السياحة المغربية ضحية فيروس كورونا

تصاعدت تحذيرات الأوساط السياحية المغربية من سقوط القطاع في ركود إجباري بسبب تداعيات وباء كورونا، بعد أن قررت السلطات وقف كافة الرحلات الدولية إلى البلاد التي تعتمد بشدة على هذه الصناعة التي تعد ركنا أساسيا في الاقتصاد المحلي.

أكد العاملون في السياحة المغربية أن القطاع سيكون من أكبر ضحايا أزمة تفشي فايروس كورونا عالميا، بعد التوقيف التام لجميع الرحلات الدولية.

وقالت الكونفدرالية الوطنية للسياحة في بيان إن الفنادق أصبحت فارغة، وبات الآلاف من العمال والموظفين يواجهون خطر التسريح، وهو نفس الوضع بالنسبة لوكالات الأسفار وشركات النقل.

وتوقع رئيس الكونفدرالية عبداللطيف القباج أن تتكبد تلك القطاعات خسائر تقدر بنحو 34 مليار درهم (3.5 مليار دولار) بحلول نهاية العام نتيجة تراجع الإيرادات إذا ساءت الأمور أكثر.

ورجح أن يتكبد قطاع الفندقة لوحده خسائر تصل إلى حوالي 15 مليار درهم (1.55 مليار دولار).

وطالب القباج وزارة الاقتصاد والمالية بتخفيف تداعيات الأزمة من خلال إلغاء مساهمات الضمان الاجتماعي، مع الحفاظ على حقوق الموظفين وتقديم إعفاءات ضريبية طوال فترة الأزمة للحد من الأعباء المالية للشركات والسماح بالحفاظ على الحد الأقصى من مدفوعات الأجور.

نادية فتاح العلوي: علينا البحث سريعا عن بدائل والتكيف مع الوضع المستجد

وحسب توقعات خبراء بنك سي.أف.جي، فإن القطاع قد يشهد تراجعا هذا العام بنسبة 39 في المئة من عدد السياح قياسا بالعام الماضي، وذلك نظرا للاعتماد الكبير للقطاع على الوافدين من منطقة الاتحاد الأوروبي.

وتمثل نسبة الانخفاض ما يعادل غياب أكثر من 5 ملايين سائح في العام الحالي، الأمر الذي ينعكس في تأثيرات سيئة على العائدات من العملات الصعبة.

ويحتل قطاع السياحة المرتبة الأولى من حيث عوائد السلع والخدمات بنسبة تبلغ 22 في المئة، بينما يساهم بنحو 7 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي.

وترجح التقديرات غياب السياح الإيطاليين وتراجع عدد السياح الفرنسيين بنسبة 50 في المئة وانخفاض أعداد السياح الوافدين من بلدان أخرى بنسبة 20 في المئة.

وبحسب البيانات الرسمية، فقد بلغ عدد السياح الأجانب الذين زاروا المغرب في العام الماضي، نحو 12.9 مليون سائح، بارتفاع 5.2 في المئة بمقارنة سنوية.

وحقق قطاع السياحة عائدات بقيمة 8.25 مليار دولار، بارتفاع 7.7 في المئة قياسا بالعام السابق، إذ يساهم القطاع بتوفير 750 ألف فرصة عمل.

ويتوقع مراقبون مغاربة، تضرر القطاع، الذي يعد ثاني مصدر للعملة الأجنبية، خصوصا أن أغلبية السياح، الذين يزورون البلاد يأتون من أوروبا، التي سجلت معدلات مرتفعة من حالات الإصابة بالفايروس.

وأمام هذه المستجدات، دعت وزيرة السياحة والنقل الجوي نادية فتاح العلوي إلى البحث سريعا عن بدائل والتكيف مع الوضعية المستجدة مع فتح أسواق جديدة لتعويض الخسارة التي قد تنجم عن التداعيات المفاجئة “لهذه النكبة العالمية”.

ومن الإجراءات الملائمة لدعم القطاع، دعا القباج إلى تأجيل آجال الدفع بالنسبة لمستحقات البنوك من القروض لمدة عام كامل دون أي رسوم أو غرامات، والحفاظ على خطوط الائتمان، وفتح خطوط القروض على مدى 12 شهرا، مع تخفيض سعر الفائدة إلى 2 في المئة خلال هذه الفترة.

وبينما يتسارع تفشي فايروس كورونا قررت السلطات تعليق جميع الرحلات الجوية الدولية من وإلى المغرب، ومنع تنظيم جميع التظاهرات الثقافية والرياضية، التي يشارك فيها أشخاص قادمون من الخارج، أو تلك التي يشارك فيها ألف شخص فما فوق من المقيمين في حالة إقامتها في أماكن مغلقة.

سياح يغادرون المغرب نحو أرض الوطن

ويسلط محللون الضوء على القرارات التي اتخذتها إدارة شركة الخطوط الملكية المغربية خلال اجتماع طارئ لتعليق الرحلات بين الدار البيضاء وبكين والرحلات نحو إيطاليا، ومناقشة إلغاء العمرة من قبل السلطات السعودية، ما من شأنه التأثير على مخططات شركة النقل الجوي المملوكة للدولة.

وأعلنت الحكومة إنشاء لجنة اليقظة الاقتصادية لمواجهة انعكاسات كورونا على الاقتصاد، وتحديد الإجراءات المواكبة ورصد آني للوضعية الحالية، وتحديد خطط في ما يتعلق بمواكبة القطاعات الأكثر عرضة للصدمات الناجمة عن هذا الوباء، من بينها السياحة.

وأكد الخبير المغربي لدى البنك الدولي لحسن حداد أن إلغاء الحجوزات في الفنادق ووقف رحلات الطيران وإلغاء العديد من المؤتمرات سيؤثر كثيرا على القطاع السياحي.

ولفت حداد، الوزير السابق للسياحة، إلى أنه إلى حين عودة الأمور إلى نصابها، يجب التركيز على دعم القطاع والتفكير في إحداث صندوق خاص بدعم الشركات المتضررة من إلغاء الحجوزات ومن الركود الاقتصادي المتوقع.

ووجه البرلماني إدريس الإدريسي ملتمسا لرئيس الحكومة سعدالدين العثماني لاتخاذ إجراءات مستعجلة لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على تجاوز آثار تراجع النشاط السياحي بفعل فايروس كورونا.

وهناك مطالب تتعلق بتعزيز الضمانات الائتمانية باستخدام مختلف الأدوات المتاحة ومنها صندوق الضمان وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وترى كونفدرالية السياحة أنه من الضروري إنشاء صندوق دعم للشركات السياحية للتعامل مع عواقب الأزمات، وإقامة نظام جزئي للتعويض عن البطالة والتزام الدولة بسداد ديون المشغلين.

ومن المقرر أن تعقد لجنتا الاقتصاد والمالية بالبرلمان المغربي اجتماعا مشتركا الثلاثاء المقبل لدراسة تداعيات فايروس كورونا على الاقتصاد، والإجراءات العملية المزمع اتخاذها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: