جبهة بوليساريو الانفصالية تعود إلى سياسة التهديد والاستفزاز

اختارت جبهة البوليساريو الانفصالية، الهروب إلى الأمام في مواجهة المأزق الذي تردت فيه على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث عادت إلى إثارة الغبار على دور مجلس الأمن الدولي، ومهمة بعثة “المينورسو”، وذلك في تصعيد جديد يعكس تحديا واضحا لإرادة المجتمع الدولي من شأنه تحريك رمال ملف الصحراء المغربية بما لا يخدم أمن واستقرار المنطقة.

ويتضح هذا الهروب من خلال بيان الجبهة الانفصالية الصادر في أعقاب الجلسة المُغلقة لمجلس الأمن الدولي، التي خُصصت لبحث تطورات ملف الصحراء، وما رافقه من تصريحات ومواقف هستيرية تضمنت دعوات إلى طرد بعثة “المينورسو”، إلى جانب غلق بوابة “الكركرات” الخاضعة للسلطات المغربية.

وجدد مجلس الأمن الدولي في تلك الجلسة المُغلقة التي جرت مداولاتها مساء الخميس الماضي باعتماد تقنية الفيديو بسبب إجراءات العمل الجديدة التي فرضها تفشي فايروس كورونا المُستجد، التأكيد على المعايير التي حددها بوضوح في قراراته 2414 و2440 و2468 و2494 من أجل التوصل إلى حل نهائي للنزاع الإقليمي حول قضية الصحراء المغربية.

واعتبر خلال تلك الجلسة التي جاءت استجابة للقرار رقم 2494 الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي في جلسته التي عُقدت في 30 أكتوبر 2019 والذي مدد فيه مهمة بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء “المينورسو”، إلى غاية 30 أكتوبر 2020، أنه لا يوجد بديل عن المفاوضات على غرار تلك التي جمعت في ديسمبر 2018 ومارس 2019، بين المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا بجنيف السويسرية، للتوصل إلى حل لهذا النزاع.

وعلى عكس ما كانت تنتظره جبهة البوليساريو الانفصالية، اعتبر مجلس الأمن الدولي خلال تلك الجلسة فتح قنصليات عامة في الصحراء المغربية، هو “أمر يتعلق بخطوات سيادية تتوافق والقانون الدولي، وتندرج تماما في إطار العلاقات الثنائية بين المغرب وشركائه الأفارقة”.

ويبدو أن فشل قيادة البوليساريو في تمرير ما كانت تُخطط له، جعلها تتخبط في مواقفها، حيث سارعت إلى التهديد بإعادة النظر في المشاركة في العملية السياسية التي ترعاها منظمة الأمم المتحدة في الصحراء، بحسب ما تضمنه بيان رسمي لها جاء فيه، إزاء “الفشل في إحراز التقدم في العملية السياسية، وصمت وتقاعس الأمانة العامة للأمم المتحدة،… فإننا نواصل إعادة النظر في مشاركتنا في العملية السياسية للأمم المتحدة بشكلها الحالي والتي نعتبرها انحرافا خطيرا عن خطة السلام المتفق عليها”.

تصعيد لا يخدم أمن واستقرار المنطقة

ولم تكتف بذلك، وإنما أكدت في بيانها “إننا نؤكد من جديد على أننا لن نكون شريكا في أي عملية لا تحترم وتضمن بشكل كامل ممارسة شعب الصحراء لحقه”، مُلوّحة في نفس الوقت بإجراءات أخرى لم تُحددها، وذلك في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات المُطالبة بوقف التعامل مع بعثة “المينورسو” وطردها نهائيا، إلى جانب غلق بوابة “الكركرات”.

وليست هذه المرة الأولى التي تبرز فيها مثل هذه الأصوات، وخاصة منها المُطالبة بغلق بوابة “الكركرات”، حيث سبق لأمين عام جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، أن دعا في شهر يناير الماضي، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس إلى غلق بوابة “الكركرات”، فيما لم تتوقف الانتقادات والاتهامات لدور بعثة “المينورسو” التي تأسست بقرار أصدره مجلس الأمن الدولي في 29 ابريل من العام 1991 تحت الرقم 690، وذلك تماشيا مع مقترحات التسوية المقبولة في 30 أغسطس 1988.

ويرى مراقبون أن البوليساريو، تريد من خلال هذه المواقف المُتشنجة، التي أعادت أجواء التصعيد التي عرفتها المنطقة في شهر أبريل من العام 2017، عندما اقتربت فيها من المواجهة المُسلحة بعد دفع الجانبين بتعزيزات عسكرية إلى محيط “الكركرات”، التخفيف من عزلتها السياسية التي عمقتها سلسلة المكاسب التي حققها المغرب في إطار الدفاع عن وحدته الترابية إقليميا ودوليا.

وتتجلى تلك المكاسب من خلال إقدام العديد من الدول الإفريقية على فتح قنصليات لها في مدينتي الداخلة والعيون، بالصحراء المغربية، منها الغابون وغينيا وغامبيا وساو تومي وبرينسيبي وجمهورية إفريقيا الوسطى وكوت ديفوار وجزر القمر، وذلك في خطوات تعكس دعم تلك الدول لوحدة الاراضي المغربية، ورفضها للنزعات الانفصالية وانتهاك القانون الدولي.

وترافقت تلك المكاسب السياسية مع إطلاق العاهل المغربي في العام 2015 مخططا اقتصاديا لتنمية الأقاليم الجنوبية للصحراء المغربية، ضمن استراتيجية بعيدة المدى تستهدف خلق المزيد من فرص العمل، وتطوير الخدمات العامة، وذلك باستثمارات هائلة يُنتظر ان تصل قيمتها خلال العام الجاري إلى 8.1 مليار دولار.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: