الرباط تراهن على مرونة الاقتصاد لتجاوز صدمة الوباء

تشير التحركات المغربية إلى إعداد ترسانة واسعة من الموارد والإجراءات لمواجهة التداعيات الاقتصادية لتفشي فايروس كورونا المستجد. وتؤكد أن الرباط أعدت عدتها لتخفيف صدمة الوباء إلى أقل حد ممكن.

كشف وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، أن أسس الاقتصاد المغربي مرنة بما يكفي لتمكينه من امتصاص الصدمات الناجمة عن جائحة فايروس كورونا على المدى القصير.

وأضاف الوزير أن المغرب يملك احتياطات العملات الأجنبية التي تغطي أكثر من 5 شهور ونصف الشهر من واردات السلع والخدمات، إضافة إلى مصادر تمويل ودعم دولي سواء على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف.

وكانت الحكومة المغربية قد صادقت على مشروع قانون، يسمح لها بتجاوز سقف التمويلات الخارجية وتعليق الالتزام بقيود الإنفاق لمواجهة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تفشي فايروس كورونا المستجد.

محمد بنشعبون: أسس الاقتصاد المغربي مرنة بما يكفي لامتصاص كورونا

ويتيح القانون الترخيص لوزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، بتجاوز سقف المبلغ المتعلق بإصدار السندات والأدوات المالية الأخرى في الخارج، والمحدد بموجب الموازنة المالية للسنة المالية 2020 عند 31 مليار درهم (3.1 مليار دولار). وفي هذا الصدد أفاد البنك المركزي المغربي، بأن الاحتياطيات الدولية بلغت في 20 مارس الماضي نحو 242 مليار درهم (24.2 مليار دولار) بارتفاع نسبته 0.1 في المئة عن الأسبوع السابق ونحو 6.4 في المئة على أساس سنوي.

وأكد بنشعبون، أنه بالإضافة إلى ذلك، هناك إمكانيات أخرى يمكن الاستعانة بها مثل اللجوء إلى السوق المالية الدولية أو التسهيلات التي يقدمها صندوق النقد الدولي كخطوط ائتمانية للوقاية والسيولة.

وسبق لصندوق النقد أن منح المغرب أربعة خطوط تسهيلات ائتمانية للوقاية والسيولة لمواجهة المخاطر المحتملة والتدهور المتزايد في بيئة الاقتصادي العالمي.

وكان الخط الأول عام 2012 بقيمة 6.2 مليار دولار والثاني بقيمة 5 مليارات في عام 2014 والثالث بقيمة 3.5 مليار دولار في 2016. وتراجعت قيمة خط الائتمان والوقاية الرابع إلى 3 مليارات دولار.

وأكد عبداللطيف الجواهري، محافظ البنك المركزي، أن هدف المغرب من توقيع اتفاقية خط الوقاية والسيولة مع صندوق النقد الدولي، كان التأمين ضد التغيرات المتسارعة في الأسواق الدولية وحماية الاقتصاد المغربي من أي صدمات خارجية، منها صدمة كورونا.

وارتباطا بالإجراءات التي يقوم بها المغرب لصيانة الاقتصاد الوطني، أعلن البنك الدولي عن إعادة هيكلة قرض كان موجهاً لتطوير إدارة مخاطر الكوارث في المغرب لاستعماله في مواجهة آثار تفشي فايروس كورونا المستجد.

وذكر البنك الدولي أنه قام بتقديم استجابة طارئة لمساعدة المغرب على التعامل مع آثار تفشي الجائحة من خلال إعادة هيكلة قرض سياسة تطوير إدارة مخاطر الكوارث الذي تبلغ قيمته 275 مليون دولار.

ويعزز هذا الإجراء الموارد التي يملكها المغرب في الميزانية العامة للدولة ومساهمات صندوق تدبير جائحة كورونا التي بلغت أكثر من 30 مليار درهم (3 مليارات دولار).

وأكد خبراء اقتصاد، أن المغرب يتعاطى بحذر وخطوات إيجابية مع التداعيات الاقتصادية للوباء، الذي شكل صدمة كبيرة لمعظم دول العالم.

وأشاروا إلى أن الرباط تعتمد مقاربة استباقية لإنقاذ الاقتصاد من تداعيات إجراءات الوقاية من انتشار الوباء، التي عطلت عددا من القطاعات منها السياحة والأنشطة المرتبطة بها والنقل الجوي وقطاعا النسيج والسيارات.

ولفت أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس بالرباط، رضوان رؤوف، إلى تأثير هذه الأزمة على ميزان المدفوعات والاحتياطيات من العملة الأجنبية، وذلك بسبب توقف عائدات السياحة، وتباطؤ تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، الناتج عن الأزمة في أوروبا.

فرض حجر صحي شامل للتخفيف من تداعيات كورونا

وأكد وزير الاقتصاد والمالية أنه منذ بداية تفشي كورونا، اتخذ المغرب تدابير صارمة تهدف بشكل خاص إلى تعزيز البنية التحتية الصحية والحفاظ على مناصب الشغل ودعم القوة الشرائية للأسر الهشة.

وقال إن تلك الاختيارات تؤكد الرهان الذي رفعه المغرب بوضع الإنسان في قمة الأولويات، لكن دون إغفال ضرورة الحفاظ على مرونة النشاط الاقتصادي.

وأشار بنشعبون إلى أن العديد من فروع النشاط الاقتصادي كان مطلوبا منها أن تحافظ على ديناميتها مثل الصناعات الاستخراجية والصناعات الغذائية والكيميائية، وكذلك قطاع الاتصالات والخدمات المالية.

وأوضح الوزير أن هذه القطاعات تمثل 41 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي غير الزراعي، وإذا أضفنا إليها الإدارة العمومية، فنحن نتحدث عن 53 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي غير الزراعي الذي لا ينبغي أن يعاني كثيرا من تدابير الحجر الصحي.

وأكد مختصون داخل البنك المركزي المغربي، أن التطور الذي یشهده انتشار فايروس كورونا یستدعي التحديث المتواتر لتقییم الأوضاع والتوقعات الاقتصادیة.

وأشاروا إلى أن التقديرات الاقتصادية ترجح “ضعف النمو” في المغرب وتراجعه إلى 2.3 في المئة خلال العام الحالي نتيجة التأثير المزدوج للظروف المناخية غير المواتية وانتشار الوباء على الصعيد العالمي. لكن التوقعات الحكومية تشير إلى انتعاش النمو الاقتصادي في العام المقبل ليصل إلى نحو 3.8 في المئة.

وأعرب وزير الاقتصاد والمالية عن ثقته بقدرة المغرب على مواجهة التحديات الكبرى التي تعترضه وتحويل المخاطر إلى فرص.

وأوضح أنه في الوقت الذي تشتغل فيه بلادنا على إعادة التفكير في نموذجها التنموي، فإن الدروس المستفادة من هذه الأزمة يجب أن تغذي وتثري تفكيرنا حول أولوياتنا التنموية وكيفية اندماج اقتصادنا على الصعيد الدولي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: