الموت بكورونا أهون من الموت بالضغوطات النفسية و التفكير في موارد العيش .

رغم آلاف الإصابات والوفيات اليومية التي يسببها فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19” في العالم، إلا أن هناك أرقاماً صادمة وخطيرة لضحايا آخرين لا ينتبه إليهم أحد.

وفتح انتحار الوزير الألماني توماس شيفر وممرضة إيطالية، باباً آخر للخطر الذي يحمله كورونا ولا ينتبه إليه أحد في ظل تفاقم أرقام الإصابات والوفيات، الأمر الذي أبرزه موقع دويتشله فيله الألماني، قائلاً إن  هناك الكثير من الناس لا يتابعون سوى أرقام المصابين والمتوفين أو حتى المتعافين من كورونا، “لكن هناك أرقام أخرى من الصعب للغاية حصرها، لكنها تبقى خطيرة هي الأخرى. هم من يعانون نفسياً بسبب هذه الجائحة”.فغالبية سكان العالم يعانون حاليا من توتر عصبي و الشعور بالحزن أو الكآبة و تغييرات حادة في الحالة المزاجية ارتفاعًا وانخفاضًا و التعب الشديد وانخفاض الطاقة أو مشاكل النوم و خصوصا كبار السن في دور العجزة الذين أصبحوا يحسون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي و تصريحات بعض المسؤولين  بأن لا علاج لهم اذا ما أصيبوا بفايروس كورونا و أن التضحية بهم هو القرار الصائب لإنقاذ أشخاص آخرين أصغر منهم سنا .و لا ننسى ان هذا هذا شعور أولاد و أحفاد المسنين الذين يتعرضون لضغوطات نفسية إثر التفكير بدويهم بدور العحزة .

وقال في تقرير له إن انتحار وزير مالية ولاية هيسن دق ناقوس الخطر حول تأثير كورونا على حياة الناس نفسياً، فالوزير انتحر بسبب ضغوط نفسية قد تكون لكورونا الجزء الأكبر فيها، كما انتحرت ممرضة إيطالية، كانت في أيامها الأخيرة تحت توتر شديد بسب ظنها أنها نقلت عدوى الفيروس لمرضى بالمستشفى.

ويلفت تقرير لصحيفة “ذ إيكونومسيت” الانتباه إلى فئات كثيرة من الناس حول العالم تأثرت أو في طريقها إلى التأثر نفسياً كلما زادت فترة انتشار الوباء، مثل المسنين ومن يعيشون بمفردهم قبل الوباء، ومن يفقدون وظائفهم.

وللتدليل على حجم الضحايا المنسيين لكورونا بين أوساط المهددين بفقدان وظائفهم، فيكفي أن تعرف أنه في الولايات المتحدة الأمريكية فقط كشف أرقام رسمية أمس حوالي 10 ملايين شخص في البلاد فقدوا وظائفهم جراء تفشي كورونا خلال الأسبوعين الماضيين، بعد أن انضم إليهم وفي الأسبوع الماضي وحده 3.3 مليون شخص آخرين. مما يجعلنا نفكر في المواطنين المغاربة الذين ليس لهم عمل قار و يبحثون عن قوتهم يوما بيوم ( كل النهار و رزقو) فقدانهم لمصادر قوتهم تجعلهم يفكرون ليلًا و نهارًا في كيفية التأقلم مع الوضع الحالي الذي يحتم الحجر الصحي دون توفر الموارد المعيشية لإيجاد لقمة عيش كريمة له و لأطفاله .

وتقول صحيفة ذا إيكونوميست إن الوباء جلب الخوف من إصابة المرء أو عائلته بالعدوى، كما أن الحجر الصحي المنزلي الذي يعيشه جزء واسع من العالم، تسبّب بإحساس الناس بالوحدة والتوتر والقلق، خاصة أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وغير مؤهل طبيعياً للتعايش مع إجراءات التباعد الاجتماعي التي فرضها الفيروس.

وتعتبر أن أكثر المتأثرين نفسياً بالفيروس، هم الذين فقدوا وظائفهم بسبب الجائحة، إذ يتوقع اختصاصي نفسي تحدث للصحيفة فقدان هؤلاء حتى هوياتهم، وروتينهم اليومي، والكثير من روابطهم الاجتماعية.

كما يوجد كذلك من يعيشون بمفردهم،، وفجأة وجدوا أنفسهم لوحدهم. وكذلك المسنين الذين كانوا يعانون أصلاً من الوحدة، قبل أن تفاقم الظروف الحالية من وحدتهم، فضلاً عن أن الجائحة رفعت نسب العنف المنزلي، بسبب خوف الناس على أمنهم وصحتهم ودخلهم، حسب المصدر ذاته.

ولمواجهة تداعيات كورونا نفسياً، تنصح مجلة “إيموشن” الألمانية بالتقليل من متابعة أخبار الجائحة أو جعل ذلك محصوراً على أوقات معينة في اليوم، وتفادي المواقع والقنوات التي لا تعتمد على مصادر موثوقة خاصة التي تركز على الأخبار المرعبة، وهو نفس ما تنصح به منظمة الصحة العالمية التي تشدد على تقليص متابعة الأخبار التي تسبب التوتر، والبحث عن المعلومة من مصادر موثوقة أو رسمية.

ورغم أن الوباء فرض لنا التباعد الاجتماعي، إلّا أن مجلة “إيموشن” تنصح بالاستمرار بالتواصل هاتفياً مع الأصدقاء والأقرباء، واستخدام الكاميرا إن أمكن، والخروج من البيت لاستنشاق الهواء (إن سمحت القوانين في البلد بذلك) مع مراعاة الحرص على التباعد مع الآخرين، ومحاولة الترفيه عن النفس بالرياضة المنزلية أو بشيء آخر محبوب كالقراءة ومشاهدة الأفلام والاستماع للموسيقى.

وتشدد منظمة الصحة العالمية على ضرورة مساعدة الآخرين في هذه الظروف، كالتواصل مع الجيران لسؤالهم إذا ما احتاجوا شيئاً، ومحاولة خلق تكتل تضامني لمواجهة الفيروس، والحديث عن قصص إيجابية لأشخاص تجاوزوا محنة هذا المرض، كما تنصح بالإشادة بكل من يبذل جهداً لتطويق الفيروس، ومنهم العاملون في الخدمات الصحية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: