العزل المنزلي يكشف مواهب رجال في الطبخ

عجت مواقع التواصل الاجتماعي بعد فرض العزل المنزلي بسبب تفشي فايروس كورونا المستجد في أغلب الدول العربية، بصور كثيرة وفيديوهات متعددة لأطباق من الطعام أعدت بأيدي أبناء وأزواج، حيث أقبل الرجال بشغف على المطبخ معتبرين أن له دورا كبيرا في كسر حالة الملل التي يعيشونها بسبب الحجر.

تونس – على الرغم من الخلافات الأسرية التي سببها تواجد الرجال الدائم في المنزل، إلا أن الحجر الصحي الذي فرضه تهديد فايروس كورونا لحياة الملايين من الأشخاص مؤخرا كشف قدرة الكثير منهم على الـتأقلم مع الوضع الجديد والتقرب إلى الأسرة ومعايشة أدق التفاصيل التي تحدث داخلها، كما أظهر مواهب الأزواج وقدرتهم على دخول المطبخ ومساعدتهم على إعداد الطعام للأسرة، وعلى طهي حتى الوصفات التقليدية الصعبة التي تتميز بها الأسر العربية.

وشارك الكثير من الأزواج وشباب عرب صورهم وفيديوهات على هاشتاغ #صورتكفيالصالة وهم يساعدون على إعداد الطعام ويطهون أطباقا وصفوها بأنها لذيذة وناجحة وتنافس الأطباق التي تعدها النساء في العادة.

وأوضح معتز محمد، صاحب الفكرة، أن الهاشتاغ جاء لتحويل أزمة فايروس كورونا من شيء سلبي يؤثر على المزاج بشكل عام إلى شيء إيجابي، خاصة مع حظر التجوال، إذ “أردنا أن نقوم بشيء إيجابي نخفف به عن الجميع الضغوطات التي يعيشونها بسبب تفشي هذا الفايروس”.

ولفت محمد إلى أن غرفة الجلوس كانت في السابق مكانًا تتجمع فيه الأسرة لمشاهدة التلفزيون والتسامر ليلًا، ولكنها تحولت في السنوات الأخيرة إلى مكان للتجمع خلال المناسبات. فقد بات كل فرد منشغلا عن الآخر ومكتفيا بالحديث مع أصدقائه عبر الإنترنت، بدلا من الاستمتاع بالتّحاور مع أسرته.

وتابع “تمكنا من عرض الكثير من الصور التي كشفت الجوانب الأسرية الإيجابية التي افتقدناها في السنوات الماضية، مثل مساعدة الزوج لزوجته على إنجاز أعمال المنزل وهذا الأمر ليس عيبا، بالإضافة إلى اقتراب الأب والأم من أبنائهما، و(هو ما يجعلهم) يبتكرون أشياء بسيطة تدخل السعادة على جميع أفراد الأسرة”.

واتفق الأزواج العرب على أن الفراغ والملل أجبراهم على دخول المطبخ واعتبروا أن ذلك ليس تجربة السيئة بل هو مناسبة جيدة لها إيجابيات كثيرة.

فايروس كورونا أظهر مواهب الأزواج ومساعدتهم على إعداد الطعام للأسرة، وعلى طهي حتى الوجبات التقليدية الصعبة

وقال ناشط على تويتر “أتوقع أن يشهد رمضان الذي سيحل قريبا بيننا تغييرا نوعيا في المطبخ، فسوف نرى صولات وجولات الرجال في المطبخ، وسيعرف الرجال أهمية زوجاتهم وما كن يعانينه في رمضان من الطبخ وكثرة الضيوف وهن صائمات”.

وتشاركت نساء عربيات عبر وسم #فعالياتالحجرالمنزلي صورا لأزواجهن وهم يخوضون تجارب كانت حكرا عليهن فيما مضى، فشوهد الرجال وهم يلفون أوراق “المحشي” ويعدون أطباق الملوخية والكسكسي والكثير من الأطباق الأخرى بالإضافة إلى مساعدة الزوجات على تخزين حبات الجلبانة وبعض المواد الغذائية التي اعتادت الأسر على تخزينها لشهر رمضان.

وعلى الرغم من أن بعض الزوجات تعاملن بسخرية مع إنجازات الرجال في المطبخ ووصفنها بالتجربة الفاشلة، إلا أن زوجات كثيرات عبّرن عن سعادتهن بالتحول الذي طرأ على أزواجهن ووددن أن تطول فترة العزل لكي يتخلصن من عبء الطبخ الذي أرهقهن على مدى سنوات طويلة.

وقال أحد الأزواج إن الطبخ ليس مهمة صعبة مثلما كان يظن، مشيرا إلى أنه يحتاج إلى الصبر والتنظيم، ونصح بإعداد أكثر من صنف للأيام اللاحقة لتوفير الجهد والوقت.

وأضاف أن دخوله إلى المطبخ وطهي الطعام يسعدان زوجته كثيرا ويجعلانها تجزل في مدحه ومدح كل ما يطبخه، مبينا أنه لم يكن يظن أن هذه التصرفات التي يراها بسيطة سوف يكون لها هذا الصدى الكبير داخل المنزل وسوف يكون لها هذا التأثير الإيجابي على أجواء المنزل في هذا الوقت العصيب الذي تعيشه أغلب أسر العالم.

ولفتت إحدى الزوجات إلى أن هذه الظروف أظهرت مواهب زوجها في الطبخ. وقد وجد صعوبة في بداية الأمر، غير أنه بعد نجاح الطبق الأول الذي أعده وثناء جميع أفراد الأسرة على ذلك أصبح أكثر إقبالا على الطبخ، وأصبح يتفنن في إعداد الأطباق التي تفضلها الأسرة.

وأضافت أن هذه الخطوة جعلتها تشعر بالانسجام والتوافق أكثر مع زوجها كما أنها ملأت وقت فراغه، مشيرة إلى أن شغف زوجها بالطهي لا يبدو له عبئا بقدر ما يسهم في إحساسه بالمتعة وإدخال البهجة عليها، مما يضفي السعادة والهدوء على العلاقة بينهما ويساهم في استقرار الحياة الأسرية عامة والابتعاد عن المشاكل والصراعات التي تجعلها تتوتّر بسبب كثرة المهام المنزلية، ومن بينها مهام الطبخ.

التفنن في إعداد الأطباق 

وأكد محمد علي، مدرس في إحدى المدارس ، أن كل زوج بإمكانه أن يكون عضوا فعّالا في المطبخ ويمكنه أن يساعد شريكة حياته على إعداد الطعام، ويثبت بذلك أن هذه المهمة لا تقتصر على النساء دون الرجال، حيث بينت التجارب التي قام بها الكثير من الرجال خلال فترة الحجر الصحي أنهم موهوبون وقادرون على إعداد أطباق تضاهي ما تعده الزوجات، وبالتالي فالزوج قادر على مساعدة الزوجة ليس فقط في هذه الفترة التي يبحث فيها عما يشغله ويملأ وقت فراغه الطويل بل أيضا في المناسبات وفي شهر رمضان خاصة الذي تعيش فيه المرأة ضغوطا شديدة نتيجة إعداد أصناف متعددة من الأطعمة تلبية لشهوات الزوج والأبناء التي لا تنتهي.

وقال يوسف بن محمود، موظف بشركة خاصة، إنه يسعى إلى مساعدة زوجته خلال هذه الفترة التي اضطر فيها إلى البقاء في المنزل في الوقت الذي تعمل فيه زوجته عن بعد، ووجد نفسه بحكم تفرغه مضطرا إلى إعداد الطعام، مشيرا إلى أنه لم يكن يتصور أن يجد الأمر بهذه البساطة.

وذكَر أن الإنترنت كانت خير مساعدا له على إعداد الأطباق التي كان يراها صعبة، وأصبح الطبخ بالنسبة إليه عملية ممتعة يتطوع كل يوم لينوب زوجته في القيام بها، مبينا أنه لا يمكن الجزم بأن الشغف بالطبخ الذي يعيشه في هذه الفترة سوف يتواصل بعد انتهاء الحجر وعودة الخروج من المنزل، وأكد أنه في جميع الحالات سوف يحرص على مساعدة زوجته في المطبخ خاصة في شهر رمضان.

وأكد أخصائيو العلاقات الأسرية أن فترة الحجر الصحي ستنعكس إيجابا على الأسر التي تعيش استقرارا وتفاهما، وستمنحها فرصة ثمينة للمزيد من التقارب والتوافق، كما أنها ستغير بعض السلوكيات السلبية، مثل اعتبار المطبخ منطقة خاصة بالنساء ويبتعد عنها الأزواج قدر الإمكان، فقد أظهرت هذه الظروف الاستثنائية قدرة الرجال على الإبداع في الطبخ وتميزهم فيه، فلماذا لا يحافظون على ذلك بعد انتهاء العزل المنزلي؟

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: