كوفيد 19 … وراء رمضان بطقوس غير مسبوقة

بدأ العالم شهر رمضان الجمعة في ظل إجراءات إغلاق غير مسبوقة لاحتواء فايروس كورونا المستجد، في وقت أضافت الولايات المتحدة نصف تريليون دولار لحزمتها الضخمة أساسا لمساعدة اقتصادها الذي يرزح تحت وطأة تفشي الوباء.

وقلب كوفيد-19 الحياة حول العالم رأسا على عقب مع محاولة الدول منع تفشي الوباء الذي أودى حتى الآن بنحو 190 ألف شخص وأصاب ما يقارب من 2.7 مليون وشكّل ضربة للاقتصاد العالمي.

وتخيّم القيود على الحركة على المجتمعات المسلمة من جنوب شرق آسيا وصولا إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، في ظل حظر الصلاة في المساجد والتجمّعات الكبيرة للعائلات والأصدقاء على موائد الإفطار والسحور.

لكن رغم التهديد الذي يشكله الفايروس، تحدّى رجال دين وشخصيات محافظة في دول عدّة بينها بنغلادش وباكستان وإندونيسيا — أكبر دولة في عدد المسلمين في العالم — قواعد التباعد الاجتماعي رافضين التخلّي عن صلاة الجماعة في المساجد.

وحضر الآلاف صلاة التراويح الخميس في أكبر جوامع إقليم آتشيه الإندونيسي مع مشاهد مشابهة في العديد من المناطق الباكستانية.

ودعت الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا  إلى التوقّف عن بعض الأنشطة الرمضانية للتخفيف من خطر العدوى بينما حذّرت السلطات البلجيكية  من التهديد الذي قد تشكّله التجمّعات الدينية الكبيرة.

وسبق أن تفشّى الفايروس وسط المصلين بمسجد الخليل ببروكسيل راح ضحيتها الحاج على ولاد الحجاج أعمر كما اصيب بالوباء المسؤول الاول عن المسجد السيد العروسين منذ ظهر الوباء أواخر العام الماضي في الصين.

وتأثّر العديد من الأنشطة الخيرية خلال رمضان، خصوصا توزيع الأغذية وغير ذلك من التبرّعات بإجراءات التباعد الاجتماعي والتداعيات الاقتصادية لوباء كوفيد-19 العالمي و غياب للأئمة و الوعاظ كما جرت بها العادة كل سنة ، كما نرى غياب الإفطار الذي كانت تقوم به الهيئة التنفيذية و المجلس العلمي ببروكسيل .

وقال صلاح الشلاوي نائب رئيس الهيئة التنفيذية و رئيس تجمع مسلمي بلجيكا  بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك “أصدقكم القول أني أتألم أن يدخل علينا هذا الشهر العظيم في ظروف لا تتاح لنا فيها فرصة صلاة الجماعة، وأداء التراويح والقيام في بيوت الله، بسبب الإجراءات الاحترازية للمحافظة على أرواح الناس وصحتهم في مواجهة جائحة فايروس كورونا المستجد”.

وقد خلّفت إجراءات الإغلاق التي التزم نصف سكان العالم بموجبها منازلهم تداعيات اقتصادية مدمّرة في وقت يواجه العالم أسوأ هبوط اقتصادي منذ الكساد الكبير.

وأقر النواب الأميركيون الذين ارتدوا أقنعة واقية وصوّتوا بمجموعات صغيرة حزمة تحفيز بقيمة 483 مليار دولار تضاف إلى حزمة بقيمة 2,2 تريليون دولار أقرّت في وقت سابق.

وسيخصص المبلغ الأخير لدعم الشركات الصغيرة التي باتت على حافة الإفلاس والمستشفيات التي تعاني من ضغوط في وقت خسر أكثر من 26 مليون شخص في الولايات المتحدة وظائفهم منذ ظهر الوباء.

وسجّلت في الولايات المتحدة نحو 50 ألف وفاة لتصبح اليوم البلد الأكثر تأثّرا بالوباء في العالم بناء على الأرقام المطلقة ودون أخذ أعداد المصابين بالنسبة لعدد السكان في الحسبان.

وفي أوروبا، ناقش القادة خلال مؤتمر عبر الفيديو حزمة للقارة من شأنها أن تضيف تريليون يورو بينما حذّرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد من مخاطر “التحرك قليلا جداً وبشكل متأخر جداً” لمواجهة العواقب الاقتصادية لانتشار الفايروس.

و إتفق الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 بلدا على الطلب من الذراع التنفيذي للتكتل وضع خطة إنقاذ بحلول السادس من مايو.

ويعيد السجال الأوروبي إلى الذاكرة تداعيات أزمة 2009 المالية على دول جنوب أوروبا المثقلة بالديون على غرار إيطاليا وإسبانيا، الأكثر تأثّرا بالوباء، إذ تطالبان مجددا بالدعم للتمكن من تجاوز الأزمة.

بدورها، تصر دول الشمال الأغنى مثل ألمانيا وهولندا على أنها مستعدة للمساعدة حاليا لكنها لن تتشارك الديون مع حكومات دول القارة المطلة على المتوسط والتي تتهمها بالتبذير.

سباق للعثور على لقاح

بينما يبدو أن الوباء بلغ ذروته في أوروبا والولايات المتحدة، لا تزال دول أخرى في المراحل الأولى من المعركة.

وشددت منظمة الصحة العالمية على ضرورة إبقاء الإجراءات الصارمة حتى إيجاد علاج أو لقاح.

وتتسابق مؤسسات عدة حول العالم لتطوير لقاح. وأطلقت جامعة أكسفورد اختبارات على البشر للقاح محتمل الخميس بينما أكدت ألمانيا أنها ستجري اختبارات مشابهة بحلول الأسبوع المقبل.

وخلال إيجاز صحافي في البيت الأبيض، أعلن علماء أنهم استنتجوا أن أشعّة الشمس قادرة على القضاء سريعا على الفايروس، وهو ما يعزز الآمال باحتمال تراجع الوباء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية مع اقتراب موسم الصيف.

وقال مستشار وزير الأمن الداخلي للعلوم والتكنولوجيا وليام برايان إن “أبرز ملاحظة لدينا حتى الآن تتعلّق بالقدرة القوية على ما يبدو لأشعة الشمس على قتل الفايروس سواء على الأسطح أو في الهواء”. لكن استنتاجاتهم لم تنشر بعد وبالتالي لم تتم مراجعتها حتى الآن من قبل خبراء مستقلين.

ويعود تسارع الجهود الرامية لتطوير لقاح أو علاج جزئيا إلى الضغط الذي شكله العدد الكبير من المرضى على أنظمة الرعاية الصحية في الدول المتقدمة وتلك الأفقر على حد سواء.

وفي البرازيل، حيث أغرقت وحدات العناية المركز في المستشفيات، قالت الطبيبة فرناندا غولينيلي “هذا فصل جديد في الطب علينا أن نكتب في ظله ونحن نتحرّك دون أن نعرف ماذا ستكون الجملة التالية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: