهودخلاقة لمحاربة الجائحة”.
ووصف المصدر ذاتهالاعتبارات المفترضة لاستثناء السواد الأعظم من الصحفيين من حرية التنقل للقيام بواجبهم المهني غير منطقية ولاعملية، فبالرغم من فرض حالة الحظر في تلك المدة الزمنية، فليس هناك ما يضمن عدم وقوع ما يدخل في صميم عمل الصحفيين من أحداثقد ترتبط بخرق هذا الحظر وقد ترتبط بأحداث الطبيعة كما حدث عشية صدور القرار من فيضانات بعدد من المدن”.
وعبرت النقابة عن رفضها الشديد لهذا القرارالذي لا يراعي، لا وضعية المقاولات ولا الصحفيين، بإضافة تقييد يعمق من الأزمة الحاصلةفعلا، فكيف لهذا القطاع من الصحافة أن ينافس على الخبر في توقيت لا تتجاوز فيه الحركة الفعلية داخل المجتمع خلال هذا الشهر ستساعات”.
واسترسل المصدرومن باب التذكير فإن تقييد حرية الصحافة الذي لم يحدث مطلقا حتى في زمن الحرب، يؤكد أنه قرار لا يخدم المصلحةالعامة للمجتمع، لأن الإعلام والخبر غير المقيد يعتبر جزءا من أسلحة مقاومة هذه الجائحة، والصحفيون الذين يغامرون بحياتهم وحياةأسرهم بالتنقل لكل الأماكن التي تحتاج لضوء الخبر الصحيح، لن يقبلوا الزاوية المعتمة التي يفرضها هذا القرار.

و طالب الجسم الإعلامي الحكومة لمراجعة هذا القرارالتمييزي، لأنه قرارغير واقعي ولا قانوني، ولم تقترفه حتى الحكومات العاجزة عنمواجهة هذه الجائحة، ونأمل أن تتم الاستجابة بمراجعته بما يسمح للصحفيين الحاملين لبطاقة الصحافة المهنية من ممارسة مهامهم،ومواصلة معركتهم الخاصة في مواجهة هذه الجائحة، ومن ضمنها ممارسة فعلية للسلطة الرابعة في مراقبة ما تقوم به باقي السلط ونقلالحقيقة بعيدا عن طوفان الإشاعة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: