كورونا يشعل فتيل قنبلة اجتماعية في إيطاليا

من بداية أعمال نهب لمحلّات سوبرماركت إلى توزيع كوبونات غذائية، أضحت الأزمة الصحية المرتبطة بفايروس كورونا المستجد اجتماعية في إيطاليا، حيث ظهر شكل جديد من الفقر وكذلك شكل جديد من التضامن.

وصرّح وزير الصحة الإيطالي روبرتو سبيرانزا الأربعاء بأن الحكومة تعتزم تمديد حالة الإغلاق حتى 13 أبريل، وحذّر من أن التراخي قد يضيع الجهود المبذولة لمكافحة انتشار فايروس كورونا.

وساهمت إجراءات الحجر في إغلاق المطاعم والمحال التجارية وتعطل الإنتاج ما زاد في تفشي البطالة في بلاد تعاني بالفعل من ارتفاع مستمر في معدّل البطالة، وخاصة بين الشباب وهي الأكثر تضررا في أوروبا من فايروس كورونا مع إسبانيا.

وفي 26 مارس الماضي، اندلعت حوادث في أحد المحال في باليرمو عندما حاول نحو عشرين شخصا مغادرته من دون أن يسددوا ثمن مشترياتهم. وقالوا “نحن لا نملك نقودا لندفعها ويجب أن نأكل”.

سجلت حوادث في أحد محلات باليرمو عندما حاول أشخاص المغادرة من دون أن يسددوا ثمن مشترياتهم

وتزداد المخاوف من الانفلات الأمني في الجنوب، وقد تم نشر قوات الأمن في شوارع مدينة باليرمو عاصمة جزيرة صقلية، في ظل تقارير عن استخدام العصابات لشبكات التواصل الاجتماعي من أجل الاتفاق على مهاجمة المتاجر والسطو عليها. يأتي ذلك في الوقت الذي أوقفت فيه إحدى شركات الملاحة تشغيل العبارات من وإلى صقلية، الأمر الذي يهدد بحدوث نقص في إمدادات السلع الأساسية من الأغذية والأدوية.

ونقلت صحيفة لا ستامبا الإيطالية عن ليولوكا أورلاندو عمدة باليرمو قوله، “نحتاج إلى التحرك بسرعة، بمزيد من السرعة… الإحباط قد يتحول إلى أعمال عنف”، وذلك في الوقت الذي تواجه فيه إيطاليا خلافا قويا مع ألمانيا بشأن شروط المساعدات المالية التي تحتاج إليها روما من الاتحاد الأوروبي. وأعرب أورلاندو عن أسفه لبث “رسائل متهورة على شبكات التواصل الاجتماعي يمكن أن تخلق مناخا من عدم الاستقرار”.

وندد “بوجود عمل إجرامي ومافيوي وراء هذه الوقائع”، لكن هذه الحوادث تشير أيضا إلى وضع يزداد صعوبة للملايين من السكان في إيطاليا، وذلك بعد مضي أكثر من ثلاثة أسابيع من الحجر الصحي وعزل شبه كامل في البلاد.

وأقرّت الحكومة تدابير عديدة استجابة لحالة الطارئة، تتضمن إصدار كوبونات غذائية قامت البلديات بتوزيعها وبلغت قيمتها الإجمالية 400 مليون يورو.

في باليرمو، تلقت البلدية 11 ألف طلب، حسب ما أكدت صحيفة إيل سولي 24 أوري، كما أعلنت بلدية روما الثلاثاء أن العائلات التي تعاني “من صعوبات اقتصادية ناجمة عن تدابير لمنع انتشار فايروس كورونا والحد منه” بإمكانها التقدم لطلب المساعدة من أجل التسوق.

وتبلغ المساعدة 300 يورو للعائلات من دون أطفال و500 يورو للعائلات التي تضم خمسة أشخاص على الأقل. ومنحت عدة متاجر كبرى تخفيضا بنسبة 10 في المئة للفقراء على المشتريات التي يتم تسديدها عبر قسائم الطعام.

وعلى الرغم من الإجراءات الحكومية، وضع إغلاق الغالبية العظمى من المؤسسات وشركات البناء في البلاد العديد من الإيطاليين في وضع صعب. وازداد الوضع سوءا، خصوصا في جنوب إيطاليا أو ميتسوجورنو، لشريحة واسعة من السكان الذين يعملون دون تصاريح.

ونتيجة لذلك يحتاج خمسون ألف شخص إضافي إلى المساعدة من أجل الحصول على طعام، بالإضافة إلى 2.7 مليون شخص كانوا قد استفادوا العام الماضي من مساعدات غذائية من خلال منظمات مثل “كاريتاس” أو “بنك الطعام (بانك اليمانتير)، وفقا لتقديرات النقابة الزراعية الإيطالية الرئيسية “كولديريتي”.

وأفادت النقابة بذلك عن زيادة طلبات المساعدة التي تلقتها هذه الجمعيات بنسبة 25 إلى 30 في المئة في مارس الماضي، خاصة في المناطق الأكثر فقرا في جنوب إيطاليا أو صقلية أو كالابريا أو كامبانيا.

ولاحظت منظمة “بنك الطعام” في كامبانيا زيادة بنسبة 45 في المئة في عدد الأشخاص الذين تواصلوا معها منذ بداية الأزمة، حسب وكالة الأنباء الإيطالي (آجي).

قال مدير الجمعية روبرتو تورتو، “كنا نساعد 152 ألفا و525 شخصا وأضيف إليهم سبعون ألف طلب”، موضحا أنه يتوجب الآن “العمل على ألا تتحول الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الفايروس إلى أزمة أمنية”.

وتحدثت صحيفة كورييري ديلا سيرا السبت عن “قنبلة اجتماعية” محتملة، مؤكدة أن الشرطة تراقب الشبكات الاجتماعية ومجموعات النقاش التي يمكن عبرها تنظيم عمليات نهب جديدة للمتاجر.

الأزمات تمنح كذلك الفرصة للتعبير عن التضامن، إذ تم وضع العديد من المبادرات لمساعدة الشريحة الأكثر عوزا في البلاد.

ففي باليرمو، وُضع على شاطئ مونديللو “كشك تضامن” يسمح للمحتاجين بأخذ الماء أو المعكرونة أو مواد التنظيف والمواد الأساسية، التي يودعها الأفراد.

وفي روما، في ساحة ألبيروني الصغيرة الواقعة في جنوب المدينة، تم أيضا وضع المنتجات الأساسية والمعكرونة والكعك والخبز والعلب على حافة نافورة مذيلة بعبارة ”خذ إذا كنت بحاجة”.

وفي العاصمة التي أقامت مراسم حداد في ميدان “كامبيدوجليو”، تخللتها تنكيس الأعلام والوقوف دقيقة صمت، كما في نابولي ظهرت سلال مليئة أنزلت من الشرفات وكتب عليها “من يستطيع، يضع، من لا يستطيع، يأخذ”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: