العاهل المغربي يعزز إجراءات مكافحة كورونا بمستشفيات ميدانية

انتقلت الرباط إلى مرحلة متقدمة في مواجهة فايروس كورونا ضمن سياسة استباقية يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس تهدف إلى إقامة مستشفيات ميدانية في كافة جهات البلاد تشرف عليها المؤسسة العسكرية، في تحرك يرى مراقبون أنه سيساعد في محاصرة الوباء وفق استراتيجية صحية بدأت الحكومة في اعتمادها منذ بداية الأزمة.

شكل قرار العاهل المغربي الملك محمد السادس إنشاء مستشفيات ميدانية في أرجاء البلاد أحد أبرز الخطوات الاستبقاية باتجاه مكافحة وباء كورونا، والذي يأتي ضمن استراتيجية متكاملة تعتمدها الحكومة للتصدي لأخطار عدوى الفايروس.

وكلف الملك محمد السادس بوصفه القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، المؤسسة العسكرية بوضع المستشفيات الميدانية، التي أمر بإقامتها تحت الخدمة لمعاضدة جهود القطاع الصحي بالبلاد.

وبهذا الإجراء تكون الرباط قد لحقت بركب الدول التي قامت بإنشاء مستشفيات ومراكز صحية جديدة مخصصة لمواجهة هذه الجائحة.

واعتبر مراقبون أن هذه الخطوة تعكس مدى اهتمام أعلى هرم في السلطة بكيفية معالجة الأزمة وخاصة أنها تأتي استكمالا لقرارات سياسية سابقة بدأ الملك محمد السادس في إعطاء تعليماته لتنفيذها منذ ظهور الفايروس في المغرب.

ويتولى كل من الجنرال عبدالفتاح الوراق المفتش العام للقوات المسلحة الملكية والجنرال محمد حرمو، قائد الدرك الملكي، والجنرال محمد العبار، مفتش مصلحة الصحة العسكرية للقوات المسلحة الملكية، تكليف الطب العسكري بشكل مشترك مع نظيره المدني للقيام بتلك المهة.

وأعلنت القوات المسلحة الملكية عن تجهيز مستشفى قرب مدينة الدار البيضاء بني في غضون ستة أيام، كما أنها أتمت الاستعداد لبناء مستشفيات ميدانية أخرى إذا استدعت الحاجة لذلك. ويهدف المستشفى العسكري الميداني المقام في منطقة بن سليمان إلى تخفيف الضغط عن المراكز الطبية الأخرى في أنحاء البلاد.

ويتألف المستشفى من قسمين أحدهما طاقته الاستيعابية 260 شخصا، بينما القسم الثاني هو عبارة عن مبنى مجهز بعشرين وحدة عناية مشددة للمرضى الذين يعانون من حالات حرجة، وهو يحتوي على مئتي سرير.

وطرح فكرة الاستعانة بالمستشفيات الميدانية جاء لتفادي أي مشاكل يمكن أن تعترض المؤسسات الصحية الحكومية في حال ارتفاع عدد المصابين بكورونا.

مستشفيات عسكرية ميدانية تحت الخدمة لمعاضدة جهود القطاع الصحي بالبلاد

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن بيان للديوان الملكي جاء فيه أن “القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، أصدر تعليماته للمفتش العام للقوات المسلحة لوضع المراكز الطبية المجهزة، التي سبق له أن أمر بإحداثها لهذا الغرض، بمختلف جهات المملكة، رهن إشارة المنظومة الصحية بكل مكوناتها، إن اقتضى الحال وعند الحاجة”.

وأوضح البيان أن المبادرة جاءت خلال ترؤس العاهل المغربي جلسة عمل خصصت لتتبع انتشار الوباء بالبلاد، وتأتي في إطار المقاربة الاستباقية منذ بداية ظهور الفايروس، وتعزيز الإجراءات الوقائية والاحترازية غير المسبوقة، التي اتخذتها القطاعات والمؤسسات المعنية، بهدف الحد من انتشاره، ومواجهة تداعياته الصحية والاقتصادية والاجتماعية.

وتأتي الخطوة بعد اطلاع الملك محمد السادس على آخر تطورات الوضع الصحي ببلاده من قبل وزير الصحة خالد آيت الطالب، والطاقة الاستيعابية للمستشفيات والوحدات الصحية، بمختلف جهات البلاد.

وبحسب بيانات وزارة الصحة المعلنة الثلاثاء الماضي ارتفع عدد الوفيات إلى 83 حالة، بينما ارتفع إجمالي المصابين إلى 1141 حالة. ويعول المغرب كثيرا على هذه المستشفيات الميدانية، وقد فتحت مقاربة الملك محمد السادس بإعطاء القوات المسلحة مساحة لمعاضدة جهود الدولة لمكافحة الوباء، الباب أمام مبادرات مماثلة للمجتمع المدني للقيام بذلك.

وذكرت مصادر حكومية أن الإجراءات التي قدمت لوزارة الصحة تعكس ضرورة تنفيذ كافة المبادرات والمشاريع من هذا النوع، حيث ستقوم كافة المديريات الجهوية للصحة بتفعيل الاتفاقيات مع المجالس الجهوية والجماعية في هذا المضمار.

وبعد دخول المغرب حالة الطوارئ الصحية، تكون الدولة قد استكملت حلقة الإجراءات والتدابير السياسية والاقتصادية والإدارية لمواجهة جائحة كورونا.

القوات المسلحة الملكية أقامت خلال ستة أيام مستشفى قرب الدار البيضاء، ومستعدة لبناء أخرى في المناطق كافة

وأعلنت السلطات الشهر الماضي تقييد الحركة في البلاد إلى أجل غير مسمى كوسيلة لا غنى عنها لإبقاء الفايروس تحت السيطرة، بعد تسجيل تطورات سلبية بشأن إصابة مواطنين غير وافدين من الخارج.

والهدف من هذا الإعلان، كما قال وزير الداخلية، عبدالوافي لفتيت، “ليس توقيف الحياة الاقتصادية، بل حماية البلاد من هذه الآفة” مشيرا إلى أن حركة الأشخاص الذين من الضروري وجودهم بمقرّات العمل ستستمرّ.

ويؤكد متابعون أن الملك محمد السادس كان حازما في تفعيل القرار السياسي بإغلاق المجال الجوي والبحري المغربي أمام المسافرين، وإلغاء كل التجمعات والتظاهرات الرياضية والثقافية والفنية والمساجد والمدارس، وإحداث صندوق خاص لمواجهة الوباء.

وفي إطار الإجراءات الاحترازية من تفشي فايروس كورونا المستجد في السجون، أصدر الملك محمد السادس عفوا عن آلاف السجناء. ودعا العاهل المغربي إلى “اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتعزيز حماية نزلاء مؤسسات السجون والإصلاحية التي تعنى بسجن القاصرين من انتشار فايروس كورونا”.

وقالت وزارة العدل المغربية في بيان إنه “في إطار العناية الموصولة التي يحيط بها العاهل المغربي المواطنين المعتقلين في المؤسسات السجنية والإصلاحية، تفضل بإصدار العفو على 5654 معتقلا”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: