حبوب منع الحمل وقت الحجر: الحاجة إليها كبيرة والحصول عليها أصعب
أدت قرارات الحجر المفروضة للحد من انتشار فايروس كورونا في جميع أنحاء العالم إلى عدم قدرة الملايين من النساء على الحصول على وسائل منع الحمل وغيرها من مستلزمات الصحة الجنسية والإنجابية.
يثير النقص الكبير في وسائل منع الحمل وما سيترتب عليه من ارتفاع في عدد حالات الحمل غير المقصود، قلق المنظمات العالمية. وأعلنت منظمة الأمم المتحدة أن وكالة الصحة الجنسية والإنجابية لديها حاليا حوالي 50 إلى 60 في المئة فقط من إمدادات الواقيات المعتادة.
وقال المتحدث باسم صندوق الأمم المتحدة للسكان إن الإجراءات التقييدية، وفي مقدمتها غلق الحدود، تؤثر على النقل والإنتاج في عدد من الدول والمناطق. وأضاف أن هناك أيضًا تحديًا تواجهه عملية الشحن السريع، وقد تكون الدول الأكثر فقرا وضعفا هي الأكثر تضرراً.
وأشار إلى أن نقص إنتاج الواقي الذكري أو أي وسيلة لمنع الحمل يمكن أن يؤدي إلى زيادة الحمل غير المقصود مع عواقب صحية واجتماعية مدمرة تطال النساء وشركاءهن وعائلاتهن.
هذا فضلا عن الأعداد الهائلة من الرجال غير القادرين على العمل بسبب القيود، إذ بقوا محتجزين في منازلهم مع زوجاتهم لأسابيع متتالية بسبب الحجر، وتواجه النساء حالات حمل غير مرغوب فيها.
وطالبت منظمات تونسية في بيان مشترك بضمان توفر وسائل منع الحمل، بما في ذلك موانع الحمل الطارئ، في هياكل الصحة العمومية والصيدليات الخاصة، كما دعت أعضاء المجتمع المدني إلى دعم وتسهيل الحق في الصحة الجنسية والإنجابية والنفاذ إليها كعنصر من العناصر الأساسية لحقوق الإنسان والدفاع عن الحق في الصحة.
وأكدت أنه بعد ثلاثة أسابيع من بداية تفشي الوباء في تونس، لاحظت التخلي عن تقديم الدعم لهياكل الرعاية في مستوى الخط الأول، بما في ذلك عيادات التنظيم الأسري، ويعزى ذلك إلى أولويّة الاهتمام -في إسناد المعدات- بالهياكل الساهرة على تقديم الرعاية في علاقة بفايروس كوفيد – 19، مع غياب المعلومات الملائمة بخصوص الفايروس وإجراءات التوقي منه، فضلا عن عدم تعميم المبادئ التوجيهية والسلوكيات الواجب اتباعها. وكلها مسائل أفضت إلى رفض تقديم الخدمات لفائدة النساء اللاتي يزرن العيادات الطبية.
وكشفت أن 50 في المئة من النساء في تونس يمتثلن لسياسة التنظيم العائلي وبالتالي يحتجن إلى التزود بوسائل منع الحمل بصفة منتظمة، مشيرة إلى وجود تراجع في نسب استعمال وسائل تحديد النسل مقارنة بـ2011 – 2012 وارتفاع في نسبة الحاجيات غير الملباة في مجال منع الحمل.
وذكرت أن هذا الوضع جاء في سياق يشهد انخفاضا في أداء البرنامج الوطني للصحة الإنجابية واقترانه بالعديد من المخاطر التي تحيط بصحة المرأة، وعبء المرض نظرا إلى عدم توفر عمليات مراقبة الحمل وعدم تحديد حالات الحمل عالية المخاطر، فضلا عن اللجوء إلى عمليات الإجهاض عالية الخطورة بالنسبة إلى النساء اللاتي لا يرغبن في إكمال الحمل.
وحذّرت من عدم توفر وسائل منع الحمل المؤمنة وذات الأداء العالي مثل اللولب الرحمي خلال أكثر من سنتين (من 2016 إلى 2019)، ونفاد مخزون حبوب منع الحمل المركبة وحبوب منع الحمل الصباحية وكذلك الحبوب الخاصة بالإجهاض الدوائي.
وأجرت 18 دولة في أفريقيا -طبقاً للمراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها- عمليات إغلاق وطنية، فقد فرضت على جميع العمال -ما عدا أولئك الذين يبحثون عن الغذاء أو الرعاية الصحية- البقاء في المنزل لأسابيع، وربما لفترة أطول، وحتى في الأماكن التي لا يزال فيها تنظيم الأسرة متاحًا، يقول مقدمو الخدمات إن العديد من النساء يخشين من المغامرة حتى لا يتعرضن للضرب من قبل قوات الأمن وحتى لا يتم اتهامهن بتحدي القيود الجديدة.
وفي غضون ذلك توقفت خدمات التوعية بمدى أهمية الصحة الإنجابية -وهي أنجع طريقة للوصول إلى النساء الريفيات- إلى حد كبير لتجنب التجمعات التي تسهم في زيادة خطر انتشار الفايروس من مجتمع إلى آخر.
ويقول الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة، في تقرير حديث الخميس، إن أكثر من عيادة واحدة من كل خمس عيادات في العالم قد أغلقت بسبب الوباء والقيود ذات الصلة. فقد تم إغلاق أكثر من 5 آلاف عيادة متنقلة في 64 دولة. يقع معظمها في جنوب آسيا وأفريقيا، كما شهدت أميركا اللاتينية وأوروبا المئات من عمليات الإغلاق أيضًا.
ومن باكستان إلى ألمانيا إلى كولومبيا، يقول أعضاء الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة إنهم قلصوا اختبارات فايروس نقص المناعة البشرية وأعمال الاستجابة للعنف القائم على نوع الجنس، كما يواجهون أيضاً نقصًا في وسائل منع الحمل.
وقال ألفارو بيرميخو، المدير العام للاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة، عن النساء في بيان، “لديهن احتياجات لا يمكن أن تنتظر”، مطالباً بمساعدة الحكومات الوطنية في توفير معدات الحماية الشخصية للسماح برعاية العلاقات الحميمية. وفي أوروبا، دعت 100 منظمة غير حكومية يوم الأربعاء الحكومات إلى ضمان توفير خدمات الصحة الإنجابية خلال فترة الوباء، قائلة إن العديد من المرافق تم تقليصها بشكل حاد أو أُغلقت بشكل كامل.
وصرحت أبيب شيبرو، مديرة منظمة زمبابوي في ماري ستوبس انترناشيونال، لوكالة أسوشيتد برس، بأنه في هذه الأوقات العصيبة، يتعين على النساء “إغلاق أرحامهن. ولكن لا توجد طريقة لفعل ذلك في منطقة ريفية”.
وقالت شيبرو في زيمبابوي، إن منظمة “ماري ستوبس” قدمت خدمات تنظيم الأسرة لأكثر من 400 ألف امرأة العام الماضي، بما في ذلك تجنب ما يقرب من 50 ألف عملية إجهاض غير آمنة. ولكن الآن تم تعليق خدمات التواصل التي تقدمها المنظمة، والتي تتجاوز نسبتها الـ60 في المئة من الزبائن. وحتى في العيادات التي لا تزال مفتوحة، انخفض عدد الزبائن بنسبة 70 في المئة. هذا إضافة إلى أنه يتم ترك أعداد هائلة من الرجال، غير القادرين على العمل بسبب القيود، محتجزين في منازلهم مع زوجاتهم لأسابيع متتالية.
وقالت فيوتشر غوينا، التي تعمل في منظمة “ماري ستوبس”، “زوج وزوجة، ماذا يمكن أن يفعلا داخل المنزل؟ أعتقد أنه سيكون لدينا الكثير من حالات الحمل، وللأسف، غير المخطط له. وسيؤدي معظمها إلى عمليات إجهاض غير آمنة، وإلى العنف المنزلي. مجتمعنا ذكوري؛ إذا حدث خطأ ما في المنزل، فهذا خطأ الأم، حتى لو بادر به الرجل”.
وأشارت شيبرو إلى أنه حتى في الأوقات العادية يجب على المرأة التي تطلب استخدام وسيلة منع الحمل أن تحصل على موافقة زوجها.
وتعني القيود المفروضة على السفر وتباطؤ التصنيع في آسيا نتيجة للوباء أن بعض مقدمي خدمات تنظيم الأسرة ينتظرون شحنات موانع الحمل الطارئ وغيرها من العناصر، حيث تنفذ المخزونات في الداخل.