تقرير أوروبي حول الحريات في الجزائر يحرج السلطة

يتهيأ البرلمان الأوروبي لرفع تقرير إلى الاتحاد، للنظر في قضية معتقلي الرأي بالجزائر، وهي الخطوة التي ينتظر أن تثير لغطا كبيرا، حول ما باتت السلطة الجزائرية تنزعج منه، وتدرجه في خانة حملات التشويه والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.

وتستعد لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، لرفع تقرير إلى الاتحاد الأوروبي، لحض حكوماته على فتح ملف سجناء الرأي في الجزائر، واستثنائهم من قرار العفو الشامل الصادر عن الرئيس عبدالمجيد تبون، في إطار مكافحة تفشي وباء كورونا، والتخفيف من الاكتظاظ داخل المؤسسات العقابية.

ويعتبر هذا التقرير الثاني الذي يعده البرلمان الأوروبي، بشأن الأوضاع السياسية الداخلية في الجزائر، وإذا كان في المرة الأولى قد اكتفى بإصدار بيان تنديد وحض السلطات الجزائرية على وقف ما أسماه بـ”الممارسات القمعية والمساس بالحريات السياسية والإعلامية في البلاد”، فإن التقرير المنتظر يتجه إلى توظيف الهيئات الرسمية في الاتحاد لفتح الملف مع الحكومة الجزائرية.

ويتحدث دبلوماسيون أوروبيون عن أكثر من 170 ناشطا سياسيا، يقبعون في السجون، تم تعمد استثنائهم من قرار العفو الرئاسي، لرغبة السلطة في استغلال الأزمة الصحية في تصفية الحراك الشعبي من رموزه ونشطائه، وتمديد الهدنة السياسية إلى ما بعد الجائحة الصحية.

لكن دوائر مقربة من السلطة ترى في قرار العفو الرئاسي، قرارا شاملا يستهدف جميع الأفراد الذين يخضعون لأحكام نهائية، ولا يخص أفرادا أو عقوبات بعينها، وأن من يجري الحديث عنهم، هم في حالة استئناف أو طعن في مختلف درجات التقاضي.

ومع ذلك تلقى محامون وحقوقيون قرارات سجن ناشطين من الحراك الشعبي، رغم الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد، باستغراب شديد وتخوف من وضع حقوق الإنسان والحريات في الجزائر، فقرار العفو الرئاسي تقابله حملة توقيفات وإحالة على السجن المؤقت، مما يعزز الشكوك في نوايا السلطة في استغلال الوضع الصحي والهدنة السياسية لتصفية الحراك الشعبي.

وكانت محكمة سوق أهراس، في أقصى شرق البلاد، قد قررت نهاية الأسبوع إحالة الناشط رحال خليل على السجن بتهمة بث منشورات تحريضية وتهديد الوحدة الوطنية، كما نطقت محكمة سيدي امحمد بالعاصمة بحكم ستة أشهر نافذة في حق الناشط إبراهيم دواجي، بتهم مماثلة.

وتعد العقوبة المذكورة هي الثانية من نوعها في حق إبراهيم دواجي، الذي نشر قبل ذلك تسجيلات على شبكات التواصل الاجتماعي، يتهم فيها عناصر أمنية بلباس مدني يلاحقونه بسيارة مدنية، ثم أعلن بعدها عن توقيفه من طرف مصالح الأمن. وذكرت رابطة حقوق الإنسان في الجزائر أن السلطة تعمدت استثناء سجناء الرأي من قرار العفو، من أجل ممارسة المزيد من الضغط والتضييق على الحراك الشعبي، بغية تصفيته قبل الانتهاء من الوضع الاستثنائي الذي فرضه الوباء.

Thumbnail

وهي المقاربة التي ذهب إليها الناشط والإعلامي مصطفى بن جامع، في تصريح لـ”أخبارنا الجالية  “، لما “اتهم السلطة بتشديد التضييق على الأصوات والمنابر الإعلامية المعارضة، بغية تصفية الحراك الشعبي من زخمه قبل رفع الحالة الاستثنائية التي تعيشها البلاد”.

وإذ ركز تقرير البرلمان الأوروبي على سجناء الرأي، وعلى رأسهم الناشط السياسي المعارض ورئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي (غير معتمد) كريم طابو، فإن تواجد تسعة صحافيين بين المتابعة والسجن وحجب مواقع إخبارية، سيعزز ذرائع الهيئات الحقوقية في البرلمان الأوروبي.

وكانت الجزائر آخر الدول المغاربية، المعلن عن استفادتها من مساعدات الاتحاد الأوروبي لمواجهة وباء كورونا، ففضلا عن أنها جاءت متأخرة قد
كانت رمزية مقارنة بما أسدي لدول أخرى في المنطقة (75 مليون أورو)، الأمر الذي يترجم حالة من الفتور بين الطرفين.

وفي ظل الفتور الذي يكتنف علاقات الطرفين، فإن حاجة السلطة الجزائرية إلى دعم الشريك الأوروبي، بسبب اهتزاز الشرعية الداخلية، الذي تقابله وضعية حقوق الإنسان الهشة وضغط الهيئات الحقوقية والنيابية، ستزيد من ارتباكها، رغم تلويحها بالتوجه إلى شركاء آخرين كالصين وروسيا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: