الجزائر توسع معركة حظر التمويل الأجنبي
ألمحت الحكومة الجزائرية، عبر وزارة الاتصال، إلى أن التحقيقات المفتوحة على مصادر تمويل المؤسسات الإعلامية، سيمتد إلى مؤسسات أخرى عرضة للاستغلال المالي الأجنبي، على غرار الجمعيات والتنظيمات الأهلية والأحزاب السياسية والنقابات العمالية والهيئات الحقوقية.
وذكر بيان لوزارة الاتصال أن “كل ملفات التمويلات الخارجية للصحافة أو أي قطاع آخر سيتم فتحها”، أي مراجعتها من قبل هيئات الدولة المختصة في هذا الشأن.
وعادت الوزارة إلى مسألة التمويل الخارجي لوسائل الإعلام المحلية، بسبب اللغط المثار في الآونة الأخيرة، عقب حجب إذاعة “أم أنفو”، وموقع “مغرب إيمارجانت”، ولاسيما بعد تصاعد أصوات في الداخل تتهم الحكومة بالتضييق على الأقلام والمنابر الإعلامية المناوئة لها.
الحكومة لا تريد حصر معركتها الجديدة مع قطاع الاتصال فقط، لتفادي أي لغط يتصل بالحريات الإعلامية في البلاد، وتنوي توسيعها للقطاعات الأخرى المثيرة للشبهات
وتتبنى المنصتان المحجوبتان في الجزائر، خطا تحريريا ناقدا للسلطة ومتعاطفا مع الحراك الشعبي، كما تصنفان من ضمن الفاعلين في مبادرة إنقاذ الصحافة التي أطلقت مؤخرا للدفاع عن الحريات الإعلامية في الجزائر، والتنديد بتمادي السلطة في ملاحقة وسجن الصحافيين. ويبدو أن الحكومة الجزائرية تتجه عبر فتح ملف التحقيق في مصادر تمويل المؤسسات الإعلامية، إلى البحث في واحد من الملفات الحساسة في ظل الشكوك المثارة حول تلقي جمعيات وأحزاب ومنظمات وحتى نقابات لتمويلات خارجية، عبر يافطة الأنشطة الدولية.
واستندت الوزارة، إلى النصوص التشريعية المنظمة للقطاع، والتي تستوجب على المالكين توضيح وتبرير مصادر تمويل مؤسساتهم الإعلامية، لكن ذرائعها تبقى انتقائية في نظر فاعلين في المشهد الإعلامي، بسبب ما يرونه “تغافلا رسميا عن وضعية الإعلام السمعي البصري، حيث يتم توطين كل الفضائيات المملوكة للقطاع الخاص في عواصم عربية وأوروبية، الأمر الذي يثير استفهامات كبيرة حول مصدر ووجهة العائدات الإعلانية المحصلة من طرف هؤلاء، في ظل التنافي بين خطها التحريري المتفرغ للشأن الجزائري، وبين الوضعية القانونية والإدارية للمؤسسات التي تديرها”.
وعلاوة على فروع المنظمات الحقوقية الناشطة في البلاد، والتي يرجح تلقيها تمويلات من قياداتها المركزية، فإن السلطات الجزائرية ظلت تتحفظ على فروع تيارات سياسية عالمية، على غرار الأممية الاشتراكية وتيار الإخوان العالمي وتيار اليسار الدولي، الذي نظم حملة تضامن مع زعيمة حزب العمال اليساري لويزة حنون، خلال فترة سجنها في السجن العسكري بالبليدة في إطار ما يعرف بـ”عصابة التآمر على الدولة ومؤسسة الجيش”.
وكانت السلطة الجزائرية، قد وجهت اتهامات مبطنة لما أسمته بـ”جهات خارجية تقوم بتجنيد موالين لها في الداخل، من أجل استهداف استقرار البلاد”، وأشار كل من الرئيس عبدالمجيد تبون، والوزير المستشار للاتصال في رئاسة الجمهورية والناطق الرسمي باسمها محمد سعيد أوبلعيد، في تصريحات منفصلة، بأن “دوائر أجنبية تخطط عبر خلايا داخلية لزعزعة استقرار البلاد”.
وصرح رئيس تحرير موقع “مغرب إيمارجانت” و”إذاعة أم أنفو” القاضي إحسان، بأن “تمويل المؤسستين يتأتى من فاعلين في القطاع الاقتصادي والخدماتي المحلي، وأن مزاعم وزارة الاتصال هي تصفية حسابات مع المنابر والأقلام التي لا توافق الخط السياسي للسلطة”.
ويبدو أن الحكومة لا تريد حصر معركتها الجديدة مع قطاع الاتصال فقط، لتفادي أي لغط يتصل بالحريات الإعلامية في البلاد، وتنوي توسيعها للقطاعات الأخرى المثيرة للشبهات، ولاسيما الجمعيات والأحزاب والتنظيمات الأهلية، خاصة وأن غموضا كبيرا يلف حسابات وموازنات بعض هؤلاء بحسب تقارير رسمية.