اعتقال نجل أمين عام العدل والإحسان المغربية بتهمة الإساءة للدولة

اعتقلت السلطات الأمنية المغربية مساء الخميس ياسر العبادي، نجل محمد العبادي، الأمين العام لجماعة العدل والإحسان الإسلامية شبه المحظورة، على خلفية تدوينة نشرها وهاجم من خلالها الدولة المغربية.

وقالت الجماعة وهي أكبر جماعة إسلامية معارضة في المغرب، إن الشرطة قامت بتوقيف ياسر العبادي، ليتم نقله إلى أحد مقرات الأمن بمدينة سلا قرب العاصمة الرباط، وأنها لم تتلق أي رد حول أسباب الاعتقال.

وأكد مختصون في القانون أن متابعة نجل الأمين لجماعة العدل والإحسان قضائيا، جاءت بسبب تضمن تدويناته الفيسبوكية الأخيرة مفردات مُجَرّمة وتقع تحت طائلة القانون الجنائي، حيث أنه وصف الدولة بـ”الدكتاتورية والإرهابية” كما اتهمها بممارسة “التعذيب” و”الاختطاف” دون أن يكون لديه أي دليل ملموس على ادعاءاته.

وفي رد فعل على اعتقال نجل أمينها العام، أصدرت جماعة العدل والإحسان بيانا طالبت فيه بالإفراج عنه، وصفت اعتقاله بـ”الظلم الفادح والواضح”. واعتبر فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي لجماعة العدل والإحسان، أن اعتقال ياسر العبادي، “ظلم فادح” و”تصرف متهور”، وبلغة فيها نوع من التحذير طالب الدولة بإطلاق سراح الشاب والتعقل وتجنب الاستفزاز ومراعاة الظرف العصيب الذي يمر به الوطن.

وتقرر تحديد يوم 22 يونيو المقبل، لعقد الجلسة الأولى لمحاكمة ياسر العبادي، والمتابع في حالة سراح، بجنحة إهانة هيئة منظمة، بعدما تم عرضه السبت على وكيل الملك بمحكمة سلا، حيث خصص المشرع المغربي لهذه التهمة نصوصا زجرية في كل من القانون الجنائي وقانون الصحافة.

ويأتي اعتقال ياسر العبادي في سياق أهمية تطبيق القانون على الجميع دون تمييز، كما يرى رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية. ويتابع لزرق لـ”العرب” أن “الاعتقال يقوم على قرائن ثابتة من خلال ما جاء في تدوينته الفيسبوكية، وكذلك على ضرورة فرض هيبة الدولة من خلال تطبيق القانون على الجميع دون استثناء فلا أحد يعلو فوق القانون، وكل مخالف مصيره السجن والعقاب”.

ورغم أن قيادات العدل والإحسان روجت أن اعتقال نجل أمينها العام، “كيدي وغير منصف”، ضد كوادرها من طرف السلطة، إلا أن المرجح أن الجماعة تريد ممارسة نوع من التمويه بالتغطية على منهجها الحقيقي ضد مكونات الدولة والذي كشفته تدوينة ياسر العبادي الأخيرة.

وفيما اعتبرت الجماعة أن نجل محمد العبادي كان يمارس حقه في التعبير بحرية، يوضح منتصر حمادة، الباحث في الجماعات الإسلامية، أن ” للأشخاص كامل الحرية في الاعتقاد والتفكير والرأي (من منظور ديني وفلسفي وقانوني)، ولكن، في المقابل ــ لأنه لا توجد حرية مطلقة قط ــ فعلى نجل عبادي، أن يتحمل مسؤولية قوله على الأقل من الناحية القانونية”.

الجماعة الإسلامية تسعى إلى إحراج مؤسسات الدولة والتشويش على عملها في حالة الطوارئ الصحية

ويعتقد متابعون أن بيان جماعة العدل والإحسان، سقط في التعميم وارتكز على خطاب المظلومية، ولم يتطرق إلى السبب الحقيقي لاعتقال نجل زعيمها بل ركزت الجماعة فقط على توقيت الاعتقال وطريقته، وذلك لاستجلاب حالة من التعاطف معها.

ويلفت هؤلاء إلى أن نجل محمد العبادي، انساق وراء مراهقة سياسية خادعة وأراد إحراج مؤسسات الدولة والتشويش على عملها في حالة الطوارئ الصحية، وهذا السلوك لم يتقبله عقل الدولة لأنه يمس هيبتها وشرعيتها لذلك سعت لاستخدام كل الوسائل القانونية للرد على مثل هذا التوجه المسيء.

ولفت رشيد لزرق، إلى أن المغرب يعيش في ظل وضع يفرض وعيا استثنائيا بالحقوق والواجبات، مثلما يقتضي الصرامة في تطبيق القانون على الجميع من أجل التصدي لكل ما من شأنه التشويش على الإجماع الوطني لمواجهة فايروس كورونا.

ولطالما راهنت الجماعة على استغلال أي حدث اجتماعي أو سياسي لاستعراض عضلاتها في الشارع، كما حدث أثناء احتجاجات 2011. ويلاحظ متابعون أن الجماعة شبه المحظورة لم تستطع التكيف مع المستجدات والتطور الذي يحدث في المغرب على مدى عقدين من الزمن، كما لم تنخرط في مؤسسات الدولة عكس أحزاب أخرى مارست المعارضة القوية منذ ستينات القرن الماضي واندمجت مع منطق الدولة.

وربط متابعون سلوك نجل أمين عام جماعة العدل والإحسان المسيء للدولة، بفشل خطة الجماعة في تحريض الشارع على العصيان وكسر الحجر الصحي قبل أيام في بعض المدن المغربية، بهدف الاصطدام مع السلطات.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: