الدفن في زمن كورونا.. أين توارى جثث ضحايا الفيروس من خلال فتوى الطاهر التوجكاني

هناك أحكام شرعية مقررة تتعلق بشأن المسلم إذا مات، مثل تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، ومن ذلك دفنه في مقابر المسلمين. ذلك أن للمسلمين طريقة في الدفن واتخاذ المقابر، من حيث البساطة والتوجيه إلى القبلة، والبعد عن مشابهة المشركين والمترفين وأمثالهم.

هذا، وإن القيام بدفن الميت حيث يموت هو الأصل شرعًا، وهو أيسر من تكلف بعض المسلمين نقل موتاهم إلى بلاد إسلامية؛ و خصوصًا بعد إقدام المغرب على إغلاق حدوده الجوية والبحرية، في إطار الإجراءات الاحترازية التياتخذتها الدولة لمحاصرة فيروسكوروناالمستجد، و قد وجد عدد من مغاربة العالم، خاصة بالديار الأوروبية، أنفسهم أمام إشكال شرعي يتمثل في دفن أقاربهم المتوفين خلال هذه الأيام بسبب تعذّر نقل جثامينهم إلى المغرب.

ورغم وجود مقابر إسلامية في بعض الدول الأوروبية، فإن قلتها وبعدها يصعّب مأمورية المهاجرين المغاربة في نقل جثامين أقاربهم المتوفين لدفنها فيها. ولتجاوز هذا الإشكال،في الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم حاليا، أجاز المجلس الأوروبي للعلماءالمغاربة دفن الموتى المسلمين في المقابر العمومية ببلدان إقامتهم.

ويختلف الفقهاء حول مسألة جواز دفن موتى المسلمين في مقابر غير المسلمين، وينحو أغلبهم نحو تحريم ذلك، إلا إذا كانت بداخلها رقعة خاصة بالموتى المسلمين؛ لكن وباءكوروناالذي اجتاح العالم جعل المسلمين المقيمين في الدول الغربية يجدون صعوبة تصل حد الاستحالة، كماهو الحال بالنسبة للمغاربة، لنقل جثامين ذويهم المتوفين إلى المغرب، جراء إغلاق الحدود.

وقال المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، في رأي موجه إلى المسلمين المقيمين في أوروبا،إن الظروف القاهرة التي يمر بها العالم، والتي فرضت على بلدان إسلامية، مثل المغرب، إغلاق حدودها، تقتضي التعامل بمرونة مع مسألة دفن الموتى الذين يتعذر نقلهم إلى بلادهم الأصلية،مؤكدا أنهيجوز دفن الميت في البلد الذي توفي فيه بالمقبرة العمومية، وخاصة المقبرة التي خصص جزء منها لدفن أموات المسلمين“.

” أؤكد للمسلمين أنه يجوز شرعا دفن أموات المسلمين في بلدان إقامتهم بأوروبا، نظرا للظروف التي يمر بها العالم في هذه الأيام العصيبة (أيام وباء كورونا ) و أضاف أنه لا يجوز الاحتفاظ بجثث الأموات في الثلاجات إلى أجل غيرمعلوم؛ فدفن الميت كيفما كان الحال يعد تكريمًا و ترك الجثة في مستودع الأموات يعتبر انتهاكا لحرمته و تعذيبا لأهله ،والسنة قاضية بالمسارعة في تجهيز الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((أَسرعوا باْلجَناَزة…)) متفق عليه.

مع العلم أن الأرض كلها لله، فأينما دفن الإنسان فهي أرض الله، قال الله تعالى: ولِلَّه اْلمشِرق واْلمْغِرب فَأَيَنما تُولُّوا فَثََّم وجه اللَّه } (سورة البقرة).

ومازال عدد من المغاربة القاطنين في الديار الأوروبية ممن توفي أقارب لهم خلال الأيامالأخيرة ينتظرون نقل موتاهم إلى المغرب ليدفنوا في تراب بلدهم الأصلي بمقابر المسلمين،ويحتفظون بجثامينهم داخل مستودعات الأموات في بلدان الإقامة..

أما بالنسبة للصلاة على المسلم المتوفى بسبب فيروسكورونا، فأكد المجلس أن الصلاة علىالميتلا تسقط بحال من الأحوال ولو غيابيا، ويكفن ولو من فوق لباسه الذي توفي فيه ويصلىعليه ويدفن، موضحا أنصلاة الجنازة فرض كفاية يقوم بها البعض ولو شخص واحد، ويدعو لهجميع المسلمين ممن سمعوا بوفاته بالرحمة والمغفرة؛ فالدعاء يصل إلى الميت أينما كانبإجماع العلماء“.

من جهة ثانية، حثّ المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة على الالتزام التام بالتعليمات الصادرة عن السلطات المختصة والمرافق الصحية؛وذلك حفظا للبلاد والعباد من هذا الوباء الفتاك، كما دعا إلى التكافل والتعاون مع جميع مكونات المجتمع في هذه الظروف العصيبة،وتقديم يد العون للمحتاجين ، داعيا المسلمين إلى الإكثار من الدعاء فيجوف الليل، والاستغفار والتضرع إلى اللهبأن يرفع هذا الوباء عن البشرية جمعاء، وأن يحفظ منضرره البلاد والعباد، ويكتب للمصابين به الشفاء والعافية“.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: