الإسلام السياسي يحرض المدن المغربية على العصيان المدني
عبّرت مصادر سياسية مغربية عن استغربها من تزامن مسيرات في مدن متباعدة نسبيا، خرقت حالة الطوارئ التي فرضتها السلطات لمواجهة وباء كورونا، موجهة أصابع الاتهام إلى عناصر تتبع جماعات الإسلام السياسي بالوقوف خلف هذه التجمعات للتحريض على العصيان المدني.
وفي خرق لحالة الطوارئ التي أعلنتها السلطات المغربية، للحد من انتشار فايروس كورونا المستجد، خرج العشرات من أهالي مدن طنجة وفاس وسلا وتطوان، في ساعات متأخرة من مساء السبت، في مسيرات جابت عددا من أحياء المدن وشوارعها مرددين هتافات “الله أكبر” و”لا إله إلا الله”.
وينتظر أن تعقد اليوم الاثنين لجنة الشؤون الداخلية بمجلس النواب، اجتماعا لدراسة مشروع قانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية، وستتم مناقشة مشروع القانون من قبل وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت، بعد أن قرر اتخاذ تدابير أمنية صارمة وفرض عقوبات جنائية نافذة تجاه أيّ خرق لمقتضيات حالة الطوارئ.
ودعا عدد من فقهاء القانون الدستوري إلى تفعيل “حالة الحصار كما جاءت في الفصل الـ74 من الدستور المغربي، حيث يمكن الإعلان عنها لمدة ثلاثين يوما، بمقتضى قرار لرئيس الحكومة، ولا يمكن تمديد هذا الأجل إلا بالقانون”.
وأعربت أوساط سياسية وثقافية ودينية وإعلامية وأكاديمية مغربية، عن استيائها من تلك التجمعات التي تعرّض حياة المغاربة لخطر انتشار الوباء، منددة بهذا السلوك غير المسؤول الذي تقف خلفه توجهات سياسية ضيقة.
وتقدمت كل من “جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان”، و”مؤسسة آيت الجيد بنعيسى للحياة ومناهضة العنف” و”الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب” في شخص ممثليهم القانونيين ضد المشتكى بهم: الداعية السلفي رضوان بن عبدالسلام، والراقي أشرف الحياني، وكل من سيكشف عنهم البحث، إلى رئيس النيابة العامة من أجل التحقيق مع الداعين إلى خرق حالة الحجر الصحي التي اتخذتها السلطات.
وكان الراقي أشرف الحياني، المنتمي لإحدى جماعات الإسلام السياسي، قد حرّض عبر صفحته على فيسبوك على كسر حالة الطوارئ، بالتجمهر في الشارع العام، وكتب “المغاربة يستجيبون لنداء الراقي أشرف الحياني، للتكبير والتهليل وذكر الله تعالى والتضرع إليه” حيث شارك فيديو مباشر يظهر أشخاصا في الشارع يكسرون قرار وزارة الداخلية بتقييد حركة المواطنين.
واعتبرت الشكوى المقدمة ضد المحرّضين على خرق حظر التجول، أن في هذه الخطوة غير مأمونة العواقب “مساس بليغ واعتداء مباشر على الحق في الحياة والصحة العامة”، و”مس خطير بالنظام العام عرّض الآلاف من المغاربة لخطر الوباء المنتشر في العالم في استهتار تام بكل قواعد القانون وقرارات السلطات العمومية”.
واعتبر سعيد جعفر، الباحث في سوسيولوجيا الدين، ما حدث مقصودا ومدروسا حيث كان هناك حرص على تسيير تلك المسيرات في نفس يوم فرض حالة الطوارئ وانتشار الجيش، مؤكدا على أن الهدف من هذا الخروج الجماعي هو إرباك الدولة وإضعافها بالتحريض على خرق حالة الطوارئ الصحية، ودفع السلطة لممارسة العنف وتوريطها أكثر داخليا وخارجيا، وزعزعة ثقة المواطنين في الدولة وقراراتها والعصيان عليها.
وقال الناشط الحقوقي صلاح الوديع “إننا في حالة حرب على الوباء، وفي تدبير هذا العصيان يجب التفريق بين المحرّضين والمنساقين” موضحا أن من ينساقون في هذه التظاهرات هم من الأوساط الهشة اجتماعيا، واستجابتُهم لدعوات التعصب والحقد والكراهية المؤسسة على معتقدات دينية، ليست اصطفافا وراء استراتيجيات الإسلام السياسي بأيّ لون تخفَّى، بل هي نوع من التعبير عن نفاد الصبر.
وعزا رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية في جامعة القنيطرة التجمعات التي شهدتها بعض المدن المغربية، إلى تحريض من قبل بعض التيارات الدينية.
وقال لزرق في تصريح لـ”أخبارنا الجالية ” إن التيارات الدينية دائما ما تستغل التعبيرات الشعبية المتعلقة بالإسلام، مؤكدا أن التجمعات كانت مبادرة شبابية عفوية اندس فيها بعض المنتمين لقوى الاسلام السياسي مرددين هتافات التكبير.
وأكد المحلل السياسي أمين صوصي العلوي، أن خروج مظاهرات سافرة تخرق الحجر الصحي الذي فرضته الدولة حماية للمواطنين، في وقت واحد بكل من طنجة وفاس وسلا، يعني أننا أمام حملة منظمة دبّر لها بليل من جهات مرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين، تستغل البسطاء وتقودهم بشعارات دينية لتحقق مآربها في هذه الظروف العصيبة.
وأكد سعيد بيهي عضو المجلس العلمي الأعلى الذي يترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس، أن المتسبب في التَّغْرير بأرواح الناس بدفعهم للخروج المؤدي إلى هلاكهم، ويُخشى عليه أن يكون في حكم الشرع من القتلة، ذلك أن المتسبب عند أهل العلم يأخذ حكم المباشر.
في حين اعتبر محمد الفيزازي، رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ، أن تحول التكبير إلى منشط للعصيان والتمرد أمر غير مقبول، واصفا ما حدث في مسيرات السبت، بالعبث غير محسوب العواقب ومحاولة يائسة للاصطياد في الماء العكر.