الاقتصاد الجزائري لا يمتلك أي بدائل لمواجهة انهيار أسعار النفط

إذا كانت هناك دولة يجب ان تقلق من انخفاض أسعار النفط، فهي الجزائر التي يعتمد اقتصادها بشكل شبه كلي على مداخيل النفط، مما جعلها تقع ضحية لحرب الأسعار بين المملكة السعودية وروسيا.
وكانت الجزائر قد وضعت ميزانيتها للسنة الحالية على أساس سعر 60 دولاراً للبرميل، وتوقعت 2020 نمواً بنحو 1.8%. ولكن مع سعر 30 دولاراً للبرميل وأسعار متقلبة، صار التوازن المالي للجزائر في خطر لأن صادرات المحروقات تشكل أكثر من 90% من الإيرادات الخارجية للدولة.
وأعلن بنك الجزائر المركزي في مطلع فبراير الماضي أن احتياطيات النقد من العملات الأجنبية قد انخفضت إلى 62 مليار دولار في نهاية ،2019 مقابل نحو 80 مليار دولار في نهاية 2018، و97 ملياراً في نهاية 2017، وحذّر من أن هذا الاحتياطي قد ينفد في السنوات المقبلة.
ويتفق الخبراء على خطورة الأزمة التي تهدد الجزائر. فقد حذر عبد الرحمن مبتول من أنه «مع سعر برميل من النفط عند حدود 25 دولاراً وسعر متدن للغاز الطبيعي عند 1.2 أو 2 دولار، تصير 80 في المئة من الحقول الجزائرية غير مربحة».
وبالنسبة إلى الخبير أحمد دحماني، فإن العواقب بالنسبة للجزائر كارثية وتتضمن استنفاد سريع لاحتياطيات النقد الأجنبي المنخفضة أصلا، وتفاقم عجز الميزانية وميزان المدفوعات، وانخفاض كبير في قيمة الدينار وارتفاع التضخم، والركود الاقتصادي والنتيجة الطبيعية لذلك هي بطالة جماعية.
ولمواجهة هذا الوضع المثير للقلق، أعلنت حكومة عبد العزيز جراد عن تخفيض بنسبة 30% في الميزانية الإدارية لكن دون التعرض لرواتب الموظفين، بالإضافة إلى تخفيض في فاتورة الواردات من 38 إلى 28 مليار يورو.
كما قرّرت عدم اللجوء إلى شركات الخبرة الأجنبية بهدف توفير 6.5 مليار يورو سنوياً، بينما قررت شركة النفط والغاز «سوناطراك» بناءً على طلب الحكومة، تخفيض ميزانيتها لعام 2020 بنسبة 50%، ما يعادل 6.5 مليار يورو.
وقال عبد المجيد عطار، المستشار في شؤون الطاقة، أن تعليق اللجوء إلى شركة استشارات أجنبية «يتعلق بشكل أساسي فقط بدراسات الجدوى للمشاريع التي لم تبدأ بعد أو المشاريع غير الأساسية التي يمكن تأجيلها بدون أي تكلفة إضافية».
واعتبر عطار الذي سبق ان ترأس مجلس إدارة «سوناطراك»، أن تخفيض تكاليف الاستغلال والاستثمار في الشركة المملوكة للدولة بمقدار 7 مليارات دولار «لا يجب أن يقلل من حيث المبدأ إنتاج المحروقات».
ولكن مبتول، الخبير الدولي، يشكك في قدرة الجزائر على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بسبب «البيروقراطية والنظام المالي المتأخر والفساد»، كما لا يعتقد أن في الإمكان استعادة الأموال التي تم تهريبها خارج البلاد.
وذكر دحماني أنه مقتنع باستمرار الاتجاه التنازلي لأسعار المحروقات، بسبب الأزمة الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، مشيراً إلى أن «هذا الحدث يشل جميع الأنشطة الإنتاجية على نطاق الكوكب».
وقال أيضاً أن هذه الجائحة تضاف إلى الأزمة السياسية التي تمر بها الجزائر منذ 22 شباط/فبراير 2019. وأضاف «من الوهم، في السياق الحالي وفي غياب الثقة الشعبية تجاه الرئيس والحكومة، أن تنجح في القضاء على الأزمة التي بدأت فعلا آثارها الاجتماعية والاقتصادية تظهر».

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: