تداعيات كورونا تهدد بتفكك الاتحاد الأوروبي

صرّحت مسؤولة فرنسية الأحد، بأن وباء كورونا يضع مصداقية الاتحاد الأوروبي على المحك، وذلك في إشارة إلى غياب التضامن الأوروبي وإمكانية صعود التيارات الشعبوية الرافضة لمؤسسات التكتل الأوروبي.

وقالت وزيرة الشؤون الأوروبية إميلي دو مونشالان الأحد، إن كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي مع تفشي فايروس كورونا ستحدد مصداقيته وجدواه، وذلك بعدما أخفق التكتل الأوروبي الأسبوع الماضي في الاتفاق على إجراءات لتخفيف تداعيات الوباء على الاقتصاد.

وقالت الوزيرة الفرنسية في تصريحات لراديو فرانس إنتر “إذا كانت أوروبا مجرد سوق موحدة في أوقات الرخاء، فلا مبرر لها”.

وأضافت أن “الأحزاب الشعبوية في أوروبا ستكون هي الفائزة إذا أخفق قادة الاتحاد الأوروبي في العمل معا أثناء أزمة كبرى”.

ويتوقع مراقبون أن يتنامى دور اليمين المتطرف الرافض للتكتل الأوروبي ومؤسساته بعد الأزمة الصحية التي يشهدها العالم خاصة مع بقاء إيطاليا لوحدها تُقاتل الوباء، ما جعلها تتصدّر قائمة الدول الأكثر تضررا بالجائحة من ناحية الوفيات (أكثر من 10 آلاف حالة وفاة).

وفي هذا السياق حذّر الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية جاك دولور من أن “المناخ الذي يبدو سائدا بين رؤساء الدول والحكومات وغياب التضامن الأوروبي يمثلان تهديدا قاتلا للاتحاد الأوروبي”.

إميلي دو مونشالان: الأحزاب الشعبوية الفائز من عدم عمل الأوروبيين معا أثناء الأزمة

وخرج دولور (94 عاما) الذي شغل سابقا منصب وزير الاقتصاد الفرنسي وترأس المفوضية الأوروبية بين 1985 و1995، عن صمته لإطلاق تحذير “الجرثومة عادت من جديد”.

فعلى غرار ما حصل خلال أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو التي بدأت عام 2010 في أعقاب أزمة 2008 المالية، عاد الشرخ القديم للظهور بين دول الشمال -مثل ألمانيا وهولندا- التي لها سياسة مالية عمومية سليمة، وبين دول الجنوب على غرار إيطاليا وإسبانيا وحتى فرنسا التي تتهم بالتراخي في تطبيق القواعد الضابطة للموازنة.

ووجّه رئيس الحكومة الإيطالي جوزيبي كونتي، دعوة إلى الاتحاد الأوروبي “لكي لا يرتكب أخطاء مأساوية”.

وأضاف في تصريحات صحافية أدلى بها السبت “يوجد خطر بأن يفقد الاتحاد الأوروبي سبب وجوده”.

وعبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الخشية ذاتها، وقال في تصريحات لصحف إيطالية الجمعة “لن نتغلّب على هذه الأزمة دون تضامن أوروبي قوي على مستوى الصحة والموازنة”.

وتساءل ماكرون “هل يختصر الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو بمؤسسة مالية ومجموعة قواعد شديدة المرونة تسمح لكل دولة بالتصرّف بشكل أحادي؟ أم نتصرّف معا لتمويل مصاريفنا وحاجياتنا خلال هذه الأزمة المصيرية؟”.

ودعت إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وستّ دول أخرى في منطقة اليورو هذا الأسبوع إلى إصدار سندات دين مشتركة لتعبئة الموارد من السوق لصالح جميع الدول الأعضاء.

ويرى مراقبون أن الاتحاد الأوروبي الذي شقت طريقه أزمة المهاجرين وجعلت تيارات شعبوية سطع نجمها في سماء أوروبا يواجه خطرا جديدا يهدّد تماسكه.

وأخرجت الأزمة الصحية بعض الخلافات بين القادة الأوروبيين إلى العلن حيث تطالب بعض دول الجنوب على غرار إيطاليا، التي تعاني أزمات مادية حادة، بمدّ يد العون لها من قبل الأوروبيين.

وتطالب إيطاليا على سبيل المثال بتشارك الديون لكنّ مطلبها يواجه برفض شديد من دول شمال القارة.

وأدى عجز دول التكتل على الاتفاق على خطة مالية مشتركة قوية في مواجهة أزمة صحية غير مسبوقة يبدو أنها ستسبّب ضررا كبيرا باقتصاد الاتحاد إلى تعالي الأصوات بضرورة إبراز تضامن أكبر لتخطي “المحنة”.

وفي حوار له مع صحيفة بيلد الألمانية، عبّر وزير الخارجية والاقتصاد الألماني السابق، الاشتراكي الديمقراطي زيغمار غابرييل، عن خشيته من أن يرى “أوروبا تتفكك”.

وأضاف “إن لم نكن مستعدين الآن لتقاسم ثروتنا لا أعلم ماذا سيحصل لأوروبا”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: