المهاجرون في ظروف سيئة في مواجهة كورونا

عرّض وباء كورونا نظام الهجرة في جميع أنحاء أوروبا إلى صعوبات كبيرة بعد أن أغلق الاتحاد الأوروبي حدوده الخارجية لثلاثين يوما، ما دفع مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين إلى التذكير بأن ذلك يجب ألا يحرم طالبي اللجوء من الحصول على ملاذ وألا يدفعهم إلى أن يعودوا أدراجهم.

جمّدت ألمانيا برامجها الإنسانية لاستقبال اللاجئين القادمين من تركيا ولبنان بعدما كانت تعهدت بالتكفل بـ5500 شخص معظمهم من السوريين، فيما سمحت تركيا مؤخرا لعدد كبير من المهاجرين وطالبي اللجوء بالعبور إلى اليونان ضمن خطتها لابتزاز دول الاتحاد الأوروبي ودفعها لمساندتها في معركة إدلب السورية، ما فاقم المعاناة.

وتم الحد من تقديم طلبات اللجوء، وأصبح الأمر غير ممكن ما لم يخضع مقدم الطلب لتحليل يثبت عدم إصابته بكوفيد19- بعد 14 يوما في حجر صحي، ما يعقد وضعيات طالبي اللجوء.

وقالت وزارة الداخلية الألمانية إن بعض المقابلات التي تشكل عنصرا أساسيا في إجراءات منح اللجوء، تم تعليقها. وفي ألمانيا حيث يعيش 1.3 مليون طالب لجوء ومهاجر، توقف العمل بشكل شبه كامل تقريبا في الإدارات الحكومية المخصصة لهم.

و حذر نواب أوروبيون ومنظمات غير حكومية من حدوث “كارثة” صحية، فيما يبدو المهاجرون في أوروبا في وضع هش في مواجهة وباء كوفيد19- مع تعليق برامج استقبالهم وإجراءات منح اللجوء وفرض الحجر الصحي.

وأدى هذا الوضع المشوش إلى صدامات في مركز يضم 533 مهاجرا في الحجر في سول شرق ألمانيا، ما اضطر السلطات إلى نشر مئتي شرطي وإرسال 22 شخصا إلى سجن قديم للفتية.

ويشعر المتطوعون والمنظمات غير الحكومية بالقلق من التخلي عن هذه المجموعة الهشة، إذ أنه لا يمكنهم العيش بمسافات تفصل بينهم في غرف صغيرة وحمامات ومطابخ مشتركة.وقالت المتطوعة صوفيا التي تتابع عدداً من العائلات الأفغانية في مركز في شمال شرق برلين إن “الأطفال يواصلون الجري في الممرات”.

وأضافت هذه الشابة التي تطالب بمنع الزيارات في هذا المركز “وضع سائل مطهر عند المدخل لكن لم يتخذ أي إجراء آخر”.

في ألمانيا حيث يعيش 1.3 مليون طالب لجوء ومهاجر، توقف العمل بشكل شبه كامل في الإدارات المخصصة لهم

وفي فرنسا وبسبب إجراءات العزل والخوف من العدوى، أصبح المتطوعون نادرين في كاليه حيث يتجمع نحو ألفي مهاجر، والنتيجة هي أن وجبات الطعام توقفت.

وحذر أنطوان نير من المنظمة غير الحكومية “أوتوبيا 56” من أنه “إذا انتشر الفايروس في مخيم ما فستحدث كارثة”.

وقال النائب الأوروبي عن دعاة حماية البيئة الألمان إيريك ماركارت إنه في اليونان حيث يقيم عشرات الآلاف من الأشخاص في مخيمات محرومة من الشروط الصحية الأساسية، يلوح خطر “كارثة” صحية. وأوضح “إذا لم يتم إخلاء هذه الجزر فستحدث كارثة في الأمد المتوسط”.

وتدعو المنظمة الألمانية غير الحكومية “برو-أزيل” أيضا إلى “تضامن أوروبي” لاستقبال المهاجرين العالقين في الجزر اليونانية وبينهم “عشرة آلاف قاصر”.

وأكدت برلين من جديد التزامها التكفل بعدد من أطفال ينوي الاتحاد الأوروبي إجلاءهم من المخيمات.

ولتجنب انتشار المرض، فرضت أثينا قيودا على حرية تنقل المهاجرين في جزر بحر إيجه. وأطلقت منظمة أطباء بلا حدود حملة إعلام عن الفايروس.

وعبر نواب أوروبيون عن استيائهم لأن “لا فائدة كبيرة من توزيع منشورات تتضمن نصائح حول النظافة الصحية… إذا كان الناس لا يستطيعون المحافظة على مسافات بينهم لأنهم ينامون تحت الخيام ملتصقين ببعضهم”.وحمّلت الحكومة الألمانية تركيا على وجه الخصوص مسؤولية تفاقم أزمة اللاجئين على الحدود التركية اليونانية بعد أن أعلنت أنقرة في وقت سابق فتح حدودها للمهاجرين للعبور نحو قلب أوروبا.

Thumbnail

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت “تركيا تتحمل على نحو واضح تماما مسؤولية الزج بهؤلاء الأفراد اليائسين في مأزق”.

وأضاف زايبرت، في إشارة إلى التدفق الأخير للمهاجرين على الحدود مع اليونان، “تركيا ألقت للأسف مخاوفها الجادة، التي يتعين على الاتحاد الأوروبي استيعابها والتحدث بشأنها مع أنقرة، على عاتق هؤلاء الأفراد”.

وتأمل تركيا أن تنال دعماً من الاتحاد الأوروبي لعملياتها العسكرية في شمال غرب سوريا، وهو ما جعلها “تبتز” الأوروبيين بورقة المهاجرين.

وأدت العملية العسكرية التي يشنها النظام السوري في منطقة إدلب، آخر معقل لمجموعات معارضة وجهادية، بدعم من موسكو، إلى كارثة إنسانية مع نزوح أكثر من مليون شخص. وتخشى أنقرة دخولهم إلى أراضيها.

وكانت تركيا توصلت مع الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق في مارس 2016 ينص على إعادة اللاجئين الموجودين في اليونان إلى تركيا إذا لم يحصلوا على حق اللجوء في أوروبا.

كما يشترط الاتفاق استقبال الاتحاد الأوروبي للاجئين سوريين من تركيا بطريقة شرعية، إلى جانب تعهده بتقديم مساعدات مالية بقيمة 6 مليارات يورو لدعم الحكومة التركية في تقديم خدمات للاجئين على أراضيها.

ويأتي تهديد تركيا انتهاكا للاتفاق المبرم بينها وبين الاتحاد الأوروبي والذي أدى إلى تراجع كبير في أعداد المهاجرين الذين يتوجهون نحو اليونان، لكن أثينا والاتحاد الأوروبي تحدثا عن ارتفاع في عدد الوافدين في الأشهر الماضية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: